اعتبر الرئيس التنفيذي لـ «المؤسسة الدولية لتمويل التجارة» هاني سالم سنبل، أن حجم التجارة البينية العربية الإسلامية غير مناسب، نظراً إلى ما تملكه هذه الدول من إمكانات وأسواق وفرص. وأكد أن «عمل المؤسسة يرتكز على تعزيز التجارة وتنميتها بهدف دخول أسواق جديدة، وتمكين التجارة البينية بين الدول الأعضاء في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية وعددها 57». وأوضح أن «المؤسسة حققت هدف إنشائها قبل 10 سنوات بالوصول إلى نسبة تجارة بينية 20 في المئة، ونستهدف خلال السنوات الـ10 المقبلة تسجيل 25 في المئة». ولفت في مقابلة مع «الحياة»، عقب احتفال المؤسسة بمرور 10 سنوات على تأسيسها، إلى أن «هدف المؤسسة تعزيز التجارية البينية التي تعتبر محركاً أساساً للتنمية، وكان من الضروري وجود مؤسسة متخصصة لتحفيز العمل في مجال تدعيم أو مساندة الجهود الأخرى في تعزيز التجارة البينية بين الدول الإسلامية، وأعتقد أن المؤسسة لعبت دوراً كبيراً خلال السنوات الـ10 الماضية، خصوصاً في عملية رفع نسبة التجارة البينية من نحو 10 في المئة عام 2015 إلى 20.3 في المئة، وهذه النسبة كان قادة العالم الإسلامي حددوها في القمة الإسلامية في مكة المكرمة عام 2005 ورسموا طريقاً واضحة وكانت النسبة المستهدفة 20 في المئة، وبجهود الشركاء والعاملين في المؤسسة سواء محلياً أو إقليمياً أو دولياً استطعنا أن نساهم في تعزيز التجارة البينية وبلوغها نسبة الـ20 في المئة المستهدفة عام 2015». وعن الخطط للسنوات الـ10 المقبلة، قال: «لدينا بالفعل برنامج لعشر سنوات جديدة، يستهدف رفع نسبة التجارة البينية إلى 25 في المئة، وما زلنا ننسق مع كل الجهات العاملة في مجال التجارة تحت منظمة التعاون الإسلامي والجهات الدولية المساهمة بشكل أكبر من خلال التمويل أو من خلال عمليات تنمية التجارة، وأمامنا موضوع بناء القدرات في الدول الإسلامية ومساعدة هذه الدول على الارتقاء بمستوى صادراتها ومستوى التنافسية. هذه أمور في غاية الأهمية، لأن التمويل وحده لا يكفي، وبالتالي تقديم هذه البرامج أيضاً كمساند للتمويل بحيث تستطيع أن تساعد هذه الجهات على القيام بدورها». وأضاف: «هذه البرامج ليست مخصصة فقط للقطاع العام، ولكن أيضاً للقطاع الخاص، إذاً هناك تمويل يقدم من خلال آليات التمويل المعروفة، وهناك أيضاً برامج تعمل على بناء القدرات والتدريب، وتتعامل مع القطاعين العام والخاص وحاجات الدول من سلع إستراتيجية وغيرها، وبرامج بناء القدرات والتدريب. وفي الوقت ذاته، نتعاون مع القطاع الخاص في مجال التدريب وبناء القدرات وإقامة المعارض الدولية. ومساهمة المؤسسة واضحة في هذا المجال، من خلال أيضاً تمكين الدول في المشاركة في هذه المعارض. ونحن نقدم تمويلات مباشرة للفلاحين في الدول الأعضاء لمساعدتهم في التصدير، ونساعد في تحسين إنتاجية الأرض من خلال تعريفهم بأساليب جديدة في الزراعة، ونقل خبرات دولية لهؤلاء والمزارعين ليستفيدوا أكثر وتكون منتجاتهم مضاعفة». ولفت إلى أن «الفرص المتوافرة في القارة الأفريقية غير محدودة، والمؤسسة لم تكن الأولى التي تكتشف هذا الشيء، بل لاحظنا أخيراً على الأقل في خلال السنوات العشر الأخيرة أن هناك توجه جنوب - جنوب، ليس فقط من المؤسسات الدولية التنموية ولكن أيضاً من الدول ذاتها، ونرى جهوداً جبارة من المملكة المغربية تجاه القارة الأفريقية اذ وقع أكثر من 1500 اتفاق، كما لتونس رغبة كبيرة في الاستثمار في القارة». وأضاف: «دخلنا السوق الأفريقية مبكراً، والدول الأعضاء من القارة الأفريقية حضروا بتمويلات كبيرة من المؤسسة، فمولنا قطاعات مهمة مثل قطاع الطاقة، وتوفير حاجات قطاع الطاقة، خصوصاً في دول غرب أفريقيا. ولدينا أيضاً محفظة لعمليات تمويلية للقطن والزراعة، ونساعد الدول في تحسين صادراتها من الفول السوداني في غامبيا والسنغال». ورداً على سؤال عن تجاوز المؤسسة آثار ما بعد عام 2011 والركود العالمي قبل ذلك، قال: «منذ العام 2008 والمؤسسة تمر بمناخ عمل صعب، وأزمات متكررة سواء مالية أو اقتصادية، إلى جانب تحديات واجهت الدول لأعضاء، لكن كل ذلك خلق نوعاً من المناعة ومكن المؤسسة من بناء آليات تساعد على مرونتها. وحاولنا دائماً أن نجد الحلول، فنحن لسنا مؤسسة تمويل فقط، بل نقدم حلولاً للدول الأعضاء في مواجهة الأزمات». وأضاف: «لا شك في أن الأزمات مؤثرة في الدول والقطاع الخاص والمؤسسات، ولكن نجحنا في تجاوز الأزمات بعزيمة وإصرار وفي الوقت ذاته خلق الآليات المناسبة. وإستراتيجيتنا الجديدة تشمل نظرة مستقبلية جديدة، ونرى أن هناك متغيرات كبيرة تحصل في الأسواق المالية والآليات المستخدمة ودخول التكنولوجيا بشكل قوي في عمليات التبادل التجاري. كل ذلك يجعلنا نرى أن من الضروري تحديث أنظمة المؤسسة والطرق التمويلية وإنشاء المنصات التجارية اللازمة، وهذا أحد الأهداف التي نعمل عليها». ولفت إلى أن «المؤسسة ركزت على الدول الأقل نمواً بشكل كبير، وزاد حجم التمويلات التي قدمناها للشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل 80 في المئة من النسيج الاقتصادي، وقدمنا تمويلاً كبيراً لهذه الدول الأقل نمواً، ونحاول قدر الإمكان أن نخصص نسبة كبيرة لها، ما يُثبت اهتمام المؤسسة بالدول الأقل نمواً. كما نساهم في برامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وفي التحول الاقتصادي في المملكة، وأن يكون لنا دور في تنويع الاقتصاد، والاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة، كما صممنا برنامجاً لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة السعودية يتلخص في 3 نقاط، وهي تمكين هذه الشركات من الولوج إلى الأسواق، وبناء قدراتها، وإعطائها الخبرات اللازمة». ورداً على سؤال عن مبادرة «جسور» العربية - الأفريقية، قال سنبل: «مبادرة مد جسور التعاون العربي الأفريقي تأتي في إطار اهتمام المؤسسة في تعزيز التبادل التجاري العربي- الأفريقي والاستفادة من الإمكانات والموارد التي تتمتع بها تلك الدول واستثمارها في مشاريع تنموية، إلى جانب الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في أفريقيا وما تنفرد به من موارد ومزايا جغرافية وطبيعية واستثمارية في تفعيل التبادل التجاري بين الدول العربية والأفريقية والذي لا يزال غير كاف قياساً الى القدر الذي تتمتع به تلك الدول من موارد تجب تنميتها لمصلحة شعوب تلك الدول». وعن مستقبل التعاون بين مصر والمؤسسة، قال: «لدينا في مصر مشاريع استثمارية ضخمة وطويلة المدى، ومجموعة البنك الإسلامي تهتم بها كثيراً لجدواها الاقتصادية العالية، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمارات وائتمان الصادرات، تلعب دوراً في تلك المشاريع، خصوصاً في محور قناة السويس المهمة». يُذكر أن «المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة» أُنشئت بهدف النهوض بالتجارة بين الدول الأعضاء في «منظمة التعاون الإسلامي»، وبدأت عملياتها التشغيلية في كانون الثاني (يناير) 2008. ومنذ ذلك الحين، قامت بتوحيد كل نشاطات تمويل التجارة التي كان يضطلع بها الكثير من المنافذ ضمن «مجموعة البنك الإسلامي للتنمية». ومنذ العام 2008، قدمت المؤسسة أكثر من 40.2 بليون دولار لتمويل التجارة بين الدول الأعضاء في «منظمة التعاون الإسلامي»، وتساعد الكيانات في هذه الدول على تعزيز فرص الحصول على تمويل تجاري وتوفر لها الأدوات اللازمة لبناء القدرات المتعلقة بالتجارة والتي تمكنها من المنافسة بنجاح في الأسواق العالمية.
مشاركة :