بأسلوبه فى الحكي، الذى لا يقل إبداعا وعذوبة، عن أشعاره، يحكى «الخال» كذلك كيف فعل جيران والدته به، حين أصابه الإسهال وهو طفل فى السادسة من عمره، كانوا يرغبون فى «وصل مصرانه» الذى قطع كما قلنا، ما أدى إلى إصابته بالإسهال بقوله: «أتين بملاءة سوداء فرشنها على الأرض، ثم حملننى كخيارة فقدت ماءها ووضعننى فى الملاءة السوداء باطنها مظلم وأى ظلام، وقفن كل امرأة عند طرف، اثنتان من هنا واثنتان من هناك، وصحن وهن يمرجحننى يمينًا ويسارًا كالمرجيحة بخفة أولًا ثم يبدأ العنف حين يسخن الدور ويطلطحننى فى إنشاد رهيب: يا شافى يا عافى شيل الأذى من بطن واد فاطنة من عشية يا عالم بالقصد والنية خزق عين اللى قطعت مصرانه وغيرت لحيته وألوانه هذا الطقس الذى أدين له بحياتى والمتسبب فى هذه الكتابة التى تبعث تعاسة الماضى وحلاوة أيامه اختفى اليوم، فى باطن برشامة صماء ليس بها ملاءة سوداء ولا يامنة أو ست أبوها، لا فاطنة قنديل ولا سكينة، لم يعد العصر الحديث يؤمن بقطع المصران، وإنما أطلق عليه بسطحية شديدة اسم «الإسهال». يوثّق «الأبنودي» كذلك حياة القرية وأشكالها عبر احتفاظه بأغانيها «غناء القرية وجه مكتمل الملامح لكل أشكال الحياة فيها، لكل أنواع التداخلات المتشابكة التى تشكل أسباب استمرارها من علاقات اقتصادية أو اجتماعية أو فكرية أو روحية، القرية بكاملها موجودة ومتجسدة فى غنائها». هذا التراث دفع صاحب الأيام الحلوة إلى القول: «بنى فلاحنا المعاصر أبنيته الفنية، من الموال، إلى أغنيات العمل، إلى أهازيج الأعراس وعديد النائحات، إلى أذكار الرجال ومساجلاتهم الشعرية، إلى الملاحم وغناء الأطفال أولاد وبنات».
مشاركة :