تحل اليوم الذكرى الخامسة على رحيل أحد أهم أعمدة شعراء العامية المصرية الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، أو "الخال" كما يطلق عليه، والذي غيبة الموت عن عالمنا في الـ 21 من أبريل عام 2015. وتُعد مرحلة الطفولة والصبا في حياة " الخال" تمثلان الأهم في حياته، حيث كانتا منبعًا لإبداعه وعنوانًا على مسيرته الفنية والإنسانية حتى رحيله، فقد ألف على مدى حياته دواوين شعرية كثيرة، فضلًا عن كتابته عدة أغانٍ لعدد من أشهر المطربين العرب.ونشأ "الأبنودي" في صعيد مصر، وتعرف على تراث المنطقة وثقافتها، واستمع إلى أشعار السيرة الهلالية وأغانيها التي كان أهل الصعيد يتغنون بها، في ليالي "السمر"، فتأثر بذلك تأثرَا كبيرًا، وعمل الأبنودي على جمع السيرة الهلالية كاملة وفقًا لما سمعه من شعراء الصعيد، وأصدر هذه السيرة في خمسة أجزاء".ولد الأبنودي في 11 أبريل عام 1938 في قرية أبنود بمحافظة قنا الواقعة في صعيد مصر. كان والده الشيخ محمود الأبنودي يعمل مأذونًا شرعيًا، وقد انتقل مع أسرته إلى مدينا قنا واستقر هناك، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس قنا، ثم انتقل إلى القاهرة فدرس في قسم اللغة العربية ضمن كلية الآداب في جامعة القاهرة، وحاز الشهادة الجامعية.واطلع الأبنودي خلال فترة الدراسة على عيون الشعر العربي قديمًا وحديثًا، وأعجب بعدد من الشعراء وعلى رأسهم أبو العلاء المعري.عاصر "الأبنودي" عدد كبير من شعراء العامية المصرية، وفي مقدمتهم فؤاد حداد الذي يعتبره البعض أب العامية المصرية، وصلاح جاهين، وأحمد فؤاد نجم وغيرهم، وكانت مصر في تلك الفترة تمر بتحولات سياسية مهمة كان لها تأثيرها الكبير على الشعراء، ولذا كان من الطبيعي أن تتناول القصائد الأولى التي ألفها الأبنودي مشكلات بيئة الصعيد التي عاش فيها، وأن تجسد أحلام أهل تلك المنطقة وأمانيهم.كان أول الدواوين الشعرية التي ألفها الأبنودي هو ديوان "الأرض والعيال"، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1964، وبعده بعامين تعرض الأبنودي للاعتقال بتهمة الانضمام إلى أحد التنظيمات الشيوعية، فأمضى في سجن القلعة نحو 4 شهور تقريبًا.وفي عام 1967، صدر ديوانه الثاني "الزحمة"، وتبعه ديوانا "عماليات" عام 1968 و"جوابات حراجي القط" في العام التالي.أكمل الأبنودي خلال السبعينيات مسيرة إبداعه الشعري، فألف عدة دواوين شعرية نذكر منها ما يلي: "الفصول" عام 1970، و"أنا والناس" عام 1973، وديوانا "بعد التحية والسلام" و"صمت الجرس" عام 1975، و"المشروع الممنوع" عام 1979 وغيرها. وفي فترة الثمانينيات، حقق الأبنودي أشهر إنجازاته عندما تمكن من إصدار السيرة الهلالية في خمسة أجزاء، والتي جميع فيها أشعار شعراء الصعيد وقصصهم عن بني هلال. وبعدها نشر الأبنودي ديوانا "الاستعمار العربي" عام 1991، والجزء الأول من مختاراته الشعرية عام 1994، كما نشر كتاب "أيامنا الحلوة"، وهو مجموعة من القصص التي نشرها تباعًا في ملحق جريدة الأهرام، ويسرد فيها حكايات مختلفة عن قريته في الصعيد.لم تقتصر مساهمات عبد الرحمن الأبنودي على مجال الشعر قط، بل ألف مجموعة من الأغنيات المشهورة التي ترنم بها مطربو مصر والوطن العربي؛ فألف لعبد الحليم حافظ كلًا من: "عدى النهار"، و"أحلف بسماها وترابها"، و"أنا كل ما قول التوبة"، و"بركان الغضب وغيرها.وحصل على جائزة الدولة التقديرية لعام 2001، فكان بذلك أول شاعر عاميّ يفوز بهذه الجائزة.فاز بجائزة محمود درويش للإبداع العربي عام 2014.وتزوج عبد الرحمن من مخرجة الأفلام التسجيلية عطيات الأبنودي، ولكن زواجها لم يدم طويلًا فانفصلا عن بعضهما البعض، وبعد ذلك تزوج الأبنودي من الإعلامية نهال كمال، وعاش معها طوال حياته، وأنجبا منها ابنتيه آية ونور.توفي الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في القاهرة بتاريخ 21 أبريل عام 2015، وأقيمت له جنازة عسكرية شارك فيها الآلاف من المواطنين المصريين. وبعد وفاته، صدر كتاب "الخال" الذي يتناول سيرته الذاتية.
مشاركة :