قال النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عن ركلة الجزاء التي سجلها في الوقت القاتل في مرمى يوفنتوس: «كان قلبي يدق بأسرع من معدله الطبيعي قليلاً، لكنني حاولت أن أحافظ على هدوئي، لأنني أعرف أنها ستكون حاسمة». لقد نجح صاروخ ماديرا في تسجيل هذه الركلة المثيرة للجدل، والصعود بريـال مدريد للدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا، قبل لحظات من نهاية الوقت المحتسب بدلاً من الضائع للمباراة، واللجوء إلى الوقت الإضافي، بعدما كان ريـال مدريد قد فاز على يوفنتوس بثلاثية نظيفة في تورينو، وكانت النتيجة تشير إلى تقدم يوفنتوس على النادي الملكي بثلاثية نظيفة في مدريد. وأحرز رونالدو هذا الهدف القاتل من ركلة الجزاء المثيرة للجدل التي احتسبت للفريق الملكي بعد سقوط فاسكيز داخل منطقة الجزاء، إثر التدخل عليه من قبل المدافع المغربي مهدي بن عطية في الدقيقة 93 والأخيرة، وقبل 39 ثانية فقط من انتهاء الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، وسط اعتراضات كثيرة من لاعبي يوفنتوس وحصول حارس مرمى الفريق جيجي بوفون على البطاقة الحمراء بسبب الاعتراض على حكم المباراة. وقد قال بوفون بعد المباراة: «حكم المباراة ليس لديه قلب، بل سلة مهملات»، في حين قال فاسكيز: «إنها ركلة جزاء، لقد جاء المدافع ودفعني، لكن الاعتراض شيء طبيعي في مثل هذه المواقف، لأنها احتسبت في الدقيقة الأخيرة بعد مباراة عظيمة». أما رونالدو فينظر للأمور بطريقة مختلفة، حيث قال: «أنا لا أعرف لماذا كانوا يعترضون، لكن هذه هي كرة القدم». وفي حين كان رونالدو يخرج من ملعب المباراة، رأى بوفون وعانقه. ولم تحدث أي مواجهة بين رونالدو وبوفون فور احتساب ركلة الجزاء، حيث حصل بوفون على البطاقة الحمراء وخرج من الملعب، ليلعب الحارس البديل فويتشيك شتشيسني بدلاً منه، بينما كان رونالدو ينتظر لتسديد ركلة الجزاء. ولم يكن هناك أي وقت لكي يُجري شتشيسني عمليات الإحماء، ونزل إلى المباراة وشارك بها دون أن يلمس الكرة. ويعترف رونالدو بأنه شعر بأن الدقائق التي مرت قبل تسديد ركلة الجزاء مرت بطيئة وكأنها دهر كامل. ولقد نزل شتشيسني ووقف على خط المرمى، وظل يقفز ويمسك بالعارضة، بينما كان رونالدو يقف عند نقطة الجزاء ويأخذ نفساً عميقاً، وكأنه يجبر رئتيه على إخراج الهواء الذي ملأهما. وفي الحقيقة، لم يكن رونالدو وحده هو من يقوم بذلك، في ظل الأجواء المتوترة التي سيطرت على المباراة. وفي النهاية، بدأ رونالدو في تنفيذ ركلة الجزاء، بينما كان مدافع الريـال داني كارفاخال يجلس على ركبتيه ولا يستطيع النظر إلى لحظة تسديد ركلة الجزاء. وكانت عقارب الساعة تشير إلى الدقيقة 92 و21 ثانية عندما سقط فاسكيز وتم احتساب ركلة الجزاء، لكنها كانت تشير إلى الدقيقة 96.55 عندما كان رونالدو يسدد ركلة الجزاء. وسدد رونالدو الكرة بقوة في الزاوية العليا على يسار حارس مرمى يوفنتوس، محرزاً بذلك الهدف رقم 15 له في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، بمعدل هدف على الأقل في كل مباراة. وأشاد جورج بوستوس في صحيفة «إلموندو» الإسبانية بقوة أعصاب رونالدو، متسائلاً: «أين يذهب الخوف عندما يهرب من جسدك؟». ويجب الإشارة إلى أن العودة من بعيد في المباريات الصعبة تعد جزءاً لا يتجزأ من شخصية وعظمة ريـال مدريد على مر العصور، وهو ما لخصه المهاجم الإسباني السابق خوانيتو في عام 1986. وكان ريـال مدريد قد خسر بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد أمام إنتر ميلان الإيطالي في مباراة الذهاب لدوري أبطال أوروبا، لكن خوانيتو حذر من أن مباراة العودة ستكون مختلفة، مؤكداً على أن «الدقائق ستمر طويلة للغاية في ملعب سنتياغو بيرنابيو». وكان من المفترض أن تكون الـ90 دقيقة طويلة للغاية على منافسي ريـال مدريد في ملعب سنتياغو بيرنابيو، لكن في مباراة الفريق الماضية أمام يوفنتوس كانت الدقائق طويلة للغاية على لاعبي ريـال مدريد أنفسهم. فعندما سجل يوفنتوس هدفه الأول، لم يكن قد مر من عمر المباراة سوى دقيقة واحدة و16 ثانية، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة وسبع وأربعين دقيقة مساء، لكن عندما أحرز ريـال مدريد هدفه الأول والوحيد، الذي أنهى المباراة، كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة العاشرة وأربعين دقيقة، وهو ما يعني أن نادي ريـال مدريد ولاعبيه وجمهوره قد عانوا بشدة على مدار ساعة و53 دقيقة. وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «أس» الإسبانية يقول: «من الرعب إلى الدور قبل النهائي». في الحقيقة، لقد نجا ريـال مدريد من هذه المباراة بـ«معجزة»، ولا يمكن وصف ما حدث له في أثناء تلك المباراة سوى بكلمة واحدة، وهي «المعاناة». ومع ذلك، هذه هي كرة القدم، وهذا هو سر جمالها وجاذبيتها. وقبل تلك المباراة، قال المدير الفني ليوفنتوس، الإيطالي ماسيميليانو أليغري، إنه «ليس هناك فرصة كبيرة» لفريقه، لكن زين الدين زيدان قال: «في كرة القدم، يمكن لأي فريق أن يقلب الأمور رأساً على عقب بحركة واحدة». لقد أدلى زيدان بهذه التصريحات حتى قبل أن ينجح روما في الإطاحة ببرشلونة من المسابقة، وقد جاءت النتيجة المفاجئة لهذه المباراة لكي تذكرنا بأن لا يوجد شيء مضمون ومسلم به في عالم الساحرة المستديرة. وقال شقيق سيرخيو راموس، رينيه، جملة إسبانية يمكن ترجمتها إلى الجملة التالية: «عندما ترى لحية جارك تُحلق، فجهز صابون الحلاقة للحيتك». وبعبارة أخرى: يتعين عليك أن تكون حذراً، لأن ما حدث لجارك اليوم قد يحدث لك غداً. لكن رغم كل ذلك، لم يكن هناك أي شخص يتوقع ما حدث، وأن يتلقى ريـال مدريد أكبر هزيمة على ملعبه في دوري أبطال أوروبا. وقال زيدان بعد المباراة: «هل كنت أعتقد أننا سنعاني في تلك المباراة؟ نعم، كنت أعتقد ذلك، لكن ما لم أتوقعه هو أن يحرز في مرمانا هدف في الدقيقة الأولى من عمر المباراة. كنت أعرف أنهم سيضغطون علينا، وقد أعد مديرهم الفني خطة عظيمة، ولعبوا مباراة كبيرة، لكننا لم نتوقع أن نستقبل هدفاً في الدقيقة الأولى، وهو ما أثر على معنوياتنا وأعطاهم ثقة كبيرة». وقال فاسكيز بعد المباراة: «لقد كان هذا درساً في كرة القدم، يعلمنا أنه إذا تراخيت، أو إذا لم تركز في كل دقيقة من عمر اللقاء، فلن يرحمك أحد». لكن ريـال مدريد دائماً ما يجد حلاً في المواقف الصعبة، والدليل على ذلك أنه وضع تحت ضغوط كبيرة خلال السنوات الأخيرة، لكنه واصل التقدم وتعثر كثيراً، غير أنه ينجح في كل مرة في الصعود مرة أخرى وتحقيق الفوز، حتى عندما يكون سيئاً. ورغم كل هذه التحذيرات - وربما بسبب هذه التحذيرات - يبدو ريـال مدريد في طريقه للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي. وأضاف فاسكيز: «نعرف أننا عانينا، لكن هذا الهدف قد وصل بنا إلى الدور نصف النهائي». وقالت صحيفة «ماركا» الإسبانية: «لقد نسي يوفنتوس أنه في أوروبا يتعين عليك أن تقتل ريـال مدريد ست مرات، وليس مرة واحدة». وقال الصحافي سانتياغو سيغيرو: «كرة القدم تتغير، لكن ريـال مدريد يظل ثابتاً: جوهر دوري أبطال أوروبا». وكتب مانويل جابويس في صحيفة «إلباييس» الإسبانية يقول: «في بطولة دوري أبطال أوروبا لا يوجد ما يسمى باللعب على ملعبك واللعب خارج ملعبك، لكن هناك مجزرتين لا ينجو منهما الأفضل دائماً، وهذا هو السبب الذي جعل نادي ريـال مدريد يفوز، رغم أنه كان محاصراً مرتعشاً ينتظر لعب وقت إضافي وكأنه ينتظر رصاصة في رأسه. لقد تفوق يوفنتوس على ريـال مدريد، لكن النادي الملكي هو من تأهل للجولة التالية.
مشاركة :