الفتنة.. لعن الله من أيقظها

  • 11/23/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الجريمة المروعة التي شهدتها بلدة «الدالوة» في التاسع من المحرم الجاري لم تستهدف فئة بقدر ما استهدفت الوطن كله بمحاولة إثارة فتنة طائفية يجد فيها الإرهابيون والمتطرفون مرتعاً خصباً لزعزعة أمن واستقرار المملكة ونشر الفوضى والخراب في ربوعها. وخطورة هذا المخطط وتعدد أدواته وأساليبه تجعل من الضروري تسليط الضوء مراراً وتكراراً على أهدافه الحقيقية واستخلاص العبر والدروس. q لماذا لعب الإرهابيون الورقة الطائفية في هذا الوقت بالذات؟ q كيف يمكن قراءة أصداء هذا الحدث وردود أفعال المجتمع السعودي عليه؟ q ما العبر والدروس التي يجب استخلاصها مما حدث؟ وقد أكد المشاركون كافة في هذه القضية على أهمية التكاتف لدحر مثل هذه المخططات الإجرامية وضرورة الحذر الشديد وحفظ الوطن من التصنيفات المذهبية والفتن. ------- المشاركون في القضية - معالي الشيخ أ. د. صالح بن عبدالله حميد: إمام وخطيب المسجد الحرام عضو هيئة كبار العلماء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء سابقاً والمستشار بالديوان الملكي - أ. د. عبدالرحمن بن أحمد هيجان: عضو مجلس الشورى. - د. عبدالله المصلح: الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة. - د. عبدالله بن سعود القباع: أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقاً. - د. محمد بن مريس الحارثي: الأكاديمي والكاتب المعروف. - د. حسن بن علي الأهدل: الأمين العام للهيئة الإسلامية العالمية للإعلام. - رحمة الله بن عناية الله أحمد: مدير عام المؤتمرات والمنظمات برابطة العالم الإسلامي - العميد م. د. محمد علي البنيان: قائد قوة أمن الحرم المكي سابقاً. --------- في البدء يقول أ. د. عبدالرحمن بن أحمد هيجان: أولاً لا يتردد الإرهابيون أو المفسدون في الأرض بشكل عام في استخدام أو توظيف أي ورقة أو حادثة من شأنها أن تحقق أهدافهم؛ ذلك أن الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه هؤلاء المجرمون هو هدف غير مشروع ومنبوذ من جميع فئات المجتمع وبالتالي لا غرابة أن تكون الوسائل التي يستخدمها هؤلاء المجرمون غير مشروعة. لقد جربوا فيما قبل الكثير من الوسائل والطرق الإجرامية لزعزعة أمن المجتمع وكان مصيرها جميعاً الفشل وعدم تعاطف المجتمع مع أفعالهم، بل التصدي لها بالقول والكلمة المكتوبة؛ إذاً نحن لا نستغرب من هؤلاء المجرمين أن يكون هدفهم في هذه المرة هدفاً طائفياً، وفي واقع الأمر أنني أستطيع أن أقول إن ما أقدم عليه هؤلاء المجرمون ليس له علاقة بالطائفية فهم يضربون أهدافاً سنية كما يضربون أهدافاً شيعية في الوقت نفسه يضربون أهدافاً سعودية وطنية كما يضربون أهدافاً أجنبية. إذاً المحرك الأساسي والدافع الجوهري لأعمالهم هي ارتكاب الجريمة بغض النظر عن المستهدف منها. لذلك فإنني أعتقد أنه ينبغي أن نكون واعين وحذرين لمن يستغل مثل هذا الحدث لأهداف طائفية لخدمة غرض أو أغراض معزولة عن الهدف العام للمجتمع. كما أنني يجب أن أشير إلى نقطة مهمة جداً وهي الاستعجال في تحليل الموقف وإصدار الأحكام المضللة. إن القوس يجب أن تعطى لباريها وباري القوس في مثل هذه الحالات هي الجهات المعنية بالأمر فهي المرجع في تشخيص الموقف وتحليله وتزويدنا بالمعلومات الدقيقة، لقد أثبتت الأجهزة الأمنية بمختلف قطاعاتها وعلى رأسها قياداتها الأمنية الرشيدة أن التروي في التعامل مع الأحداث هو أنسب الطرق لمعالجة الموقف وتزويد المواطن بالمعلومات الحقيقية مرة أخرى، أرى أن أي حادث يقع من هذه الفئة الباغية يجب أن ينظر إليه على أنه اعتداء على الوطن بأكمله بدلاً من اختزاله في فئة أو مجتمع أو منطقة دون غيرها. وحول محور ردود فعل المجتمع السعودي يقول أ. د. هيجان: بالنسبة للمجتمع السعودي لعل أول مؤشر على تفاعل المجتمع السعودي مع هذه الحادثة هو استنكارهم لها وشعورهم بالفخر والاعتزاز للسرعة والدقة التي تحركت بها الأجهزة الأمنية في مواجهة المعتدين وشبكاتهم، كما أن هذا الشعور تتوج باستنكار هيئة كبار العلماء وعلى رأسها سماحة مفتي المملكة العربية السعودية. وبالنسبة للدروس والعبر فنحن اليوم نمتلك التجربة في التعامل مع الأحداث واستطعنا أن نكون صورة ذهنية إيجابية في الداخل والخارج على أننا حكومة وشعباً في مواجهة الإرهاب صفاً واحداً. كما أننا تعلمنا الثقة في الله ثم في حكومتنا الرشيدة وفي أجهزتنا الأمنية في التعامل مع هذه الأحداث، وأخيراً إن مثل هذه الأحداث بالنسبة لنا تعد جزءاً من حياتنا العملية المتطورة في التعامل مع الأزمات والكوارث أياً كان مصدرها ومكانها وتوقيتها. كثرت الفتن يقول أ. د. محمد بن مريسي الحارثي: قال الله تعالى (الفتنة أكبر من القتل) وفي آية أخرى (الفتنة أشد من القتل) والفتنة في موقف العلماء منها من أخطر ما يواجه المجتمع المسلم ولذلك وصفوا القائم عليها بوصفها من مكانها من اللعنة (لعن الله الفتنة ولعن الله من أيقظها) فالمجتمع المسلم يفترض فيه تحقيق كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)، وفي عصرنا الحاضر كثرت الفتن وتعددت أنواعها وتنوعت أسبابها حتى أصبح الإنسان وهو في عمله أو في طريقه إلى أشيائه يتحسس ماذا يواجه من أصناف النكران وتصنيف الذات والرمي بما ليس فيه فاعتزل الناس ورأى أن القائم في مثل هذه الأحوال لا بد أن يواجه مصيره منها ولذلك رأى أن الاعتزال طريق النجاة ولا ننسى ما حدث لبعض الدول العربية والإسلامية من الفوضى والقتال عندما لجأ المجتمع إلى النبش في الأصول الانتمائية والتعددات الآيديولوجية والفرق المذهبية؛ فأصبحت كل فرقة تعادي أختها من الفرق الأخرى وهم ينتمون إلى دين واحد أو إلى وطن واحد أو إلى قومية واحدة، ومن صور قيام هذه الفتنة ما سموه بالطائفية ومن نتائجها ما حصل الآن بين السنة والشيعة في أنحاء الأرض وليست في العراق وحدها وما حصل من عارض طارئ في مملكتنا الحبيبة لا بد أن ينظر إليه من يثير النعرات الطائفية نظرة استغلال وإشاعة لما يعرف من ذلك وما لا يعرف، ونحن أعلم بمجتمعنا السعودي وما بينه من لحمة وطنية وتعدد في الأفكار والآراء وحفظ الدولة للمواطن ونهيها عن التصنيفات المذهبية والآيديولوجية ليكون المجتمع مجتمعاً سليماً خالصاً، ولكن هذا الخلوص لا يروق لمن يريد لهذا البلد التفكك والتناحر والتفرق مما تضرب عليه وسائل الإعلام المأجورة التي لا تستفيد أصلاً من إثارة هذه القضايا؛ لأن المكتوين بنارها هم الذين يثيرونها أما الذين يخلدون إلى قيم الحياة الراقية ديناً ومجتمعاً فإن هذا الأمر لا يزيده إلا تماسكاً وترابطاً لتستقيم حياته على سنن الحياة التي أرادها الله سبحانه وتعالى للمجتمع المسلم. ويستطرد أ. د. الحارثي: ولقد سرنا كثيراً ذلك الموقف الحكومي والشعبي الحكومي في توجيهاته وتوجهاته والشعبي في إنكاره لمثل هذه الأعمال والوقوف أمامها صفاً واحداً وما تناولته الصحافة ووسائل الإعلام في مملكتنا من مواقف واعية أمام هذا الحدث ومنبهه إلى خطورة تناقل الأفكار والآراء وصور الحوادث دون معرفة بها فالمفروض أن يترك تناقل هذه الأحداث بين المسؤولين والقريبين منها ليكون الحق أوضح من تخرصات الباطل وحتى لا تنتقل المعلومة الحديثة نقلاً خاطئاً فتشيع النقلة وتتضخم الفكرة وتؤثر على مسيرة الحياة دون ضابط يستطيع أن يضبطها إذا شاعت هذه المنكرات بين الناس، وإثارة مثل هذه القضايا في هذا الوقت بالذات هو من طبيعة الأحداث القائمة في العالم العربي، انظر إلى أين وصلت دولة العراق وسوريا وليبيا وتونس!! وقل مثل هذا للدول التي تنتظر توقعاتها لمثل هذه الأحداث فالجو الآن يقبل انتشار الخبر عن هذه الأحداث وإشاعتها ليكون الناس كلهم في الهواء سواء كما يقال. أما الدروس والعبر التي تستخلص مما حدث فإن الناس ليسوا ملائكة على وجه الأرض فالإنسان يخطئ ويصيب وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلكم خطاء وخير الخطاءين التوابون، ومن العبر أن اللحمة الاجتماعية الموحدة هي الحصن الحصين ضد من تسول له نفسه الإساءة إلى هذا البلد الطيب. قوى خارجية ويؤكد العميد م. د. محمد علي البنيان بأن المخطط لهذه العملية والعمليات السابقة التي تستهدف إثارة الفتن وزعزعة أمن الوطن تديره أيادٍ خارجية معروفة تملك زخماً من الحسد والحقد ضد هذا الوطن ومقدساته ولا تريد الأمن والسكينة أن تتم لأبناء هذا الوطن والألفة التي نشاهدها بينهم من عدة عقود، ونظراً لأن هناك الآن زحفاً على دول العالم العربي خاصة المحيطة بنا في زعزعة أمنها للسيطرة عليها مستقبلاً ، حيث إن المملكة في مأمن ومنأى عن هذا الزحف لقوة الأمن وقوة تماسك أبناء هذا المجتمع مع قيادتهم لذا أصبحت المملكة هي الهدف المستقبلي لهم بهدف تحقيق أهدافهم في السيطرة على المنطقة ككل بالتدخل أثناء حدوث الفتن والحروب الأهلية؛ وما هؤلاء الإرهابيون الذين قاموا بهذه العملية إلا وسيلة من وسائل هذه القوى الخارجية لإثارة هذه الفتن وحدوث الانشقاق داخل المجتمع السعودي ثم التدخل باسم الطائفية لإذكاء نار هذه الفتنة لحدوث الانشقاق بين أبناء هذا المجتمع؛ لأن خططهم هي الوصول لانهيار جميع مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها ولكن الله رد كيدهم في نحورهم. ولا يشك د. البنيان أن هذا الحدث كان له وقع أليم في نفوس جميع أبناء المجتمع حكومة وشعباً، ولم نسمع عن أي شخص أو مواطن أنه راض عن هذه العملية القذرة لأن الوطن يشمل الجميع وكانت ردود الأفعال كلها تثلج الصدر سواء من المسؤولين أو العلماء أو المواطنين بجميع شرائحهم فقد استنكروا هذه العملية وأدانوها وعرفوا أهدافها وفوتوا الفرصة على هؤلاء المخربين ومن هم خلفهم. أما الدروس والعبر في منظور العميد د. البنيان فهي أن المجتمع السعودي هو مجتمع متماسك اجتماعياً وأنه ليس هناك تفرقة بين شخص وآخر وأن الأمن السعودي هو أمن الوطن ووزارة الداخلية تقوم بواجبها على الوجه الأكمل في محاربة كل ما يثير ويؤثر على أمن الوطن والمواطن وهذا يجعلنا نحمد الله ونتعاون مع جميع الجهات الأمنية والمسؤولين في الوطن في استتباب الأمن والإبلاغ عن أي مظاهر أو حركات يقوم بها بعض المغرر بهم، وأن تكون هناك توعية إعلامية مستمرة للحفاظ على أمن الوطن. دعم إيراني ولا يشك د. عبدالله بن سعود القباع أن الإرهابيين سواء داخل المملكة العربية السعودية أم خارجها يتمتعون بدعم كبير وتوجيهات من قبل بعض المنظمات الإرهابية وعلى رأسها بالتحديد دولة إيران التي تدعم هؤلاء المرتزقة والارهابيين الذين يمثلون سياستها التي تهدف إلى تمزيق العالم العربي والإسلامي بشكل عام، ومن الملاحظ أن معظم الأحداث الإرهابية التي حدثت في اليمن أو العراق أو سوريا أو ليبيا كلها تعود إلى هذا الدعم المباشر من دولة إيران، والمملكة العربية السعودية تدرك جيداً هذا التوجه الإيراني الذي يهدف إلى تمزيق المملكة إلى مجموعات إرهابية متسلطة؛ وما جرى في الأحساء أخيراً يدل دلالة قاطعة على أن الأعمال الإرهابية التي قام بها بعض المتشددين والمتطرفين كانت مدعومة من إيران وغيرها من المنظمات الإرهابية السائدة في منطقة الشرق الأوسط ومع أن عديدً من أبناء الأحساء قد استنكروا هذه الأعمال ووصفوها بالمتطرفة وأعمال الخونة الذين يهدفون إلى تمزيق المملكة العربية السعودية وتحويلها إلى دولة متناحرة غير مستقرة مثلما يحدث في سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان العربية والإسلامية التي تتعرض لمثل هذه الأعمال الإرهابية. أما عن موقف الشعب السعودي فقد عبر بمختلف فئاته وطوائفه عن استيائه الشديد لمثل هذه الأعمال الإرهابية خاصة ما جرى في مدينة الأحساء في هذه الأيام، ولا شك أن مختلف الطوائف في المملكة العربية السعودية قد عبروا عن استيائهم وشجبهم لمثل هذه الأعمال الإرهابية، ونحن ندرك جيداً أن المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً ستعطي أهمية خاصة لمثل هذه الأعمال من أجل القضاء عليها وإبعادها عن أراضي المملكة. ويمضي د. القباع قائلاً: أما العبر التي يجب استخلاصها مما حدث هو قيام المملكة العربية السعودية وشعبها بالتكاتف جميعاً لمحاربة مثل هذه الأعمال الإجرامية ولا شك أن كل البوادر تشير إلى تكاتف الحكومة السعودية مع شعبها لملاحقة هؤلاء الإرهابيين الذين يهدفون إلى تمزيق المملكة والقضاء على مختلف الطوائف والفئات التي تدعم مثل هذا التوجه، كما أن المملكة قد أبدت استعدادها لمكافحة الإرهاب والإرهابيين على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والدينية، ونعتقد أن هذا التوجه سيساعد المملكة وشعبها في تحقيق الأهداف التي ترمي إليها خاصة فيما يتعلق بجميع المنظمات الإرهابية المدعومة من الداخل والخارج. شياطين الجن والإنس ومن جانبه يقول د. عبدالله المصلح حول محاور هذه القضية المهمة: إن شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض بالمفاسد، والذين يتربصون بنا الدوائر ويريدون إثارة الفتنة في أرضنا الطاهرة المقدسة هم فئة شر يجب أن نحذره وأن نكون يقظين أمامه وهذه اليقظة تتمثل في الأمور التالية: أولاً العمل الوقائي المبدئي بداية وهو إقامة الدعوة إلى الله على منهج أهل السنة والجماعة، ثانياً أن نعمم على كل فرد من أفراد هذا الوطن المبارك خصائص هذه المملكة العربية السعودية باعتبارها منطلق الإسلام فمنها انبثق نور الإيمان ومنها انطلق إلى فجاج الأرض وأهلها هم حاملو هذه الرسالة وهذه الحكومة الطيبة المباركة قامت على هذا الأساس، ونحن نجد لها الأثر العظيم في تطبيق ذلك، وأن هذه الدولة هي التي تحكم بالشريعة ومنهجها ودستورها مبنيان على الكتاب والسنة، وفيها تقام شعائر الله، ومن مفاخرها إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإغلاق المحال التجارية أثناء الصلاة وغير ذلك من الأعمال العظيمة لأنها تمثل الأبوة لكل المسلمين؛ وهي القيادة الروحية والعقدية والإيمانية لكل المسلمين في الأرض، ويجب على أهل البلد أن يعرفوا قدرهم وقدر حكومتهم وبالتالي في هذه الدعوة الوقائية يتكشف الأمر الشاذ الخارج عن هذه القيم والعقائد والأخلاق، وهؤلاء الذين يلعبون بالورقة الطائفية إنما هم يمثلون شذوذاً في جسم هذه الأمة لكن علينا أن نحذرهم وأن نتوخى شرهم. ويضيف د. المصلح: أما عن ردود الأفعال فقد قامت الأمة كلها علماؤها وفضلاؤها ورجال جامعاتها وتجارها وكل فرد من أفرادها حتى عموم الأمة كلهم خرجوا مستنكرين وكأن جرحاً أصابهم في أعناقهم؛ على اعتبار أن هذه الفتنة ملعونة ملعون من أثارها، وأما فيما يتعلق بالعبر والدروس التي نستفيدها من هذه الحادثة فهي الحذر الشديد مما يكيده أعداؤنا والعمل الوقائي المبدئي والله الحافظ والمستعان ونسأل الله أن يحفظ هذه البلاد ملكاً وحكومة وشعباً وأرضاً. ------- د. صالح بن حميد: من مظاهر استهداف العدو لأمة الإسلام هذا التوظيف السيئ لمواقع التواصل وفي سؤال لمعالي الشيخ أ. د. صالح بن عبدالله بن حميد عن علاقة وسائل الاتصال وبث الشائعات قال: إن التكالب على أمة الإسلام وديارها لا يخفى، مخططات تحاك ضد الأمة وشعوبها وقرارها واستقرارها واجتماع كلمتها واستقلالها. بين عوامل اليأس والإحباط والاستعجال تعمل الأيدي الخفية لإضعاف الأمة وتقطيعها وتمزيقها وتقسيمها. ولقد استخدم هؤلاء الأعداء وسائل شتى لشق الصف وإحداث الفتن وزرع اليأس ونزع الثقة في ظل التدفق المعلوماتي الذي أصبح أسرع من النار في الهشيم عبر وسائل الاتصال وأدوات التواصل الذي لا تمييز فيه بين محق ومبطل، ولا صادق ولا كاذب ولا غاش ولا ناصح مما يوجب الحذر والحيطة ناهيكم عن المواقع المنظمة التي تتفنن في تأليب الشعوب ونشر الاضطرابات وزرع الفتن وأن من مظاهر استهداف العدو لأمة الإسلام وشعوبها هذا التوظيف السيئ لوسائل التواصل والمواقع وبث الشائعات بأنواعها وألوانها كاذبها ومغشوشها والتهجم على البلاد ومكتسباتها ورموزها وقياداتها وهز ثوابتها ونزع الثقة من رجالاتها من العلماء الراسخين والساسة الصادقين والوطنيين المخلصين يتصيدون الأخطاء وينشرون العثرات ويغمطون الحقوق ويخفون الإنجازات في مقالات وتغريدات وتعليقات غايتها التأليب وهدفها التشويش، إنها حرب إعلامية ونفسية لتدمير النفوس والنيل من المبادئ والمساس بالثوابت والسخرية من التقاليد الحسنة والعوائد الكريمة فليس مخلصاً من يهدم ثوابت بلده وقيم مجتمعه باسم النقد وحرية التعبير؛ فالجميع في سفينة واحدة ينجون جميعاً أو يغرقون جميعاً فالجماعة رحمة والفرقة عذاب. ولا شك أن الذين كانوا وراء هذه الجريمة كانوا يريدون إشاعة الفتنة الطائفية في البلاد ولكن الله حفظ هذه البلد بفضلة وتوفيقه ومنته ثم بيقظة رجال أمننا البواسل، حيث تم القبض على المجرمين في مدة قياسية وفي ساعات قلائل ولله الحمد على الرغم من أنهم اجتهدوا في أن ينتشروا في أكثر من مكان ومع هذا تم القبض عليهم وهم في هذه الأماكن المتفرقة ثم ما أبداه المواطنون من تكاتف بجميع أطيافهم فكان الاستنكار والرفض لمثل هذه الحركات العبثية منقطع النظير وتجلت اللحمة الشعبية ولله الحمد والالتفاف حول القيادة فالوطن شعب واحد تحت قيادة واحدة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله التي يستظل بها الجميع ولزوم الجماعة والالتزام بالبيعة من أساسيات السياسة الشرعية؛ ولهذا فإن الخوارج الذين أخبر عنهم الرسول صلى الله علية وسلم كان كل استهدافهم لأهل الإسلام وولاة أمور المسلمين ولا يستهدفون غير المسلمين للأسف. والنظر في حال إخواننا الذين ابتلوا بهذه الفتن فصارت ديارهم مسرحاً لسفك الدماء وتشريد الأسر وضياع الثروات واضطراب الأحوال لقد ظنوا أن حياتهم ستكون أفضل حالاً وأكثر رخاء وأرغد عيشاً وما شغب قوم على أهلهم وولاتهم إلا تجرعوا الويلات ووقعوا في الموبقات، لقد أدركوا وأدركتم أن في الفتن يفقد الأمن وتسفك الدماء وتهتك الأعراض وترخص الحياة. إن هذه الدولة المباركة لا تنزع إلى لغة تتميز بها أو تاريخ تختص به أو عنصر سكاني تعتمد عليه، لقد انصهرت فيها كل العنصريات والقبليات والمذاهب والمناطقيات ليس إلا الإسلام جامعاً، الإسلام منهجها ونظامها وعصبيتها. وأن أي غفلة عن مقومات هذه الهوية للدولة أو إخلال بها أو تهاون في المحافظة عليها فهو عامل هدم يظهر أثره بقدر حجم هذه البلاد المباركة البلاد الطاهرة بلاد الحرمين الشريفين أرض المقدسات أطهر أرض وأشرف البقاع على وجه الدنيا بلد التوحيد والوحدة بلد جمع الله شمله وأنعم الله على أهله والمقيمين فيه والوافدين عليه أغناهم من بعد عيلة وجمعهم من بعد فرقة وعلمهم من بعد جهل والناس من حولهم يتخطفون، بلاد تحكّم شرع الله وتقام فيها حدود الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها قائم.. مساجدها معمورة وتغلق الأسواق من أجل إقامة الصلوات جعلت الشريعة منهاجها والحاكمة على جميع أنظمتها تمنع فيها المسكرات ويعاقب من يتعاطاها فضلًا عمن يروجها بلاد تحتضن مقدسات المسلمين وتتشرف برعايتها وخدمتها وخدمة قاصديها حجاجاً وعماراً وزواراً ليس فيها كنائس ولا معابد ولا تنكس رايتها حين تنكس الرايات فيها مولد المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وفيها مبعثه ومهاجره ومتنزل وحي الله وإليها يأرز الإيمان استنارت بالعقل والعلم والتوحيد وصفاء العقيدة. -------- د. حسن الأهدل: الإعلام أصبح مؤججاً ومحرضاً على إثارة النعرات والخلافات الطائفية وحول سؤال عن الإعلام وهل له دور في تغذية وتأجيج الفكر الطائفي يقول د. حسن بن علي الأهدل: الإعلام بصفة عامة خاصة الإعلام الجديد بمختلف وسائله وأنواعه أصبح له دور مؤثر في أي قضية تطرح على الساحة سواء المحلية أو الدولية وللأسف أن هذا الإعلام أصبح مؤججاً ومحرضاً على إثارة النعرات والخلافات الطائفية والمذهبية فهناك العشرات من القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تخصصت للأسف في هذا الجانب وفيها بعض العبارات المسيئة والمحرضة كتويتر والفيسبوك والهاشتاقات وأصبح من المؤكد أن يكون لها مؤيدون ومحرضون ومن واجب المجتمع تثقيف أبنائه وتعميق أواصر اللحمة بين أفراده دون السماح لشخصيات اعتبارية أو قنوات فضائية بتأجيج الصراعات والخلافات المذهبية أياً كانت وعدم تجييش الخلافات المذهبية في المنابر والخطب وجميع وسائل الإعلام بمختلف أنواعها حرصاً على وحدة الوطن وأمنه واستقراره، وقد أصدرت الهيئة العالمية للإعلام الإسلامي قبل عدة سنوات في المؤتمر الإسلامي العالمي الثاني الذي عقد في إندونيسيا عام 2011م ميثاق شرف للإعلاميين يحدد ضوابط تمنع التعرض للآخرين بما يسيء لهم سواء بالسب أو الشتم أو التحقير أو التعرض للمذاهب والأديان على مستوى العالم؛ وهذا في الواقع يمثل قيم ديننا الحنيف التي أرساها نبي الرحمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ولعل من المناسب عقد مؤتمر للقنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى لتفعيل هذا الميثاق والالتزام به، وتفكر الهيئة في عقد هذا المؤتمر في المستقبل القريب. --------- رحمة الله أحمد: مؤتمرات الحوار الوطني لها دور كبير في بث ثقافة الحوار وحول سؤال عن كيف يمكن القضاء أو الحد من اللعب على أوتار الطائفية وتأجيج الصراعات المذهبية بين أبناء البلد الواحد يقول الأستاذ رحمة الله بن عناية الله أحمد: يكون ذلك بنشر مفاهيم الإخوة الإسلامية والحوار والتسامح والابتعاد عن الإثارات التي تسبب الفتن بين أبناء المجتمع الواحد والتعاون على بناء المجتمع المتآخي خاصة أن التطوير والاستقرار لا يتم إلا بنشر ثقافة الإخوة والتفاهم والتعاون بين الجميع وعدم الانصياع وراء الإثارات الإعلامية التي تتخذها بعض الجهات المعادية للإسلام في بث الفرقة والاختلاف بين المسلمين وبين أفراد الوطن الواحد ولا شك أن مؤتمرات الحوار الوطني من خلال مركز الملك عبدالله للحوار له دور كبير في بث ثقافة الحوار في المجتمع وبحث المشاكل بأسلوب أخوي يؤدي إلى التفاهم والاهتمام بهذه البرامج في حل المشاكل التي تحدث في المجتمع لإرساء قواعد التفاهم والتسامح فيه وقد قامت رابطة العالم الإسلامي بجهد مشكور في إرساء الحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العالم بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- من خلال مؤتمرات عقدت في فينا ومدريد كان لها أثر كبير في نشر مفاهيم الإسلام الصحيحة في التفاهم والتعارف مع أتباع الأديان عملاً بقوله تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) وكان لها أثر كبير في المجتمعات الإسلامية في أوروبا وأمريكا وإفريقيا؛ وهذا مما له تأثير كبير في إرساء ثقافة الحوار بين المذاهب والطوائف في المملكة والعالم الإسلامي.

مشاركة :