شغلنا الشاغل | د. إبراهيم عباس

  • 11/24/2014
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

لم تأت تصريحات سمو وزير الحرس الوطني السعودي الأمير متعب بن عبدالله الأسبوع الماضي، عشية زيارته إلى الولايات المتحدة، عن أمله في أن تتفهم القيادة في واشنطن أن الاهتمام بمعالجة قضية الإرهاب لا يعني أنها القضية الأولى للعالم العربي، أو أنه يمكن نسيان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي - لم تأت هذه التصريحات انعكاسًا لموقف سعودي جديد، وإنما جاءت تأكيدًا لموقف سعودي ثابت إزاء هذه القضية منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود – يرحمه الله – حيث دأب ملوك المملكة وكبار مسؤوليها على التأكيد دومًا على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية وأنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار ودفع عجلة التنمية في المنطقة بدون حل هذه القضية حلًا عادلاً وشاملاً ودائمًا وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعنية وفي مقدمتها المبادرة العربية للسلام التي صدرت من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ثم تبنتها قمة بيروت العربية ربيع العام 2002 ، وهي تلك المبادرة التي اكتسبت أهميتها لتضمنها كافة الأسس والمبادىء التي استندت إليها كافة القرارات والمبادرات الدولية الخاصة بالنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي بدءًا من قراري الأمم المتحدة رقم 242 و388 ومبدأ الأرض مقابل السلام الذي أقرته مفاوضات مدريد عام 1991 وليس نهاية بحل الدولتين الصادر في عهد الرئيس بوش الابن. ويمكن الاستدلال على هذه الحقيقة من خلال احتلال تلك القضية مركز الصدارة في السياسة الخارجية السعودية منذ عهد التكوين، وهو ما اتضح في لقاء القمة الذي جمع بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت في 14 فبراير عام 1945 على ظهر الطراد كوينسي في البحيرات المرة، وحيث يذكر د. محمد النيرب في كتابه "العلاقات السعودية - الأمريكية) طبقًا لما ذكره الوزير الأمريكي ويليام إيدي الذي كان حاضرًا في ذلك اللقاء أن الملك عبدالعزيز عارض بشدة فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وإنه عند وصولهم في المناقشة إلى هذه النقطة نهض الملك ووضع يده في يد روزفلت وطلب منه أن يحلف بألا يؤيد الصهاينة في فلسطين ضد العرب. ولعل الكثيرين ما زالوا يذكرون الرسائل المتبادلة بين ولي العهد - حينذاك - الأمير عبد الله بن عبدالعزيز للرئيس بوش التي رفض فيها تجاهله للقضية الفلسطينية ودعمه اللا محدود لإسرائيل حتى إنه رفض الدعوة الموجهة إليه لزيارة واشنطن. وكان رد الأمير عبدالله على دعوات بوش المتكررة أنه مستعد للزيارة إذا قام بوش بمبادرة تدل على اهتمامه بمعاناة الفلسطينيين. وقد كان سؤال المغرضين والحاقدين على المملكة المشككين بمواقفها إزاء قضايا أمتها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية دومًا: كيف يمكن للمملكة أن تدعم تلك القضية وأن تحتفظ في ذات الوقت بعلاقات ممتازة مع واشنطن الحليف الأكبر لإسرائيل؟ في الإجابة على هذا السؤال نقول إن أولئك المشككين نسوا أن العلاقات السعودية – الأمريكية تعرضت خلال مسيرتها التاريخية الطويلة إلى منعطفات خطيرة لأسباب عدة من أبرزها الموقف السعودي الداعم للقضية الفلسطينية، وأن المملكة ظلت تحرص على توظيف علاقة الصداقة التي تربطها بواشنطن لخدمة هذه القضية، وأن تلك العلاقة الوطيدة لم تحل في إحدى تلك المنعطفات دون قرار المملكة طرد السفير الأمريكي من الرياض عام 1988 عندما حاول التدخل في شؤونها. ما ذكره سمو الأمير متعب بن عبدالعزيز في تصريحاته عشية تلك الزيارة المهمة بأننا "نعوِّل كثيرًا على أن يتفهم الأصدقاء الأمريكان حقيقة ما يدور في المنطقة، وعدم الركون إلى قضية الإرهاب واختزال الأمر في هذه القضية التي هي في الأساس قضية تهم كل دول العالم.. لكن بالمقابل هناك قضايا جوهرية، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتعنت الإسرائيلي"، يعكس حقيقة وجوهر الموقف السعودي إزاء القضية الفلسطينية التي ما تزال شغل المملكة الشاغل وهمها الأكبر منذ اندلاع ثورة البراق عام 1929 حتى الآن وإلى أن يتحقق الحلم الفلسطيني بالتحرر والدولة والعودة.

مشاركة :