حتى الآن لم تتضح حقيقة الحالة الصحية للمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، في أحد مستشفيات باريس، إلا أن المشهد السياسي الليبي يخشى تغييرا «دراماتيكيا» في حال غياب المشير حفتر.. وبالرغم من أن مصادر طبية أكدت أن حفتر تجاوز مرحلة الخطر وأن العارض الصحي لن يشكل خطرًا على حياته، فإن حالة الترقب الحذر تخيم على الأطراف الليبية، خاصة «حكومة السراج» التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرًا لها، ويراودها الأمل مع غياب المشير حفتر، الانقضاض على المكتسبات التي حققها المشير حفتر..وكان المشير حفتر يعتبر أكبر عقبة أمام حكومة السراج، حيث يعترض على اعتمادها على الميليشيات الإرهابية مثل (سرايا الدفاع عن بنغازي ـ فجر ليبيا الإخوانية)، كما يرفض السراج خريطة الطريق التي وضعها حفتر للخروج من الأزمة وتتضمن عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية في توقيت واحد. والطرف الثاني، الذي يأمل في تحقق وفاة المشير حفتر، هم جماعة الإخوان المسلمين، ويعتبرون عدوهم اللدود، بعد أن رفض قبول الجلوس مع الإخوان وكافة الإسلاميين من البداية.. وقد بدأ «الإخوان» مبكرا المناورة السياسية، وسارع الرئيس الجديد للمجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، العضو المؤسس لحزب العدالة والبناء «الإخواني»، بدعوة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى عقد لقاء بينهما في طرابلس أو في طبرق أوفي أي مكان في ليبيا، ورد عقيلة صالح مرحبا بالدعوة.. وتقول صحيفة الوسط الليبية، إن «عقيلة صالح» أصبح الطرف الوحيد في شرق البلاد المستعد للتفاوض مع الإخوان، بخلاف المشير خليفة حفتر الذي رفض قبول الجلوس مع الإخوان وكافة فصائل التيار الإسلامي. ويبدو أن حسابات الانتخابات الرئاسية المقبلة في ليبيا، قد بدأت تعيد ترتيب أوراقها، تحسبا لغياب المشير حفتر : أولا : حسابات رئيس مجلس النواب الليبي ، المستشار عقيلة صالح، والذي سافر إلى مالطا للقاء رئيس المؤتمر الوطني السابق، نوري أبو سهمين، المقرب من ممثلي «التيار الإسلامي»، ولا يمانع عقيلة في عقد صفقة مع أي طرف توصله إلى رئاسة البلاد، وهو يدرك أن قيادة الجيش في غياب حفتر لن تمنعه من تحقيق طموحه. ثانيا: الانسحاب المدروس لعبدالرحمن السويحلي من رئاسة المجلس الأعلى للدولة، ويرى متابعون للشأن الليبي أن «السويحلي» قرر ترك رئاسة مجلس الدولة، تاركا المنصب للقيادي الإخواني، خالد المشري، ليتطلع إلى الانتخابات الرئاسية متفاديًا الصدام مع الإخوان المسلمين، فهو يدرك أن المجلس الأعلى للدولة لا مستقبل له، وأنه سيختفي بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولن يكون هناك وجود إلا لمجلس النواب الجديد والمجلس الرئاسي والحكومة القادمة، وعليه أن يترك مجلس الدولة كي يترأس أحد الأجسام الوليدة. ثالثا: أما رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني فهو خارج الحسابات، إلا إذا غاب حفتر عن المشهد بشكل كامل، ونجح «الثني» في عقد تحالف مع المعارضين لعقيلة صالح. غياب المشير حفتر سيربك الجبهة الشرقية من ليبيا، بعدما كانت الأقوى والأكثر استقرارًا من الناحية الأمنية.. وينتظر شرق ليبيا عودة المشير، خاصة وأن مصادر طبية أكدت أن حفتر سيبقى بعض الوقت في المستشفى، مما يزيد من القلق على صحة المشير البالغ من العمر 74 عاما، وبالتالي حتى لو خرج من المستشفى فقد لايضمن أحد قدرته على الاستمرار في عمله، وهل هذه الوعكة ستضع حدًا لطموحه في قيادة البلاد؟ للقاهرة دور حاسم في معالجة الأمور وإذا كان من الصعب جدا تعويض المشير حفتر كقائد عام للجيش الوطني، فى وقت لا يوجد بين الضباط المقربين منه من يملك العلاقات الإقليمية والدولية مثله، بالإضافة إلى شعبيته المعتبرة خاصة في شرق ليبيا، ورهانه على محاربة الإرهاب وهي ورقة رابحة في أي مكان يعشش فيه الإرهاب.. إلا أن سياسيين وعسكريين في بنغازي، يؤكدون أن الحكومة في شرق ليبيا تمكنت من بناء مؤسسات يمكن الاعتماد عليها، في تلك الأوقات الطارئة، ومن المؤكد أن المؤسسة العسكرية أحد أهم هذه الركائز، التي ستلعب دورًا في معالجة الأمور، كما نجحت القاهرة خلال دورها في إعادة بناء المؤسسة العسكرية في تكوين بناء هرمي، جاء حفتر على رأسه، لكنه ليس من المؤكد أنه هو من يقوم بكل الأدوار، وأن رئيس الأركان الفريق عبدالرازق الناظوري، قد يلعب دورًا بارزًا خلال المرحلة المقبلة، حتى في حال استشفاء حفتر، إذ ستحرص مصر على تأهيله أو على الأقل إعطائه دورًا أكبر من الذي عليه، خاصة أن الناظوري ذو صحة جيدة وخبراته القتالية كبيرة. ومع كل الاحتمالات والتوقعات القائمة، نفى مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، ضمنا، الشائعات حول صحة حفتر، قائلا إنه ناقش مع المشير الوضع العام في ليبيا وآخر التطورات السياسية في البلد..كما نفى المكتب الإعلامي للحاكم العسكري في مدينة المرج صدور قرار بتكليف رئيس الأركان العامة الفريق عبد الرازق الناظوري للقيام بمهام القائد العام للقوات الليبية المشير خليفة حفتر.. وبينما قال مصدر طبي في باريس لـ«بوابة الوسط» الليبية، إن حالة المشير خليفة حفتر قد تحسنت «كثيرًا» بما سيسمح له بمغارة المستشفى وربما باريس في وقت أقرب مما كان متوقعًا.
مشاركة :