دبج المدائح لا يستهويني، ولا أجيد هذا الفن من الكتابة، الذي هو أقرب إلى كونه «بورتريه» مكتوباً، لرسم ملامح معنوية تعبر عن مشاعر ونظرة «الرسام» أكثر من تعبيرها عن حقيقة «الرسمة». أبدأ بهذه التوطئة لئلا يظن أحد أنني بصدد تسطير مديح لشخص وزير التجارة، هو في غنى عنه، لكن نجاحاته المتوالية، قياساً إلى فترته الوزارية القصيرة، تجعلنا نتوقف لنتساءل: كيف نجح، وكيف وصلت نجاحاته إلى الناس بهذه السرعة؟!. وزير التجارة لم يبتدع شيئاً جديداً، ولم يستعن بقوى خارقة أو خفية، كل ما في الأمر أنه طبق معادلة سهلة صنعت منه رقماً وزارياً صعباً، تمثلت في أنه جمع كل الأدوات التي يمتلكها الوزير -أي وزير- وأطّرها بآلية نفاذ قوية، لا تقبل الخروقات، أو القفز، أو الحبو. هذه الآلية، التي لمس الناس فيها مصداقية وعدالة ومساواة، كانت بمنزلة يد الوزير الممدودة إلى الشارع، التي قوبلت بأيدٍ كثيرة تمتد إليها مصافحة، شكراً، وامتناناً، وسنداً، فالتقت رغبة المسؤول مع احتياجات الشارع وحقوقه، فتضافرت الجهود نحو النجاح، الذي كانت أهم شواهده استقطاب ملايين المواطنين المتطوعين، للقيام بدور «مراقب» وزارة التجارة. بهذه المعادلة البسيطة «وظف» وزير التجارة كل هذا العدد الهائل من «المراقبين»، فيما كان أسلافه يشتكون من عجز رهيب في كوادر الرقابة، ليمنح عمله قوة إضافية تدفع به إلى الأمام، وهذا يدلل بشكل قاطع على أن الوعي الجمعي تطوّر بشكل يجبر أي مسؤول على أن يضع مشروع الشراكة المجتمعية على رأس قائمة مشاريعه إذا ما أراد النجاح. المختصون بالتنظيم والتقنين يتفقون على أننا نمتلك أنظمة وقوانين جيدة، لكن الخلل يكمن في تطبيق الجهات التنفيذية، وضعف ثقافة التقاضي لدى صاحب الحق. وزارة التجارة عالجت الخلل من جهتها، وبقي دورنا نحن، لمعرفة حقوقنا واكتساب ثقافة التقاضي، كي يستمر نجاح الوزارة وتنتقل عدواه إلى بقية المؤسسات.
مشاركة :