لطفي براهم: نحن مسؤولون أمام الوطن وأمام الشعب تونس – تفاعلت أوساط تونسية مختلفة مع تصريحات قدمتها نقابة الأمن الجمهوري في تونس أمام لجنة برلمانية مكلفة بالتحقيق حول الشبكات المتورطة في تسفير الشباب إلى مناطق القتال، جاء فيها بأن تنظيمات متشددة قامت بحفر نفق يربط تونس بليبيا لتسهيل عملية تنقل عناصرها بين البلدين. وأجمعت أغلب وجهات النظر في هذا الشأن على أن تصريحات نقابة الأمن لا يمكن أن تكون صحيحة باعتبار أنها منافية للعقل والمنطق. وانتقدت الأوساط التونسية إقدام النقابات الأمنية على الخوض في مسائل حساسة خاصة أنها تتعلق بالملف الأمني، من خلال الكشف عن معطيات وصفتها بـ”السرية” والتي يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة على الأوضاع في تونس. يرى الملاحظون أن النقابات الأمنية يجب أن تكتفي بقيامها بالدور الذي تأسست من أجله، والذي يرتبط أساسا بدفاعها عن الحقوق المهنية والاجتماعية للمنخرطين فيها، مؤكدين على أن خوضها في الملفات الأمنية الحساسة من شأنه أن يقوّض جهود وزارة الداخلية في محاربة التنظيمات المتطرفة كما أن المعطيات التي تعلن عنها النقابات من فترة إلى أخرى قد تربك الجهود الرسمية. ويقول المحللون إن على وزارة الداخلية أن تتصدى لسيل التصريحات والمعطيات الأمنية التي يكون مصدرها النقابات، باعتماد سياسة اتصالية تسدّ جميع المنافذ التي تجعل من هذه النقابات المصدر الوحيد المتوفر للحصول على معلومة ذات طابع أمني. ونفى لطفي براهم وزير الداخلية التونسي، في تصريح لإذاعة محلية خاصة الثلاثاء، ما ورد في تصريحات الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري محمد علي الرزقي بشأن وجود نفق بين تونس وليبيا لتسهيل عبور العناصر المتطرفة بين البلدين. ووصف وزير الداخلية هذه التصريحات بـ”الجانبية والتخمينات”. وتابع “نحن مسؤولون أمام الوطن وأمام الشعب التونسي، ومسؤولون على أقوالنا أمام العدالة، ولذلك فالتصريحات الجانبية وكل التخمينات والتصورات لا نستطيع الخوض فيها إلا بوثائق ثابتة”. وقال محمد علي الرزقي اللكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري، في جلسة استماع أمام اللجنة البرلمانية التي تحقق في شأن شبكات تجنيد وتسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال، إنه “تمّ الكشف مؤخرا من طرف عناصر الحرس الوطني عن نفق يتجاوز طوله 70 كيلومترا بين تونس وليبيا”. وأوضح أن النفق تمّ حفره لتسهيل دخول عناصر تنظيم داعش إلى البلاد وتسفير شبان تونسيين إلى مناطق القتال (سوريا وليبيا والعراق) “وربما العودة عبره” إلى تونس. الصحبي بن فرج: يجب التثبت في مدى صحة المعطيات المتوفرة للجنة التحقيق البرلمانية الصحبي بن فرج: يجب التثبت في مدى صحة المعطيات المتوفرة للجنة التحقيق البرلمانية وقال الرزقي إنه “توجد أنفاق أخرى على الشريط الحدودي بين تونس وليبيا وكذلك بين تونس والجزائر”. وأفاد بأن 400 جاسوس و72 داعية دخلوا إلى تونس خاصة خلال فترة حكم الترويكا. وأضاف أن البعض من رجال الأمن ومنهم كوادر بوزارة الداخلية متورطون في تسفير الشباب إلى مناطق القتال. وتابع أنه تمت سرقة المنظومة الخاصة بطبع جوازات السفر ومنظومة الحالة المدنية، التي قال إنها “موجودة (الآن) في عدة دول من بينها ليبيا”، وهو ما اعتبره الرزقي سببا في حصول متشددين متورطين في قضايا إرهابية على جوازات سفر. وأكد أعضاء اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق حول شبكات تجنيد وتسفير الشباب إلى مناطق القتال بأن تصريحات الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري خطيرة، مشددين على ضرورة التثبت في مدى صحة المعطيات التي أدلى بها خلال جلسة الاستماع التي نظمتها اللجنة. وقال الصحبي بن فرج، عضو لجنة التحقيق حول شبكات التجنيد التي تورطت في تسفير الشباب التونسي إلى مناطق القتال، إن اللجنة تقوم بالاستماع إلى الشهادات في مرحلة أولى في إطار تجميع المعطيات التي تساعدها في أعمالها. وأوضح، في تصريح لـ”العرب”، أن اللجنة تتولى تحويل الملفات والمعطيات التي تتحصل عليها إلى القضاء، باعتبار أنها لا تملك الإطار القانوني والآليات التي تمكنها من معالجة هذه الملفات خلافا لوزارتي الداخلية والعدل. واعتبر بن فرج، النائب عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، أن ملف تسفير الشباب إلى مناطق القتال يتضمن الكثير من المعطيات الغامضة التي لم تكشف بعد، واصفا إياه بأنه “ملف محرج للعديد من الأطراف”. وأكد بن فرج أنه ليس قلقا من المصدر الذي يتولى الكشف عن الملفات بقدر ما يقلقه أنه لا يتم التثبت والتحقيق في مدى صحة المعطيات المتوفرة، مشيرا إلى أن لجنة التحقيق حول شبكات تسفير الشباب تحصلت على العشرات من الملفات في هذا الشأن، لكن لم يتم إعطاؤها الأهمية اللازمة. وأوضح بن فرج أن الرزقي لم يتحدث عن نفق موجود بطول 70 كيلومترا بل قال إن هناك محاولات من الجماعات المتطرفة لحفر مجموعة أنفاق بين تونس وليبيا وأن المشروع في مجمله يمكن أن يصل إلى 70 كيلومترا. وشدد على أنه تم “تحريف” تصريحات الكاتب العام لنقابة الأمن الجمهوري. وأفاد بن فرج بأنه لا يمكن لأي شخص أن يتأكد ما إذا كانت هذه الأنفاق موجودة فعلا أو لا، مؤكدا أن المصدر الوحيد الذي يمكن تصديقه في هذا السياق هو وزير الداخلية، وقد نفى صحة هذه المعلومات. ولفت بن فرج إلى أن نقابة الأمن الجمهوري قدمت العديد من المعطيات خلال جلسة الاستماع أمام اللجنة والتي أكد أنها كلها “معلومات خطيرة يجب التثبت من صحتها”.ووزير الداخلية التونسي ليس الطرف الوحيد الذي نفى تصريحات نقابة الأمن الجمهوري بل جاء دحض هذه المعطيات أيضا من قبل نقابة جهاز الحرس الوطني. وردّ مهدي بوقرة الناطق الرسمي باسم النقابة العامة للحرس الوطني، الاثنين، على تصريحات نقابة الأمن الجمهوري حيث قال “إن ما ادّعاه النقابي الأمني محمد علي الرزقي بخصوص اكتشاف عناصر الحرس الوطني بين تونس وليبيا مجرّد مغالطة كبيرة لا تمّت للحقيقة بأيّ صلة”. واعتبر بوقرة أن “ادّعاءات الرزقي تمثل نقطة سوداء وضربا لمعنويات دولة كاملة”، داعيا القضاء إلى التدخل بهدف وقف مثل هذه التصريحات.
مشاركة :