قالت مصادر ديبلوماسية لـ «الحياة» إن مصر تبحث مع وفد حركة «حماس» في القاهرة، إمكان التوصل إلى «اتفاق رزمة»، يشمل المصالحة ورفع الحصار وتبادل الأسرى مع إسرائيل، في وقت وجّهت الحركة رسائل غير مباشرة إلى الدولة العبرية لبدء جولة مفاوضات جديدة حول ملف الأسرى عبر الوسيط المصري، وكذلك إلى السلطة الفلسطينية والقاهرة، تبدي فيها استعدادها لتقديم تنازلات في سبيل إنهاء الانقسام، إنما بشروط. وقالت المصادر إن مصر عرضت على «حماس» البحث في مخرج لأزمة الحصار من خلال المصالحة وعودة السلطة إلى إدارة قطاع غزة، وتبادل أسرى مع إسرائيل. وزار وفد مصري قطاع غزة الأسبوع الماضي، عقب تفجّر مسيرات العودة التي تطالب بإنهاء الحصار المتواصل على القطاع منذ 11 عاماً، وبحث مع «حماس» في المخارج الممكنة، كما وجّه دعوة إلى وفد من الحركة لزيارة القاهرة وعقد لقاءات تفصيلية مع وفد مصري رفيع في شأن إنهاء الحصار من خلال المصالحة وإجراء عملية تبادل مع إسرائيل. وقالت المصادر إن إسرائيل القلقة من تواصل مسيرات العودة، تبدي استعدادها لتقديم تسهيلات كبيرة بخصوص الحركة من وإلى قطاع غزة، في حال عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع. وأفادت بأن مصر ترى أن المصالحة وإنهاء الانقسام وعودة السلطة إلى القطاع هو الطريق الوحيد لحلحلة الأزمات القائمة، وفي مقدّمها الحصار. وترى مصر أيضاً أن التسهيلات الإسرائيلية في قطاع غزة مرتبطة إلى حد كبير بإجراء عملية تبادل أسرى، ذلك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيواجه صعوبات في حال إدخال تسهيلات على الحركة في غزة قبل حل مشكلة جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزة في القطاع. وتواجه مصر صعوبات في جسر الهوة بين موقفي السلطة الفلسطينية و «حماس» من إنهاء الانقسام، إذ تطالب السلطة بتسلم الحكم بصورة كاملة في قطاع غزة، فيما تطالب الحركة بالشراكة. ولفتت المصادر إلى أن مصر تحاول إقناع «حماس» بالموافقة على شروط السلطة في شأن تمكين الحكومة. وأفاد مسؤول فلسطيني رفيع بأن الرئيس محمود عباس أبلغ الجانب المصري بأن السلطة ستتكفل بإيجاد حل للمشكلة المالية للموظفين الذين عيّنتهم «حماس» لكنه لن يقبل ببقائهم في مواقعهم. وقال: «أبلغنا مصر بأن السلطة تدفع حالياً 120 مليون دولار في قطاع غزة، وأنها مستعدة لزيادة المبلغ إلى 150 مليون لتوفير حل للمشكلة المالية للموظفين الذين عيّنتهم حماس، شرط أن تتسلم كامل مؤسسات ومرافق الحكم في غزة من دون أي شروط أو قيود من أي نوع». إلى ذلك، وجّه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية «رسالة غير مباشرة» إلى إسرائيل لبدء جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة، عبر الوسيط المصري، لتبادل الأسرى. وأكد هنية في خطاب بثته قناة «الأقصى» الفضائية التابعة لـ «حماس» ليل الثلثاء- الأربعاء، أن الحركة «مستعدة لتحقيق صفقة تبادل للأسرى عبر طرف ثالث وسيط»، وأن لديها «ما يمكن أن يحقق الأمنية العظيمة التي ينتظرها شعبنا وأحرار العالم جميعاً» في إشارة إلى احتجاز أربعة جنود إسرائيليين يمكن من خلال صفقة تبادل، إطلاق آلاف الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال. ووجّه هنية رسالة مزدوجة إلى السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، ومصر، تفيد بأن «حماس» مستعدة لتقديم تنازلات في سبيل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، شرط أن تقدّم حركة «فتح» وعباس تنازلات في ما يتعلق بالمجلس الوطني الفلسطيني. وقال: «إننا مستعدون لأن نذهب بعيداً لتحقيق الوحدة الوطنية ومجلس وطني توحيدي يشد ولا يمزق، يسدد ولا يبدد، يوحد ولا يفرق، على أساس تفاهمات بيروت يجمع الكل الفلسطيني». وطالب «بعقد مجلس وطني جامع لا يستثني أحداً، خصوصاً الفصائل الفلسطينية الوازنة»، في إشارة إلى «حماس» و «الجهاد الإسلامي» غير العضوين في منظمة التحرير. وأشادت «حماس» أمس، دعوة القائد «الفتحاوي» الأسير مروان البرغوثي التي نادى فيها بعقد مجلس وطني توافقي. وقال الناطق باسمها حسام بدران، الذي يشارك في حوارات القاهرة مع الجانب المصري، إن حركته تعتبر موقف البرغوثي «موقفاً متقدماً لتوحيد الصف الفلسطيني وتجاوز الكثير من العقبات أمام إتمام المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام». وأكد أن «روح الرسالة ومضمونها ينسجمان مع الدور المشهود والتاريخي للبرغوثي، كقائد وطني له إسهامات كبيرة في مساعي تشكيل رؤية وطنية شاملة على صعيد توحيد الصف الفلسطيني ومقاومة الاحتلال». وكان البرغوثي دعا في رسالة نُشرت في «يوم الأسير الفلسطيني» وبالتزامن مع ذكرى استشهاد القائد «الفتحاوي» البارز خليل الوزير «أبو جهاد»، إلى التمسك بالثوابت الفلسطينية وبمقاومة الاحتلال بالأدوات والسبل كافة، بما فيها المقاومة المسلحة. كما دعا إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتماسك في مواجهة «صفقة القرن» والتمسك بالقيم الديموقراطية في إدارة الحياة السياسية للفلسطينيين، وإطلاق حوار وطني شامل يشارك فيه الكل الفلسطيني. وحضّ على إحالة ملفات إدارة المقاومة والقرار السياسي والديبلوماسي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مشاركة القوى الفلسطينية كافة فيها، خصوصاً حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي». وقال بدران إن «حماس التقطت رسالة البرغوثي باهتمام شديد، واعتبرتها تأكيداً مهماً على إمكان تذليل العقبات في سبيل تحقيق توافق وطني فلسطيني شامل يُخرج القضية الفلسطينية من عنق زجاجة الاختلاف بين البرامج والاستراتيجيات».
مشاركة :