عندما تسمع أحداً ينعتك بصفة «المسؤولية»، فاعلم أنك بدأت بامتلاك هوية اجتماعية، تؤهلك للتفاعل «الحقيقي والفعّال» داخل المجتمع، حيث إن تلك الصفة «المسؤولية» ذات الحروف القليلة تحوي معاني ذات حجم كبير، هي التي تعطيك الحق في التعبير، وتجعل من الآخرين حولك أُناساً يرغبون في الاستماع إليك، هي الخاصية التي نسعى الى أن تكون في أبنائنا منذ الصغر، فهي لا ترتبط بالعمر الزمني، فالأسرة هي من تحدد بدايتها، فهي تقوم بالتعليم والاكتساب. ما ان امتلك الإنسان تلك القيمة (المسؤولية) سيترتب عليه بذل الجهد المطلوب حتى يكون أهلاً لها، ممّا سيعود عليه بالعديد من الفوائد المختلفة، وعلى رأسها: تنمية مهاراته الفردية، وزيادة حجم معلوماته، وخبراته الحياتية، فضلاً عن تقوية شخصيته وبنائها، وتعطيه القدرة على التعرّف بأفضل الأساليب لتجاوز المواقف، والمشكلات المختلفة التي قد يتعرّض لها، إلى جانب تقوية علاقاته الاجتماعية بالآخرين، وتحويله إلى شخص ناجح في مجتمعه. إن الشعور بالمسؤولية بمنزلة ثمرة التربية الأسرية الايجابية الفعّالة، التي تُغني الوالدين عن المتابعة المستمرة لأبنائهما في كل خطوة يخطونها، حيث إنها تؤهل الأبناء الى خفض درجة الاتكالية وارتفاع في مستوى الاستقلالية «الإيجابية». ومما يعطي «المسؤولية» أهميتها أنها ترتبط بالرقي والحضارة لدى الأفراد والمجتمعات، فكلما ارتفع إحساس الفرد بالمسؤولية انعكس ذلك على سلوكه وقيمه نحو مزيد من الرفعة والارتقاء. ويستطيع الوالدان تدريب أبنائهما على تحمّل المسؤولية وتدريبهم عليها من خلال الاهتمام بهم وتربيتهم عليها، وإسناد بعض المهام إلى الأبناء منذ الصغر، بحيث تتناسب مع مراحلهم العمرية، مع التدرج حسب أعمارهم، حتى يتعودوا على تحمل المسؤولية بالتجربة مع مراقبتهم وتشجيعهم. الإنسان الواثق بنفسه والواثق بقدراته هو شخص متحمل للمسؤولية بالضرورة، وعندما يكون متحملاً للمسؤولية، فإنه يكون بذلك محط أنظار غيره من الناس والأشخاص المحيطين به بالضرورة، وبالتالي فهو إنسان متميز يمكن الاعتماد عليه في أوقات الأزمات، وحتى في الأوقات العادية والطبيعية، وقد يكون عملة نادرة، فكثير من الناس يتنصلون من مسؤولياتهم في أوقات الأزمات والأوقات الحرجة، ومن هنا كان من الضروري أن يقوم كل شخص بزيادة ثقته بنفسه وتحمل المسؤولية، فتحمل المسؤولية له إيجابياته المتعددة! المسؤولية ليست مجرد كلمة، بل خطة عمل تربوية تصنع جيلاً قادراً على البناء وصنع الحضارات! د. عبدالفتاح ناجي abdelfttahnaji@yahoo.comdr.abdelfattahnaji@
مشاركة :