خمسون عامًا على اغتيال مارتن لوثر كينغ

  • 4/21/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

احتفل الأمريكيون في يناير الماضي بذكرى ميلاد الناشط وزعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ. ولد كينغ عام 1929 في مدينة اتلانتا بولاية جورجيا، حيث سادت أبشع مظاهر التفرقة العنصرية والتمييز، الا انه وبفضل الاساليب السلمية استطاع ان يقاوم الظلم في مجتمعه وان يساهم في تغيير وجه الولايات المتحدة. كان قساً وناشطاً حقوقياً، ومن أبرز مقولاته التي خلدها التاريخ «الظلام لا يمكن ان يطرد الظلام، الضوء فقط يستطيع ان يفعل ذلك، الكراهية لا يمكن ان تطرد الكراهية، الحب فقط يمكن ان يفعل ذلك»، وعن هذه الشخصية المناضلة من أجل الحقوق المدنية للأمريكيين كافة، كتب الكثير عن هذا البطل القومي الامريكي الذي قتل برصاصة اطلقت عليه من شرفة فندق بولاية تينيس، حدث ذلك في الرابع من ابريل 1968 وكان في التاسعة والثلاثين من العمر. نشرت قناة (فرانس 24) - في الرابع من هذا الشهر 2018 - آراء ورؤى عن هذه الشخصية التي قال عنها استاذ التاريخ في جامعة كنساس ديفيد فاربر «انه مسمر في الزمن ليس مثلما كان عام 1968، بل مثلما كان في اغسطس 1963، رجل خطاب - لدى حلم». ويتابع «من السهل ان ننسى إلى أي حد كان كينغ شخصية موضع جدل في الستينات». وكيف لا تثير شخصيته الجدل وهو وفق فاربر «أصبح شخصية في الولايات المتحدة خصماً صاخباً للسياسة الخارجية الامريكية، يطالب بالعدالة لجميع الفقراء في الولايات المتحدة وليس للأمريكيين الأفارقة فحسب». في حين اوضح مدير مركز الأبحاث حول التاريخ الاجتماعي في بافالو «هنري لويس» ان «كينغ أثار عداء حركة الحقوق المدنية برمتها والحكومة وقسم كبير من الجهاز السياسي حين ندد علناً بحرب فيتنام». كان كينغ يخضع باستمرار لمضايقات الشرطة الفيدرالية، كما ان اعتماده الكفاح السلمي لم يكن ليرضي الشبان السود المتلهفين لإحداث تغيير. ويروي ديفيد غارو انه خلال الاشهر الـ 12 الاخيرة من حياته، كان كينغ منهمكاً تماماً متشائماً كلياً حول المستقبل وفي منتهى الاحباط. ويضيف: «ردد أكثر من عشر مرات خلال السنتين الاخيرتين من حياته، ان الحلم الذي راودني في واشنطن عام 1963 تحول إلى كابوس». بعد خمسين سنة على وفاته، يبقى حلم مارتن لوثر كينغ بقيام مجتمع يجلس جميع افراده إلى طاولة «الاخوة» مجرد حلم!. يقر استاذ التاريخ في جامعة نيوهمشير جيسون سوكول انه تم انجاز تقدم، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى استمرار التباين «وعلى الاخص حين ننظر إلى فقر السود، ونسبة المسجونين من بينهم ومشكلات العنف في ممارسات الشرطة». وتشير القناة إلى ان ما يزيد من الخيبة برأي هنري لويس هو كفاح كينغ لم يكن يقتصر على الحقوق المدنية، بل كان طموحه على مستوى حقوق الانسان، ويشرح الاستاذ الجامعي ان حلم كينغ كان يرتقي إلى عالم آخر ممكن يقوم على العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعرقية. ومن هذه الناحية يقول لويس: «يتبين لنا اننا لم نحقق تقدمًا كبيرًا خلال السنوات الخمسين الاخيرة على طريق تحقيق هذا الحلم». وبوضوح يؤكد ان كان سلوك الافراد تبدل في ما يتعلق بالمسائل العرقية، فإن العنصرية الكامنة في نسيج مؤسسات الولايات المتحدة وهيئاتها لم تتغير حقاً. خلاصة وجهة نظره تجلي إرث كينغ مؤخراً ايضاً في حركة «حياة السود تهم» التي نشأت وسط موجة من استياء عمت الامريكيين السود تجاه أعمال العنف التي ترتكبها الشرطة، وفي حركة «مسيرة من اجل حياتنا» التي شكلها طلاب بعد عملية اطلاق نار في مدرسة بفلوريدا، ونظمت تظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف في واشنطن وباقي انحاء البلاد. وبين المتظاهرين «يولاند رينيه» حفيدة مارتن لوثر كينغ البالغة من العمر تسع سنوات. وعلى غرار جدها، نجحت بولاند في تعبئة الحشود مستلهمة أشهر كلماته «لدى حلم طفح فيه الكيل يجب الا تكون هناك اسلحة في هذا العالم». ذكرنا في مقال سابق عنوانه «امريكا والتفرقة العنصرية» المنشور في جريدة (الأيام - يونيو 2015)، لقد انقضت عقود على مكافحة العنصرية في امريكا، وبالرغم من القوانين والتشريعات والنضال ضد كل انواع العنصرية والتمييز العنصري، فإن امريكا اصبحت اليوم ساحة لمصادمات وحوادث عنصرية والامثلة على ذلك كثيرة!. وذكرنا ايضاً ان ما يحدث من امراض واختلالات اجتماعية وتناقضات وصراع طبقي لا ينفصل عن الرأسمالية المتوحشة، ولا عن السياسة البرجماتية (النفعية) التي تنتهجها الادارة الامريكية. وفي عهد ترامب لا يخفى على أحد ان رئيس أكبر دولة في العالم يمارس كافة اشكال العنصرية عندما صرح ان الدول الافريقية بأنها «حفر قاذورات» اثناء رفضه مشروع قانون للهجرة، وهو ما يتناقض ويتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان، ومع العهود والمواثيق الدولية التي تنص على محاربة العنصرية واحتقار الآخر والكراهية.

مشاركة :