الابتكارات أمر شائع. فغالبا ما يتم تذكير القياديين بالتهديدات التي يجلبها الابتكار، والتي قد تغير وجه القطاعات التي يعملون بها بشكل جذري، أو تعوق من تطور شركاتهم. تكون الابتكارات في عديد من الحالات جذرية، وتؤدي إلى خسارة الأشخاص عملهم أثناء هذه العملية. يصعب على القياديين التركيز على العمل الاجتماعي في عالم ترتكز فيه استراتيجية المؤسسات على المنافسة والابتكار. بحسب مفهوم استراتيجية "المحيط الأزرق"، فإن ما يكون لمصلحة الشركة سيكون في مصلحة المجتمع. سنوضح هنا لماذا وكيف يتأثر المجتمع وعالم الأعمال على الدرجة نفسها. نتعلم من وسائل الإعلام والدورات التدريبية حول الاستراتيجية، بواجب تقدير أولئك الذين يستطيعون المنافسة والفوز. فهل نقدر بالفعل مثل هؤلاء الأطراف؟ بالطبع نحن كذلك. ولكننا نقدر أيضا كل من يمتلك أسلوبه الخاص في الموسيقى والفن والشعر، ونقدر الأسواق والقطاعات التي تنجح في إيجاد حلول لمشكلاتنا، وتفتح أمامنا أبوابا جديدة لم نفكر بها من قبل. فالتمويل المتناهي الصغر الذي يخرج الأشخاص من قعر الفقر، أو شارع سمسم السلسلة التلفزيونية التي توفر المتعة لمشاهديها، والتعليم المبكر المجاني لجميع الأطفال بغض النظر عن الموارد الاقتصادية، أو دواء الفياجرا الذي أثر إيجابا في حياة الأزواج وعديد من الرجال تعد خير مثال على ذلك. مع تجاوز العرض للطلب في عديد من القطاعات، نحتاج إلى التحول من المنافسة إلى الابتكار لتوفير فرص جديدة للنمو. وعلى الرغم من التركيز الكبير على الابتكار في يومنا هذا، إلا أنه لا يتعين علينا تهديد وتشويه الآخرين لإيقاف الأفكار الجديدة. تظهر أبحاثنا أن الابتكار يمثل نصف الصورة فقط لإيجاد أسواق جديدة. أما النصف الآخر والأكثر أهمية الذي سنركز عليه، ما يطلق عليه "الابتكار غير الهدام"، الذي نقصد به إيجاد أسواق جديدة لم تكن موجودة سابقا. وبالتالي لا يوجد خوف من خسارة الآخرين عملهم، أو القضاء على كل ما سابقه. فالتمويل المتناهي الصغر، وشارع سمسم والفياجرا، والمواعدة عبر الإنترنت، جميعها أمثلة على الابتكارات غير الهدامة. وعلى عكس الابتكارات الهدامة، فإن هذه القطاعات التي تبلغ تكلفتها مليارات الدولارات، توفر فرص عمل جديدة، وتحقق نموا وأرباحا، وتسهم في حل مشكلات جديدة، أو تغتنم فرصا جديدة، من دون الحاجة إلى استبدال أو القضاء على الشركات أو القطاعات أو المهن الحالية. يوجد اليوم عديد من المشكلات التي تحتاج إلى إيجاد حلول لها. هناك عديد من الفرص التي تعود بالنفع على مجتمعاتنا والعالم بفضل الابتكارات غير الهدامة. نستطيع من خلال تطبيق استراتيجيات خلاقة إيجاد حلول من شأنها أن تجعل العالم مكانا أفضل، وتجعل مؤسساتنا أقوى ومربحة وملهمة. يوجد عديد من التحديات التي نواجهها وتتطلب منا إيجاد حلول لها، من زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى نقص المياه، والكهرباء والطاقة. ومن دون فتح حدود جديدة أمام قيمة التكلفة، لن نكون قادرين على إيجاد حلول تستطيع الحكومات تحمل تكلفة شرائها وتطبيقها. فالحكومات لا تستطيع تمويل الحلول المعقدة والمكلفة. أما على الصعيد الاجتماعي، أليس ذلك ما يحتاجه عالمنا ــ حلول جديدة وتحقيق النمو والازدهار؟ ولا نستطيع تحقيق ذلك من خلال الابتكارات الهدامة أو استبدال الحالي، لكن من خلال الابتكارات غير الهدامة التي لا تتطلب خسارة اللاعبين الحاليين في سبيل تقدم غيرهم. فنحن بحاجة إلى مزيد من الابتكارات غير الهدامة لتحقيق التقدم وإحلال السلام. عندما نرى شركات وموظفين لا يملكون حافزا أو مصدرا للإلهام، ويشعرون غالبا بالخوف من خسارة عملهم، فسنعرف أهمية إيجاد عروض خلاقة تحقق مزيدا من النمو والأرباح، وتمنح أفرادها الشعور بالفخر والاعتزاز. فاليوم ابتداء من القطاع الصحي إلى قطاع التعليم، إلى قطاع النشر وحتى المكتبات، جميعها بحاجة إلى إيجاد حلول. تواجه جميع القطاعات تقريبا معضلة كثرة المعروض، الذي لا يتناسب مع حجم الطلب. تمثل هذه الحالات المحيط الأحمر المليء بالمنافسة. بإمكان قطاع الأعمال أن ينأى بنفسه عن ذلك. فبالنسبة لنا لا يعتبر ذلك شرطا للنمو فقط، بل قد يساعدهم على أن يصبحوا قوة لتحقيق الأفضل. لا نستطيع مساعدة الآخرين إذا ما كنا عاجزين عن مساعدة أنفسنا وتحصينها. فرجل الإطفاء الأقوى هو من يستطيع حماية أرواح أكثر، وليس الضعيف. على غرار إجراءات السلامة في الطيران: "في حال فقدان ضغط الهواء في المقصورة، ضع قناعك أولا قبل مساعدة جيرانك". فعندما نكون أقوياء، سنكون ملهمين وبالتالي قادرين على توفير فرص جديدة للمجتمع ولموظفينا. فالأطراف الاقتصادية المغمورة أكبر قوة للخير. دعونا لا ننسى التأثيرات الاجتماعية التي تترتب على إيجاد أسواق جديدة وإيجاد قيمة تكلفة جديدة. فعندما تكسب الشركة كثيرا من المال من خلال قيامها بعملها على نحو أكبر، قد تلهم المساهمين. ولكن عندما يكون تأثيرها على مستوى العالم من خلال طرحها عروضا مذهلة، فإنها تلهم الجميع. فعند وفاة ستيف جوب، ذرف عديد من الأشخاص حول العالم دموعهم عليه، كون ما صنعه لشركة أبل جعلهم يتساءلون بإدراكهم اللاواعي عما يستطيعيون فعله بدورهم، ولماذا لا يمكنهم تقبل الوضع الراهن. نسعى جميعنا لأن نحدث فرقا ونتميز عن الآخرين. يرفض جيل الألفية إلى حد كبير التركيز الحالي على المنافسة من أجل التميز. فهم مدفوعون بالإبداع والتعاون. ويريدون تغيير العالم بطريقة إيجابية وبناءة. يرغبون في الابتعاد عن روح المنافسة التي لطالما علمتنا إياها كليات إدارة الأعمال. ويبحثون عن حلول جديدة لعمل فطيرة أكبر تكفي الجميع. غالبا ما يقول الناس لنا "تشان ورينيه، أنتما ساذجان، فما تقولانه من المستحيل تطبيقه. ليس في القطاعات الحالية أو حتى هذا العالم". وعادة ما يكون جوابنا: "أنتم محقون، من المستحيل تطبيقه، إلى أن يصبح واقعا فعليا". "هل تستطيع أن تتصور أنه خلال خمس أو عشر سنوات سيتمكن أحدهم من إيجاد حلول جديدة؟". يجب أن نتذكر أننا وصلنا إلى القمر. وعندما يكون الجواب بالإيجاب، عندها سنقول: "إذا ما كان ذلك ممكنا، فلماذا لا نستطيع تطبيقه اليوم؟ ولماذا علينا الانتظار في الوقت الذي نؤمن بإمكانية تحقيقه اليوم؟". لا تتمثل مهمة القياديين في تحقيق كل ما هو سهل، بل ما يقدم قيمة، ومما لا شك فيه أن إنجاز ذلك ليس بالمهمة السهلة. لذلك نعتز بالقياديين الذين يتركون بصمتهم على الرغم من الصعاب، وبالإرادة والتصميم التي يمتلكونها لتحقيق ذلك. بالنسبة لنا هذا القيادي هو قوة الخير. فهو لا يقوم بتقديم الأعذار لعدم تمكنه من القيام بالأشياء، ولكنه عوضا عن ذلك يحاول إيجاد طريقة لتحقيقها. بالنسبة لنا، فإن أولئك الذين يوفرون فرصا حقيقية للنمو وزيادة فرص العمل، الذين يتحولون من المنافسة إلى توسيع آفاق الاقتصاد. هم القوة الحقيقية للخير على الأصعدة الأساسية لقطاع الأعمال. فكن أنت ذلك القائد، واصنع الفرق. أوجد "المحيط الأزرق" الخاص بك.author: دبليو تشان كيم رينيه موبرونجImage:
مشاركة :