ماذا تريد طوكيو من واشنطون قبل قمة القرن؟

  • 4/22/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من أن لقاء القمة المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي «كيم جونغ أون»، والذي وصف بـ «لقاء القرن» لم يحدد زمانه ومكانه بدقة حتى لحظة كتابة هذه السطور، فإن مجرد الإعلان عنه، من بعد تهديدات وتهديدات مضادة وحرب كلامية طويلة استخدمت فيها أوصاف غير مسبوقة في عالم الدبلوماسية، قوبل بترحيب كبير من قبل كوريا الجنوبية والصين وروسيا الاتحادية وبعض القادة الأوروبيين، علاوة على مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الياباني «يوكيا أمانو». وحدها اليابان كان رد فعلها مختلفاً. إذ بدا رئيس وزرائها «شينزو آبي» متحفظاً إزاء الحدث. فهو لئن أعرب في بيان متلفز عن تقديره الكبير «لهذا التغيير من جانب كوريا الشمالية، لإجراء محادثات عمادها مبدأ نزع الأسلحة النووية»، فإنه من جانب آخر أكد على أن بلاده ستستمر في ممارسة أقصى ضغط ممكن إلى حين اتخاذ بيونغيانغ تدابير ملموسة في إتجاه تصفية سلاحها النووي. وهذا تقريباً نفس ما أكد عليه الرئيس الأمريكي ترامب في تغريدة له حينما كتب «تم إحراز تقدم كبير لكن العقوبات ستبقى الى حين التوصل الى اتفاق». عدا عن ذلك أخبر آبي شعبه أنه سوف يتوجه في إبريل (الجاري) إلى واشنطون لإجراء محادثات مع الرئيس ترامب قبل اجتماع الأخير بنظيره الكوري الشمالي.     والحقيقة أن آبي تجاوز كل أسلافه لجهة عدد زياراته للبيت الأبيض منذ أن وصل إلى السلطة في ديسمبر 2012، غير أن زيارته، التي تكون قد اختتمت وقت نشر مقالنا هذا، لها أهمية خاصة في ظل مخاوف طوكيو من احتمال أن تتساهل واشنطون مع بيونغيانغ في عدد من الملفات خلال قمة القرن، أو احتمال عقدها صفقة سلام مع بيونغيانغ لا تأخذ في الاعتبار المصالح اليابانية العليا بقدر كافٍ، خصوصا وأن كوريا الجنوبية تدفع باتجاه انعقاد قمة القرن، التي هي عرابها، بكل قوة دون النظر إلى تحفظات أي طرف إقليمي ذي علاقة كاليابان.  وتذكرنا مخاوف طوكيو هذه بما اجتاح اليابان عشية الإعلان عن لقاء القمة الأول بين الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون والزعيم الصيني الأحمر ماو تسي تونغ في فبراير 1972. إذ خافت طوكيو وقتها أن يقدم حلفاؤها الأمريكيون على خطوات تطبيعية مع الصين الشيوعية معطوفة على انفتاح سياسي واقتصادي وبشكل يهدد مصالحها أويقلل من مكانتها في الاستراتيجيات الأمريكية الخاصة بشرق آسيا والمحيط الهاديء. ومع ملاحظة الاختلاف الكبير بين سياسات ترامب الاندفاعية نحو حلفاء بلاده التاريخيين وبين سياسات سلفه باراك أوباما المتخاذلة إزائهم، ربما استعاد آبي، وهو يتوجه مجدداً إلى الولايات المتحدة، ما شعر به في زيارته الأولى كرئيس لحكومة بلاده في فبراير 2012 حينما وجد نفسه تائها بين موقفين من الإدارة الأوبامية حيال قضية جزر سينكاكو اليابانية التي تطالب بها الصين. وكان الموقف الأول هو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق هيلاري كلينتون بقولها «نحن نعارض أي نوع من الإجراءات الآحادية التي من شأنها أن تسعى إلى تقويض الإدارة اليابانية على جزرسينكاكو». لكن هذا الموقف المشجع لليابانيين تلاه بعد وقت قصير موقف آخر ومن كلينتون نفسها أمام نظيرها الياباني «كيشيدا فوميو» حينما قالت: «لقد كررت القول لوزير الخارجية كيشيدا، كما قلت لأصدقائنا الصينيين، أننا نريد أن نرى حلاً سلمياً لهذه القضية العالقة بين الصين واليابان». وبطبيعة الحال فإن المتفحص في الموقفين يرى أن الأول يقر بحق اليابان وحدها بالسيادة على الجزر، فيما الموقف الثاني يحمل في طيانه حق البلدين وضرورة التفاوض حوله. نعم، يسعى آبي، من وراء زيارته الجديدة لواشنطون، إلى الحصول على تطمينات من ترامب حول عدم تقديم تنازلات لنظام بيونغيانغ من شأنها أن تضر باليابان. كما سيطلب من مضيفيه الأمريكيين أن يدرجوا في محادثاتهم مع الكوريين الشماليين قضية استرداد مواطنين يابانيين اختطفهم نظام بيونغيانغ في الماضي. لكن هل هذا كل ما يتصدر جدول أعمال القمة الأمريكية اليابانية الجديدة؟ الإجابة كلا. فالضيف الياباني الزائر من المؤكد أنه سيفتح مع مضيفه قضايا إقتصادية وتجارية بالغة الحساسية. وبكلام آخر ستحرص طوكيو على إقناع واشنطون بالعواقب الوخيمة على الاقتصاد الياباني بصفة خاصة والاقتصاد العالمي بصفة عامة إذا ما اندلعت حرب تجارية أمريكية ــ صينية كما ستحرص طوكيو على تفادي دفعها لمحادثات ثنائية حول اتفاقية تجارة حرة لا تقتصر على فتح الأسواق وإنما تشتمل أيضا على مسائل أخرى مثل العملة والسياسات النقدية. والمعروف أن الرئيس ترامب قام في مارس المنصرم بفرض رسوم على واردات بلاده من الصلب والالمنيوم مع إعفاء بعض الدول منها مثل دول الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، لكنه استبعد اليابان من قائمة الدول المعفاة الأمر الذي أصاب اليابانيين بخيبة أمل. لكن طوكيو تجنبت المعاملة بالمثل ولم ترد، حفاظاً منها على روابطها التحالفية مع واشنطون. والمعروف أيضا أن ترامب كتب تغريدة في منتصف الشهر الجاري قال فيها «لدينا اتفاقات ثنائية مع ست من الدول الإحدى عشرة في الشراكة ( يقصد اتفاقية الشراكة والتبادل الحر عبر المحيط الهادئ)، ونعمل على التوصل إلى اتفاق مع اليابان، كبرى هذه الدول التي سببت لنا الكثير من الأذى على المستوى التجاري على مدى سنوات».

مشاركة :