«الحروفية» تصل باللوحة العربية إلى العالمية

  • 4/22/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن كانت فترة التسعينات، بحسب الباحثين ومتخصصي الفنون مرحلة نضج الأفكار وبداية تصالح الفنان العربي مع تراثه، دون إرباك أو غموض في الرؤية، هنا، بدأ الفنان العربي والمسلم منسجماً مع المسيرة العالمية للفنون، وهنا، كذلك انطلقت التجربة الحروفية العربية، بتراثها العربي والإسلامي، متخلصة من تبعية التجربة التشكيلية للغرب، ومتجاوزة ما كان يشكل عقدة نقص في ستينات وسبعينات القرن الفائت.صرنا نرى تجارب جديدة في فنون الخط العربي، وأخرى نقلت الخط إلى فضاء اللوحة التشكيلية، فبات «الحرف» متناغماً مع الوسائط المتعددة التي وفّرتها التكنولوجيا الحديثة، وانطلق إلى فضاءات، واتجاهات تتقاطع مع منجز الفنون العالمية، مع ما تحمله من تجريد وتعبير بصري.العودة إلى استيعاب مفهوم الفنون الإسلامية، نشّط حركة البحث النقدي العربي،، فصرنا نجد أبحاثاً متعمقة تقف على الجذر الفلسفي للحروفية، بالعودة إلى مجموعة الرؤى والأفكار الصوفية، التي تعاملت مع الحرف العربي، وفق علاقة روحية فيها ما فيها من الأرقام والألغاز والرموز الماورائية للحرف العربي، وقيمه المقدسة التي تنسجم، بل تتناغم مع جوهره، وقيمه العليا التي تحاكي لغز الوجود والكون.وهذا ينسجم تماماً مع ما تؤكده الباحثة التونسية الدكتورة هالة الهذيلي التي تقول «إن للفنون الخطية العربية تاريخاً زاخراً بالثراء التعبيري والتقني والمفاهيمي، في أشكال فنية متعددة، وهو ما يسمح بامتداد جوهر الحرف وانتشاره في واقع الفنون المعاصرة، عبر تجليات متعددة في أساليب البناء التعبيري، بما أتاحته النقلة التكنولوجية المعاصرة».انتشرت التجربة الحروفية العربية، في إطار تعريف محدد بالنسبة لجمهور الفنانين العرب، وهو «الفن الذي اعتمد الحرف العربي في بنية العمل، سواء كان مخططاً، أو مرسوماً، أو مكتوباً، أو مطبوعاً واضحاً أو مموهاً، وحتى مقروءاً أو تجريدياً..»نشأت الكثير من التجارب الحروفية العربية، في العراق وتونس لبنان والمغرب وغيرها، من نجا المهداوي إلى الناصري العزازي إلى سمير الصايغ، الذي ينظر إليه باعتباره أستاذاً في التشكيل الخطي، وأعماله تتسم بالبساطة والحكمة والبحث التشكيلي القيم، مروراً بالسوري خالد الساعي الذي يلقب ب «ساحر الحروف بالألوان، وليس انتهاء بتجربة نقل الحرف العربي إلى اللوحة، وخلطه مع التقنيات اللونية واعتماد طراز متجدد للحروفية تتبع إيقاعات الزمن، وفق منظور حروفي تشكيلي ونسب موسيقية.أصبح الخط مدروساً بوصفه فناً تشكيلياً، مرسوماً، ومزخرفاً، ومنحوتاً، وقد شهدت اللوحة الحروفية العربية تحولات تركيبية، تستثمر كينونة الحرف العربي وجمالياته، لتقوية عناصر النصوص من الناحية الجمالية.انفتحت الحروفية العربية على عناصر لا نهاية لها من التجربة البصرية العالمية، متجاوزة أطر المفهوم الوظيفي، نحو مساحة أكبر تتيح قراءات بصرية ودلالية، مستفيدة من التراث الخطي العربي، وفلسفته المتمثلة في تأويل الحروف، وربطها بالحالات الإشراقية، والوجد الجواني للروح.في تجربة نقل الحرف إلى مستوى القصيدة الحروفية، يقدم الباحث والناقد العراقي حاتم الصكر بحثاً مهماً ضمن فعاليات الندوة الفنية التداولية.. جوهر الإبداع والتلقي في التجليات الجمالية للحرف «التي عقدت ضمن الدورة الثامنة لملتقى الشارقة للخط «جوهر»، وشارك فيها الباحثون والفنانون: هند الصوفي «لبنان» و د. محمد عبد الرحمن «السودان» ومحمد العامري «الاردن»، بالإضافة إلى التونسية الدكتورة هالة الهذيلي، وإبراهيم آيت زيان من المغرب.وأهمية البحث تنبع من كونه يقدم قراءة في القصيدة الحروفية بالعودة إلى ديوان «شجرة الحروف» للشاعر أديب كمال الدين، الذي قدّم تجربة خطية التفت من خلالها للطاقة الجمالية والرمزية في الحرف العربي، خارج نطاق الوظيفة الخطية أو المعنوية.. ولنتأمل هذا المفتتح:ليس هناك من شجرة بهذا الاسم / أو بهذا المعنى / ولذا أنبتّ هيكلي العظمي في الصحراء / وألبسته قبعة الحلم / وعلقت عليه / طيوراً ملونة / اتخذت شكل النون / ثم وضعت عليه / بيضة صفراء / اسمها النقطة.لقد تعددت مصادر الإبداع والتلقي في الحروفية العربية، كما يؤكد الباحث د. محمد عبد الرحمن، الذي يدرس جماليات الحرف العربي، كتركيب نصي تتقاطع فيه مستويات أربعة: الحرف علامة، والحرف صوت والحرف شكل والحرف معنى.لقد أثبتت الحروفية العربية جدارتها في تجربة تفاعل وتطوير الحرف مع الصياغات والأنساق والموضوعات الجمالية الهائلة التي تستثمر شكل كتابة الحرف في نماذج تعبيرية وبصرية مدهشة.

مشاركة :