الشارقة: عثمان حسناستضاف مركز مرايا للفنون في القصباء بالشارقة، ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية «أثر»، معرض «الحروف بين النجوم» للفنان تيمو ناصري من ألمانيا، ومعرض (جرافيتي - تجليات) الذي شارك فيه كل من الفنانين المصريين مجدي الكفراوي ومحمد عبد العزيز، بجدارية خاصة لكل منهما. افتتح المعرضين عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة بحضور محمد إبراهيم القصير المنسق العام للمهرجان، ومروان السركال المدير التنفيذي في هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وجمع من الفنانين المشاركين في المهرجان والإعلاميين الضيوف.في المعرضين يستمتع المشاهد بتفسير كل من الفنانين الثلاثة ثيمة «أثر»، وتعبيره الإبداعي الخاص، فالفنان تيمو ناصري في معرضه ينطلق مما سبق وطرحه الخطاط العربي ابن مقلة، الذي عاش في القرن الأول الميلادي، والذي تحكي عنه بعض الكتب التراثية حكاية خيالية مشوقة تتعلق باكتشافه لأربعة حروف مفقودة من اللغة العربية، معتمداً على حسابات فلكية منطقية، فيقوم ناصري باستلهام هذه القصة في معرضه، محاولاً اكتشاف هذه الحروف ببناء شكل هندسي مستخدماً أدوات القياس الفلكية، ومحاولاً استقراء النظام الفلكي للنجوم.في هذا العمل ثمة سلسلة من الخطوط والتقاطعات التي تجذب المتلقي نحو تلك الهالة من الهياكل الخطية -إن جاز التعبير- ليس ذلك فحسب، فمن يشاهد أعمال ناصري يحسب أنه أمام مساقط خطية كثيرة، تتخللها هالات من النجوم، وقد نفَّذ ناصري هذه الأعمال يدوياً باستخدام الحبر الأبيض على ورق أسود، ضمن مفهوم المقرنصات في الفنون الإسلامية، التي تحتاج إلى حرفية عالية في إنجازها ولها وظيفة معمارية وزخرفية رمزية غاية في الجمال، ويشتمل معرض ناصري على رسوم وقطع خشبية، بالإضافة إلى أربع منحوتات مستوحاة من قصة الحروف المفقودة.وُلِد ناصري في برلين لأم ألمانية وأب إيراني. بدأ حياته الفنية كمصوّر، ثم انتقل إلى العمل في مجال النحت، وجزء كبير من أعماله تتمحور فكرتها الفنية حول التراث الثقافي الإسلامي والغربي.يتناول مجدي الكفراوي في جداريته مفهوم الأثر وحيوية العناصر البصرية للفن الإسلامي، ومدى تأثيرهما في الفن وهو يعتقد أن التراث الإسلامي منذ نشأته يعتبر أحد أهم منابع الإلهام البصري، والأثر الإسلامي بالنسبة للكفراوي مملوء بالأسرار على كافة المستويات البصرية، والتقنية والدلالية، وهو الذي حاول تطبيقه على جداريته التي حاول من خلالها ترجمة مثل هذه الأفكار من خلال صياغة بصرية ولونية، ذات ملمح إسلامي بارز.يوائم الكفراوي في جداريته ما بين الرؤى الفنية المعاصرة، من دون التخلي عن رموز ودلالات الفن الإسلامي، وهو إذ يتكىء على التراث الإسلامي في عمله هذا، لا ينفك يبحث عن الجمال المطلق بلغة تعبيرية تتخذ من فن الجرافيتي نافذة لها، بالاستعانة بالشعر العربي، والصياغة البصرية لهذا الخط العربي، الذي يتصدر جداريته، وهو بهذا يترك فسحة للجمهور لكي يتأمل جداريته مشغوفاً بعناصر الجمال حيث الحرف يعبر عن طاقة روحية لا متناهية وهو بكل تأكيد يحمل العديد من المعاني والأسرار.الخط بالنسبة للكفراوي يمكن استخدامه في حروفيات بصرية لا نهاية لها، مما يترك أثرا بالغاً عند المتلقي ويدفعه للتأمل العميق في المشهد البصري كما هو حال جداريته المعروضة.أما محمد عبد العزيز فيحاول هو الآخر في جداريته تقديم مفهوم الأثر بالبحث عن الجمال المطلق باستخدام لغة تعبيرية خاصة، تتخذ فن الجرافيتي نافذة لها، مستعيراً من الشاعر نزار قباني بيتاً شعرياً يصوغه بصرياً بخط عربي أصيل يتصدر جداريته.وهو بهذه الجدارية يحاول أن يقدم فسحة جمالية يداعب من خلالها حساسية المتلقين وشغفهم بالجمال، وهو يرى أن للحرف العربي طاقاته المعبرة عن النفس وحالاتها والخطوط كما الحروف العربية بالنسبة لعبد العزيز تحمل رسائل عدة، كما أن «الحروفية» على وجه الخصوص تتيح للفنان أن يصوغ جماليات وأفكاراً لا حصر لها.يعتقد عبد العزيز أن المتابع لحركة الفن التشكيلي وبشكل خاص الجرافيتي وفن الشارع، يجد أن الحرف العربي يتصدر الكثير من المباني والميادين عربية وغربية، غير أن بنية الحرف العربي لها تأثيرها الواضح في الناطقين بلغات أجنبية، ذلك بفعل الاشتغال البصري الذي يتناول الحرف برؤى تشكيلية معاصرة تستنهض طاقاته الجمالية، من هنا ندرك أثر الحرف العربي في آليات التلقي، كما أن الفن الإسلامي يوائم ما بين الحداثة والأصالة، وهو الذي عكسه عبد العزيز في جداريته بإيماءات بصرية توحي بوجودها، من خلال استغلال خامات مختلفة متعارف عليها، مثل الأرابيسك والخيامية وغيرها، في عمل يجمع بين الجرافيتي والجداري.
مشاركة :