عبد اللطيف الزبيدي هل توجد مدينة في العالم كل طرقاتها وشوارعها ذات اتجاه واحد؟ هذا القانون المروريّ المتطرّف مطبّق في السياسة الدولية التي يفرضها «المجتمع الدوليّ». ما هو هذا الشبح العجيب، الذي يعمل دائماً في اتجاه واحد، لغاية واحدة فرديّة انتقائيّة؟ الغريب هو أنه حتى عندما يقف ضدّ نواياه وزيف أطماعه 128 صوتاً في الأمم المتحدة، يصرّ على حمل لواء «المجتمع الدوليّ»، احتكاراً، فالآخرون لئام متمرّدون على من أكرمهم، أو أعداء مغرضون.ما يدعو إلى الذهول هو أن غطرسة القوة استطاعت استبدال «المجتمع الدوليّ» الزائف بالمجتمع الدوليّ الحقيقيّ، الذي هو مجموع دول العالم، وما تقتضيه المنظومة من حلّ المعضلات المزمنة والمشكلات الطارئة، جماعيّاً. هكذا أدّت القيم المضادّة إلى الانقضاض على ليبيا، التي لم يكن وضعها كارثياً، قياساً على غيرها، فجعلها «المجتمع الدوليّ» دولة فاشلة وبؤرة إرهاب تصدّر الأوبئة إلى غيرها، بينما فلسطين جريحة منذ سبعين سنة، وأطبّاء القوة يرون العلاج في تقوية الفيروس الدخيل لاستئصال الجسم الأصيل.ما حدث لسوريا بعض رحمة ربّك، فماذا كان مصيرها سيكون، لو كان العالم في كمّاشة القطبيّة الواحدة؟ كيم جونج أون أعدّ لهم ما استطاع من قوّة. لا تعدو الذئاب على من لديه كلاب الصواريخ الباليستيّة. في هذه الحال لا يجد أكبر رأس في «المجتمع الدوليّ» مفرّاً من التواضع والحوار. هنا تشدو الدبلوماسيّة بالغزل الزيدونيّ: «أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.. وناب عن طيب لقيانا تجافينا». هل من مهرب؟ لا بدّ من تعديل قانون المرور ليصبح الطريق ذا اتجاهين. وراء الأكمة الانفتاحية استراتيجيّة طبيّة، تهدف ولا شك إلى قطع الحبل السُّري الذي يصل بيونج يانج بموسكو وبكين، وفي المضمر: إذا نجحت العملية، فعندئذ لكل حادثٍ حديثُ حادثة حديثة. لكن كما يقول المثل التونسيّ: «إيش يخرّج العروس من دار أبوها؟» هل تحتاج واشنطن إلى دراسة أكاديميّة لتصوير لعبتها مع كوريا الشمالية، أفضل من «توم وجيري»؟ أسوأ درس قدّمه «المجتمع الدوليّ» هو أن القوّة لا تفهم إلاّ لغة القوّة، وهذا ليس مثالاً للقيم الحضارية والإنسانية، وجعلها حَكَماً عدلاً في حل القضايا الدولية. الحلول الظالمة تمهيد لحروب جديدة، ودافع إلى سباق التسلح، ما يطيل عمر قانون الغاب، إلى أن تقول الصراصير إن الجنس البشريّ المؤذي غاب.لزوم ما يلزم: النتيجة البيئيّة: مسكين الذكاء البشريّ، في ثلاثة آلاف سنة فقط من العلوم صارت الإنسانية تواجه احتمال نهايتها. السلاحف متأقلمة منذ 350 مليون عام. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :