تفوقت معظم أسواق الأسهم الخليجية بأدائها على الأسواق العالمية خلال الربع الأول من العام الحالي، بينما سجلت الأسواق المتقدمة أول تراجع لها على أساس ربع سنوي منذ عامين. وسجلت الأسواق الناشئة، وفق تقرير بنك الكويت الوطني، أداء أفضل، حيث ارتفع مؤشر "مورغان ستانلي" لأسواق المال الناشئة بواقع 0.4 في المئة، بدعم من قوة الاقتصاد، بينما سجل مؤشر "مورغان ستانلي" للأسهم الخليجية أداء استثنائياً، بزيادة بلغت 7 في المئة على أساس ربع سنوي. وقد تأقلمت الثقة العالمية للمستثمرين مع التطبيع في السياسات النقدية والتطورات الجيوسياسية التي طرأت في الأشهر الأخيرة. لكن من المتوقع أن تسجل الأسواق نمواً إيجابياً بوتيرة معتدلة خلال العام الحالي، وذلك على إثر توقعات بقوة النمو العالمي والأوضاع المالية الميسرة. وعادت التقلبات إلى الأسواق العالمية في الربع الأول من العام الحالي بعد الهدوء غير المعتاد الذي شهدته في عام 2017، حيث ظهرت هذه التقلبات في البداية نتيجة وجود مؤشرات على تغير التوقعات التضخمية العالمية نحو الارتفاع في إطار اقتصاد عالمي منتعش، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة بصورة أسرع وبمعدل أعلى من التوقعات. وإضافة إلى ذلك، فإن المخاوف التي أثارها رحيل عدد من كبار موظفي الإدارة الأميركية والسياسة الحمائية للتجارة الأميركية أدت إلى بقاء الأسواق في حالة متحفظة منذ ذلك الحين. المخاوف تضغط على الأسهم العالمية سجلت الأسهم العالمية أول خسائر لها على أساس ربع سنوي، وذلك منذ عامين، فقد تراجع مؤشر مورغان ستانلي العالمي بواقع 2.3 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، نتيجة التراجع الذي شهدته الأسواق المتقدمة. وتراجع مؤشرا "ستاندرد آند بورز" و"داو جونز الصناعي" بواقع 1.2 في المئة و2.5 في المئة على أساس ربع سنوي، وذلك على التوالي. كما تراجع مؤشر "يورو ستوكس 600" الذي يشمل جميع الأسواق الأوروبية بواقع 4.7 في المئة. وتأثرت الأسهم الأميركية بالتغيرات التي طرأت على التوقعات حول التضخم ومبادرات الرئيس ترامب حول السياسة التجارية. ففي البداية، ارتفعت كفة الترجيحات حول رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي للفائدة على إثر احتمال تبنيه سياسة نقدية أكثر تشدداً نتيجة ارتفاع التضخم وضيق سوق العمل، ولكن الأسواق فوجئت بالإعلان عن الرسوم الأميركية الجديدة للتجارة الخارجية وتصاعد حدة الخطاب بهذا الشأن. اهتزاز الثقة وقد تقلبت الأسواق الأميركية في أواخر الربع، في ظل محاولتها تخمين مدى حدة السياسات الجديدة، التي لطالما أفضت إلى نهاية أفضل من التوقعات المسبقة بشأنها. وفي أوروبا، انخفضت الثقة نتيجة قوة اليورو والخوف من التصعيد التجاري ومدى تأثيرهما على الشركات المستفيدة من التصدير. وقد انعكس تباطؤ النمو في تراجع مؤشر مديري المشتريات ومؤشرات الثقة والتساؤلات بشأن الأوضاع السياسة الأوروبية في زيادة التحفظات من المستثمرين خلال الربع. في المقابل، سجلت الأسواق الناشئة أداء أفضل، مستفيدة من ضعف الدولار وقوة النمو الاقتصادي، غير أنها أيضاً تأثرت كغيرها بالمخاوف التي أثارها النزاع التجاري. وبالرغم من ذلك، لا تزال هذه الأسواق جاذبة للمستثمرين بصورة جيدة، إذ تشير توقعات معهد التمويل الدولي إلى ارتفاع الاستثمار الأجنبي في الأسهم الناشئة إلى 495 مليار دولار في العام الحالي، مقارنة بـ 444 مليار دولار في 2017، وذلك بدعم من تسارع نمو الاستثمارات الحافظة. تفاوت أداء «الخليجية»... والصدارة للسعودية واكبت الأسهم الخليجية أداء الأسهم العالمية خلال معظم الربع الأول من العام الحالي، إلا أن بعضها اتخذ منحى أفضل بعد إعادة التصنيفات من مزودي مؤشرات الأسواق المالية وارتفاع أسعار النفط. إذ احتلت الأسهم السعودية الصدارة من حيث أدائها في أعقاب رفع تصنيف السوق السعودية من "فوتسي" لمؤشر الأسواق الناشئة، مسجلة ارتفاعا بلغ 8.9 في المئة على أساس ربع سنوي، بدعم من قوة جذب الاستثمار الأجنبي. كما ساهم إعلان خطة الانضمام التدريجي لبورصة الكويت إلى مصاف الأسواق الناشئة من قبل "فوتسي" والإفصاح عن قائمة الأسهم المؤهلة في ارتفاع مؤشر السوق بواقع 3.6 في المئة على أساس ربع سنوي. وجاء أداء سوق أبوظبي المالية جيدا (بالارتفاع 4.3 في المئة على أساس ربع سنوي) بدعم من قوة الإيرادات النفطية، بينما لم تسجل بورصة قطر تغييرا ملحوظا، ولكن من المتوقع أن تزداد جاذبيتها للمستثمرين بعد رفع سقف التملك الأجنبي في عدد من أهم المؤسسات القطرية. وجاء سوق دبي في المرتبة الأخيرة بتراجع بلغ 7.8 في المئة، نتيجة ركود طفيف في الاقتصاد وضعف نشاط سوق العقار. من المتوقع أن يزداد اهتمام المستثمرين بالأسواق الخليجية بشكل كبير بعد ترقية بعض أسواقها. إذ من المتوقع أن يشكل السوق السعودي 2.7 في المئة من وزن مؤشر "فوتسي" للأسواق الناشئة، حينما يتم ضمه في مارس 2019، أو 4.6 في المئة في حال احتساب الاكتتاب العام لشركة أرامكو، مما سيرفع التدفقات الساكنة للسوق المبدئية بنحو 5 مليارات دولار. تدفقات ساكنة ومن الممكن أن تساهم ترقية السوق السعودي إلى مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة في يونيو المقبل في إضافة 10 مليارات دولار في الصناديق الساكنة، مع توقعات بارتفاع إجمالي التدفقات إلى السوق (من ضمنها المتحركة) إلى 30 مليار دولار خلال السنوات المقبلة. وسيتم تقسيم انضمام بورصة الكويت لمؤشر "فوتسي" إلى مرحلتين، في سبتمبر وديسمبر من عام 2018 وسوف يكون وزنها في المؤشر عند 0.4 في المئة. ومن المحتمل أن يساهم ذلك في إدخال 800 مليون دولار من التدفقات الساكنة. وبدأت بورصة الكويت في أبريل بتنفيذ خطتها الهيكلية الجديدة، التي تتضمن فترة سماح تمتد سنة أمام الشركات المدرجة للامتثال بالمعايير والقوانين الجديدة. ومن المتوقع أن تساهم هذه التطويرات في إنعاش السيولة وجاذبية السوق، لاسيما للاستثمار الأجنبي. ومن المفترض أن توفر هذه التغيرات، بما فيها انضمام البورصة لمؤشر "فوتسي"، زخما في السوق، وذلك لما يتمتع به اقتصاد الكويت من متانة. ومن المتوقع أن تتلقى الأسهم العالمية دعماً من قوة النمو العالمي والأوضاع المالية الميسرة، إذ من المأمول أن يبلغ النمو العالمي 3.9 في المئة في العام الحالي، بينما يتوقع أن تبقى أسعار الفائدة العالمية متدنية (على الرغم من ارتفاعها في الفترة الأخيرة)، مما سيوفر بيئة اقتصادية متينة للأسواق. ولكن لاتزال هنالك بعض المخاطر، كاحتمال تباطؤ النمو العالمي رغم بلوغه مستوى جيدا حالياً، واحتمال تصاعد حدة النزاع التجاري العالمي، إضافة إلى إمكان ارتفاع حدة التطبيع في السياسات النقدية الذي قد يخلّف أثراً سلبياً على الأسواق.
مشاركة :