«الحوسبة الكمومية» مستقبل التطبيقات

  • 4/25/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: محمد فتحي تمثل الحوسبة الكمومية المستقبل في العالم، ومن المرجح لها أن تنتقل للعمل من المعامل والمختبرات إلى العالم الخارجي في كل التطبيقات خلال العام الجاري. ويؤكد العديد من الخبراء أنه بعد نصف عقد من الآن، ستكون الحوسبة الكمومية عنصراً أساسياً في أي درجة هندسة الحاسوب. وبدلاً من كونها تكنولوجيا غامضة على الكثيرين، ستكون متاحة للفهم والتطوير من قبل الجميع وستصبح أداة عملية في حل مشاكل الاستخدام في العديد من المجالات والصناعات. تكمن فكرة الحوسبة الكمومية في تشغيل الحواسيب وفق قوانين وأسس مبادئ ميكانيكا الكم وظواهره، وفي المستوى دون الذري، مثل حالة التراكب الكمي Quantum Superposition والتشابك الكمي quantum Entanglement، للقيام بمعالجة البيانات، ففي الحواسيب التقليدية، تكون كمية البيانات مقاسة بالبت: أما في الحاسوب الكمي فتقاس كمية البيانات بالكيوبت qubit (البت الكمي). المبدأ الأساسي للحوسبة الكمية هي القدرة على الاستفادة من الخواص الكمية للجسيمات لتمثيل البيانات ومعالجتها، إضافة لاستخدام قواعد ميكانيكا الكم لبناء وتنفيذ التعليمات والعمليات على هذه البيانات. ولا تزال الحواسيب الكمية في نطاق الأبحاث في الوقت الحالي، وعلى رأسها كيمياء الكم وإجراء محاكاة لنماذج مثل الجزيئات، أو الروابط الكيميائية. وتعمل العديد من مختبرات الأبحاث والتجارب على إصدار نسخ قادرة على التطبيق في مختلف المجالات بنهاية العام الجاري، على أن يُكتمل تطويرها لتغطي كل الأنشطة والعمليات خلال الخمس سنوات المقبلة. ويؤكد خبراء كثيرون أن لا مفر من إدخال الحواسيب الكمومية في التعليم الجامعي على الأقل، خصوصاً في المجالات العلمية، لأن كل التجارب العلمية المستقبلية ستكون قائمة على تلك الحواسيب فائقة القدرة.وبفضل هذه الحوسبة، فإن أجهزة الكمبيوتر على وشك أن تصبح قوية بشكل لا يصدق. فبدلاً من الاعتماد على تقنيات أجهزة الترانزستورات والإشارات الثنائية كما هو الحال في أجهزة الكمبيوتر الحالية، تستخدم أجهزة الكمبيوتر الكمومية أجهزة الميكروويف والجسيمات الكمية لاستكشاف حسابات متعددة في وقت واحد، وهذا يسمح للحواسيب الكمية بأن تكون سريعة بشكل صارخ، وبرهن أحد نماذج الكمبيوتر الكمومي على سرعة أكبر ب100 مليون مرة من نظيراتها العادية، وهذه السرعات لها تطبيقات عدة. فالحاسوب العادي يعمل بنظام ثنائي (0 و 1) يعطي إجابة واحدة صحيحة، والحاسوب الكمّي يعمل بنظم معقدة ومتعددة من العمليات التي تستطيع إجراؤها في وقت واحد وفقاً لمبادئ النظرية الكمّية. وبالمثل، سيتم تطبيق تكنولوجيات الكم أيضاً على نطاق أوسع من أجهزة الكمبيوتر وإعادة اختراع العديد من الأجهزة والمعايير التقنية.وتعد تقنية التشفير القائمة على المشابك الرياضية أكبر مساهمة تكنولوجية للحد من خطر القرصنة بكل أنواعها، حتى تلك القائمة على أساليب الكم. وستصبح الهياكل الجبرية المعقدة المعروفة بالشبكات أداة قيمة في عصر الحواسب الكمومية. فمع جمع المزيد من البيانات الحساسة وتخزينها عبر الإنترنت، ستحتاج الإجراءات الأمنية إلى مواكبة القدرة المتزايدة للقراصنة. وحتى الآن، أصبح التشفير الأكثر تعقيداً هو الاستجابة القياسية للكم المتزايد من طاقة وحدات المعالجة الحاسوبية المتوفرة لدى القراصنة. فعندما تصبح الحوسبة الكمومية سائدة، لن يكون هذا كافياً بعد الآن. ولكن بعد تقنية التشفير القائمة على المشابك الرياضية، سيكون المطورون دائماً على بعد خطوات من تقنيات الاختراق التي يطورها القراصنة بشكل مستمر. يتضمن التشفير المشبكي عملية تشفير البيانات داخل نظم جبرية معقدة الأبعاد، والتي ستجدها حتى الحواسيب الكمومية فائقة القدرة صعبة المنال، وعصية على الاختراق. يفتح ذلك المجال أيضاً أمام استخدام «تشفير التشابك الكامل» (FHE)، ما سيمكن أجهزة الكمبيوتر من العمل على البيانات في حين أنها لا تزال في حالة مشفرة، وهو ما يعني القضاء على الخلل الأمني القائم في النظم الحالية التي تقضي بضرورة فك تشفير البيانات أثناء العمل عليها، أو معالجتها، ما يجعلها هدفاً سهلاً للقرصنة. ويمكن أن يعني ذلك على سبيل المثال، العمل على إصدار قرارات تقييم أنظمة الائتمان من دون أن تظهر بيانات شخصية على الإطلاق.وتقود العديد من الشركات مثل «آي بي إم» و«D-Wave» و«جوجل» سباقاً محموماً بينها وبين جامعات مثل «ييل» الأمريكية، و«نيو ساوث ويلز» الأسترالية، على إنتاج حاسوب كمي في العالم، حيث سجلت تلك المؤسسات التوصل سابقاً إلى تصنيع معالج كمي بقدرة 50 كيوبت، وهو كفيل بحل مشاكل يعجز عن حلها أقوى حواسيب العالم التقليدية الحالية. ولا يقتصر الأمر على المؤسسات العلمية والشركات، بل دخلت الدول على خط السباق وعلى رأسها الصين التي تبني حالياً أكبر منشأة علمية للبحث الكمي الذي يهدف إلى حصولهم على أقوى حاسوب كمي بحلول عام 2020 الذي له القدرة الحسابية والمعالجة تعادل مليون مرة جميع أجهزة الكمبيوتر في العالم مجتمعة. قاد هذا السباق الكبير إلى ظهور مصطلح «السيادة الكمية»، وهو ما يعني السيادة والقدرة في تكنولوجيا الحوسبة الكمومية على غرار الهيمنة العسكرية. وفي كتاب صدر العام الماضي، وصف ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، المعركة الحالية حول الحوسبة الكمية بأنها «سباق تسلح» في مثل أهمية الذكاء الاصطناعي، أو الواقع الافتراضي والمعزز، وإن كان سباقاً «لم ينتبه له الكثيرون». لأن تلك التقنية تعد بمثابة نفوذ علمي وتقني وعسكري ومعلوماتي هائل. الكيوبت الرقمي استخدم فريق البحث في «جوجل» صفاً من تسعة كيوبتات صلبة، مصنوعة من ملفات ذات أشكال متقاطعة من الألمنيوم طولها نحو 400 ميكرومتر تصل من طرف إلى طرف آخر، حيث يتم وضعها على سطح سافاير - sapphire. هذه الأسطح هي مواد يتم التحكم فيها على مستوى الذرة من أجل تهيئتها لتصبح لبنة، أو ركيزة أساسية للمواد التي يتم زرعها عليها. مثال تلك الصناعات التي تعتمد على هذه الأسطح، هي الصناعة الضوئية مثل ال LED أو ما يعرف باسم «الصمام الثنائي الباعث للضوء -light emitting diode»، والأنابيب النانوية، أو أي مادة أخرى تتم صناعتها بتقنية النانو، أو صناعة الدوائر المتكاملة، والعديد من التطبيقات العلمية الأخرى.يقوم الباحثون بتبريد الألمنيوم إلى درجة متدنية جداً تصل إلى 0.02 درجة كلفن (أي ما يعادل 273.13 - درجة مئوية) حيث تحول المعدن إلى مادة موصلة فائقة للتيار الكهربي (ليس لها أي مقاومة كهربائية). يمكن بعد ذلك ترميز المعلومات في الكيوبتات في حالة فائقة التوصيل.ويتم التحكم في التفاعلات بين الكيوبتات المتجاورة من خلال بوابات منطقية تقوم بتوجيه الكيوبت رقمياً إلى حالة يستطيع فيها تشفير الحل لأي مشكلة ما يراد حلها. وكما شرح الباحثون طريقة العمل، فإنهم يقومون بإعطاء التعليمات بترتيب الكيوبتات لمحاكاة صف من الذرات المغناطيسية في حالة دوران. ومن خلال هذه الخاصية، يمكن أن يكون الكيوبت وسيلة من أجل تحديد حالات دوران الذرات الجماعية، خصوصاً ذات الطاقة القليلة.

مشاركة :