يقف شامخا طيلة 87 عاما بشارع الفلكي، الموازي لشارع قصر العيني بمساحة 625 مترا مربعا، يتوسط حديقة ذبُلت أزهارها تقارب 5225 مترا، مشيدا على طراز فرعوني به أعمدة ضخمة من الجرانيت الفاخر، مبنى ضخم تسكنه رفات الزعيم الراحل سعد زغلول أو كما يسمى "ضريح سعد"، لا شئ يقطع هدوءه سوى مناداة الباعة الجائلين المنتشرين خارج جدران أسواره.سعد زغلول الذي توفي في ٢٣ أغسطس ١٩٢٧ ودفن بمقابر الإمام الشافعي، اشترى قطعة الأرض المقام عليها الضريح عام ١٩٢٥ م ليقيم عليها ناديا سياسيا لحزب الوفد الذي أسسه، ليكون مقرا بديلا للنادي الذى استأجره كمقر للحزب فى عمارة «سافوى» بميدان سليمان باشا - وسط القاهرة، إلا أن حكومة زيوار باشا قامت بإغلاقه.بعد وفاة رمز ثورة 19 اجتمعت الوزارة الجديدة فى ذلك الوقت برئاسة عبدالخالق باشا ثروت وقررت تخليد ذكرى الزعيم سعد زغلول وبناء ضريح ضخم يضم جثمانه على أن تتحمل الحكومة جميع النفقات وبدأ تنفيذ المشروع ودفن سعد باشا فى مقبرة مؤقتا بمدافن الإمام الشافعي لحين اكتمال المبنى الذي تم الانتهاء منه في عام 1931.الضريح الذى أنشئ عام 1931 ليكون ملاذا لرفات زعيم ثورة 19 ومحارب الإنجليز، ومزارا تاريخيا تتعاقب عليه الأجيال من مصر ومختلف الدول، لم يسلم من يد الإهمال وبدلا من أن يكون مزارا سياحيا أصبح مأوى للكلاب الضالة من الداخل، وميدانا للباعة الجائلين من الخارج.أمتار قليلة تبعد الضريح العريق عن محطة مترو سعد زغلول، أصوات الباعة الجائلين، أبواق السيارات، زحام رواد محطة المترو كل هذا كفيل بإيقاظ الميت من حياته الأخرى."أكل العيش عايز كده والحالة صعبة واحنا بنختار الأماكن اللي جنب محطات المترو وفيها موظفين كتير عشان نسترزق" كلمات بررت بها سيدة أربعينية تواجدها بجوار سور الضريح لبيع ملابس حريمي وأطفال، بينما تلقت أخرى طرف الحديث: "البلدية مش سيبانا في حالنا واحنا بنعمل كده عشان نأكل أولادنا، أنا أرملة وعندي بنات على وش جواز".محمود إبراهيم، أحد سكان المنطقة المجاورة للضريح بنبرة يكسوها التشاؤم: "الوضع ده موجود بقاله فترة البياعين فرضوا سيطرتهم على الشارع وأمام العمارات والمحال التجارية، وأصبح أمرا واقعا محدش عارف يغيره، وواضح إنه سعد باشا زغلول كان عنده حق لما قال كلمته الشهيرة مفيش فايدة".
مشاركة :