هذا ما أعرفه عن رفيق الدرب عثمان الصيني

  • 11/26/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أزعم أن معرفتي وصداقتي بأبي محمود -الدكتور عثمان الصيني- ليست وليدة الأمس القريب، ولا ترتبط مطلقًا بمصالح ذاتية أو آنية، بل أزيد على هذا الزعم المحمود أن عثمان منذ صعد نجمه في عالم الصحافة بداية بالوطن ومرورًا بالمجلة العربية وانتهاءً بـ(مكة) التي ترجَّل عنها -أخيرًا- لم يدعني مطلقًا للكتابة في أي منها سوى مقال موجز ويتيم في رثاء أستاذ الأجيال، الإنسان المهذب والصحافة المرموق محمد صلاح الدين الدندراوي -رحمه الله- كتبته بشيء من دموعي أو كما يقول بعضهم بشراييني ودفعته إليه فنشره في (المجلة العربية) التي حققت في عهد مسؤوليته عنها قفزة تحريرية وأضحت المجلة الثقافية الأولى في خليجنا العربي، وذلك لأنه يعلم أنني مدني الهوى. تعود بي الذاكرة إلى مطلع التسعينيات الهجرية عندما قدمت من بلد المولد والنشأة الأولى -طيبة الطيبة- لألتحق بالكلية الأعرق في تاريخ تعليمنا الجامعي أعني الشريعة بتخصصاتها المختلفة فوجدتني بدايةً أمام شاب طموح وقارئ ومثقف، أعني أخانا الدكتور حمد المرزوقي، وفي حلقة الدرس الجامعي -في قسم اللغة العربية- أمام صفوة من أبناء الوطن كان عثمان في مقدمتهم، ولعل أول ما لاحظته هو لغته الفصيحة المستمدة من أطراف الحجاز أو قل من بادية الطائف، واستعدت في ذاكرتي كيف أن أسرًا مدنية كانت تبعث بأبنائها صغارا لبادية حرب. وأعود بعد هذه التوطئة متذكرًا أن عثمان كان آنذاك نشطًا في البرنامج الثقافي للكلية، وكان أساتذتنا من أمثال الدكاترة الأفاضل، حسن باجودة، وناصر الرشيد، ومحمود زيني، رعاهم الله، وعبدالصبور مرزوق وعبدالبصير حسن وخليل عساكر ولطفي عبدالبديع -رحمهم الله- وسواهم، كانوا يشجعوننا على المشاركة الفعالة، وكنت أختلف مع عزيزنا عثمان في كثير من الأحيان وفي العديد من القضايا النقدية، وكنا نغادر مسرح الكلية لنذهب متآلفين لاحتساء أقداح من الشاي في بعض المقاهي التي كانت تتناثر على أطراف العزيزية أو ما كان يعرف بين الناس باسم الحوض، وأتذكر أنني بين الفينة والأخرى كنت أشتاق للجدال معه حول الشعر الحر، فأقصد منزله في الحَجُون حيث بستان العواجي ومقهى أبوسكر، وعندما تخرجنا من الكلية في السنة الدراسية 1395 1396هـ وتفرّقت بنا سبل الحياة، كان أبومحمود سباقًا للسؤال وأتذكر أنه زارني مع الزميل الكريم الدكتور سعيد السريحي حيث كنت أسكن في دار رجل الفضل ووجيه مكة الشيخ عبدالله بصنوي، ولعلي أتطرق هنا في هذه المقالة التي تنشر في الصحيفة التوأم، أعني (المدينة)، بشيء من الصراحة وأقول: بأن دعوات والديه كانت دومًا تلاحقه وهو في هذا المنحى إن صح التعبير تقليدي ومحافظ، ولا أريد أن أنكأ جراحه فهو قد فقد والده في سن مبكرة وتحمل مسؤوليته إزاء عائلته بكل رضا وامتنان، وأزعم أنني أعرف أكثر، ولكنني أصمت، ولن يكون سرًا إذا ما ذكرت اليوم بأنه قبل أشهر محدودة هاتفني بعد أن غادر عمله في الصحيفة ليلًا، وقال: عم.. عندك وقت للحديث فأجبته بعبارة يعلم صديقنا الأديب محمد عمر العامودي دلالاتها وكأنها كانت كلمة السر أو قفلة الدشيش، وهي أوحشتنا!! وبكل الهدوء الذي عرفته في صديقي ورفيق دربي على امتداد وسنين العمر المنصرمة، فاتحني بأنه يريد أن يستريح من مهنة المتاعب والمؤرقة جسدًا وعقلًا، ثم أردف بضحكة أحسست أنه انتزعها من داخله المليء شجنًا وحبًا وقال: ألا تريدني أن أكتب سردًا مثل أشجان الشامية أو الرويس، أو الشميسي، فأجبت بالإيجاب، ثم ودّعني قائلًا أراك أنت والأحباب قريبا، وشددتُ بعدها الرّحل لأزور مسجد ومثوى سيد الخلق عليه صلاة الله وسلامه، متذكرًا المناخة وسويقة والعنبرية، فإذا هو يبرُّ بوعده، ويكتب مقالًا وداعيًا رائعًا بعد عام كامل قضاه في رئاسة تحرير الصحيفة التي تحمل اسم أقدس البقاع، وأطهرها وأكرمها، حيث وُلد في بطحائها، وطاف بكعبتها، وارتوى من زمزمها. رابط الخبر بصحيفة الوئام: هذا ما أعرفه عن رفيق الدرب عثمان الصيني

مشاركة :