الخرطوم – تفاقمت أزمة نقص الإمدادات لمحطات الوقود السودانية بعد أن عجزت الحكومة عن استيراد شحنات لتغطية الفجوة التي ظهرت منذ مطلع هذا الشهر، بسبب تآكل احتياطات البلاد من العملة الصعبة. ورغم أن عبدالرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية أكد أن خمس ناقلات تحمل منتجات بترولية وصلت إلى الميناء الرئيسي للبلاد لتخفيف نقص الوقود، غير أن هذه الإمدادات قد لا تحل المشكلة. ولا تزال المركبات تصطف لساعات عند محطات الوقود في العاصمة وولايات أخرى أيضا، وهو ما أدى إلى حالة من القلق لدى السودانيين من استمرار الوضع على ما هو عليه لأسابيع أخرى مع اقتراب شهر رمضان. وبعدما كان السودان بلدا مصدرا للنفط، اضطر إلى البدء في استيراده بعد انفصال الجنوب في 2011 آخذا معه ثلاثة أرباع إنتاج البلاد ومصدره الأساسي للعملة الصعبة. ويقول آدم عبدالله، الذي يعمل سائق حافلة، وهو واحد من عمال كثيرين قضوا ليلتهم عند محطة للوقود لتزويد مركباتهم بالوقود، “ظللت أنتظر عند محطة الوقود منذ الليلة الماضية وحتى منتصف اليوم… هذه الحافلة هي مصدر دخلي الوحيد”. أما انتصار عوض التي كانت تقف في محطة للحافلات في قلب الخرطوم فتقول “أنتظر منذ ساعات للعثور على وسيلة مواصلات تعيدني إلى المنزل. هذا شيء لا يمكننا تحمله. أين الحكومة؟”. وكان حولها مئات آخرون يصطفون في انتظار وسيلة مواصلات تقلهم إلى منازلهم بعد أن انضموا إلى طوابير تتكدس منذ نهاية الأسبوع الماضي مع تفاقم أزمة العملة. ونسبت وكالة رويترز لأحد المتعاملين في السوق السوداء أن العملة المحلية هبطت إلى نحو 35 جنيها للدولار من 33 جنيها في وقت سابق هذا الأسبوع، متوقعا المزيد من التراجع في قيمتها في الأيام المقبلة. وترجع الحكومة أزمة نقص الوقود بشكل رئيسي إلى دخول مصفاة الجيلي بشمال الخرطوم في صيانة دورية منذ مارس الماضي. وسعت شركات التوزيع إلى الحصول على حصصها من ميناء بورتسودان الواقع على البحر الأحمر، ما تسبب في تأخر ونقص الإمدادات. عبدالرحمن ضرار: 5 ناقلات تحمل شحنات بترولية وصلت إلى البلاد لتخفيف نقص الوقود عبدالرحمن ضرار: 5 ناقلات تحمل شحنات بترولية وصلت إلى البلاد لتخفيف نقص الوقود وتتهم وزارة النفط وكلاءها في محطات الخدمة بالتلاعب في الحصص اليومية للمحطات في الولايات، مشيرة إلى أنها بصدد معاقبة الشركات المخالفة بعقوبة تصل إلى سحب الترخيص في حال تكرار التلاعب. وكانت وزارة المالية عقدت مطلع أبريل الجاري اجتماعا تنسيقيا مع وزارة النفط والغاز، وبنك السودان المركزي والمؤسسة العامة للنفط، لمعالجة الأزمة. ومما قد يزيد الشكوك في عدم حصول انفراج في الأجل القصير أن شركتي نفط نيجيريتين، هما إكسبريس وميسانا، باعتا الاثنين الماضي حصتهما البالغة حوالي 30 في المئة في حقل الروات النفطي السوداني إلى شركة البترول الوطنية السودانية (سودابت). ووفقا لما ذكرته وكالة السودان للأنباء، فإنه بموجب تلك الصفقة باتت سودابت تمتلك جميع الأسهم في الروات الواقع على بعد 420 كيلومترا جنوب الخرطوم. وتأمل الشركة في زيادة إنتاجه في الأجل الطويل بتقليل الاعتماد على الواردات من خلال زيادة أنشطة الاستكشاف. وارتفع التضخم بشكل قياسي ليصل إلى 55.6 في المئة على أساس سنوي في مارس الماضي، من 54.34 في المئة في فبراير، ما زاد من معاناة المستهلكين. وتشهد الأسعار زيادات منذ هبط الجنيه إلى مستويات قياسية في السوق السوداء في الأشهر القليلة الماضية، ما دفع البنك المركزي لتخفيض حاد لقيمتها مرتين منذ بداية العام. ويجري تداول العملة المحلية في السوق الرسمية حاليا عند 28 جنيها للدولار مقارنة مع 6.7 جنيه أواخر ديسمبر الماضي. وبلغ الجنيه السوداني مستويات قياسية متدنية عند نحو 40 جنيها للدولار في وقت سابق هذا العام في السوق السوداء، لكن خفض قيمته مرتين وحظر إيداع الدولارات المتحصل عليها من السوق السوداء قادا الجنيه إلى الارتفاع بعض الشيء. وفرض المركزي، الذي لا تتجاوز احتياطاته النقدية مليار دولار وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، قيودا مشددة على عمليات سحب الأموال، ما جعل الكثير من المواطنين غير قادرين على سحب أموال من البنوك.
مشاركة :