أبوظبي (الاتحاد) بيدرو داماسينو اسم كبير في عالم الفنون القتالية، بطل يعرفه الجميع، ومدرب يصنع الأبطال، حكاية إرادة، وقصة تحد، وأنشودة وفاء، بدأ مسيرته مع الرياضات القتالية في الخامسة عشرة من عمره، انضم إلى أكاديمية «توب تيم» الأشهر في ريو دي جانيرو، تدرب على يد الأسطورة ريكاردو ليبوريو الذي لديه أكاديميات معروفة في أميركا منذ 20 عاما، وهو من يضع نواة الجو جيتسو حاليا في السعودية. قال داماسينو: تعلمت الكثير من ريكاردو، هو من رقاني إلى الحزام البني، ثم الأسود، وقبل ذلك كان يتم ترفيعي على منصات التتويج في الحزامين الأزرق والبنفسجي، ولكن البني حصلت عليه وأنا بطل للعالم، والأسود كذلك، كل هذا لا يعني لي الكثير، ولكن المعنى الحقيقي في حكايتي هو التحدي، لأن والدي رحل وأنا في 6 سنوات، لم أكن قد تعرفت عليه جيدا، كان بطلاً معروفاً في الجودو، صاحب حزام أسود، مات في 37 عاما، عندما أصيب بأزمة قلبية، فضاع السند، وبقيت والدتي هي مديرة مدرسة، ولكننا في البرازيل لا نعترف بقيمة المعلم، ولا نعطيه ما يستحق من تقدير مادي أو معنوي، فتعايشنا مع الفقر، وعرفت معنى الاقتصاد وأنا في سن الثامنة، ومعنى الحياة على هامش الدنيا وأنا في الثانية عشرة، ومعنى التعب وأنا في سن الخامسة عشرة، ومعنى التضحيات وأنا في 19، وكل معاني الانضباط والمسؤولية والتحمل والحكمة قبل الوصول إلى سن 20. وأضاف: منزلنا في ريو دي جانيرو لم يكن في منطقة عشوائية، ولكن العشوائيات أحاطت به من كل جانب مع مرور الزمن، وكان المشهد الذي أراه يوميا هو تبادل إطلاق النار بين الأشقياء والمتناحرين، فكانت والدتي تقول لي: التعليم هو طريقك الوحيد للخروج من هذه المأساة، لكن كيف أتعلم وأنا لا أملك المصروفات، ففي مرحلة الثانوية لم أستطع دفع تكاليف المدرسة، وكان المحاسب يطالبني كل يوم بالدفع، ويمنعوني من الدخول أحيانا، وفي يوم تحدث معي المحاسب، ورق قلبه إلى كلماتي البريئة، فأخبرني أن من ينضم إلى فرقة الموسيقى بالمدرسة لا يدفع المصروفات، فطلبت منه أن يساعدني في الانضمام إليها وقد كان فلم أدفع المصروفات طوال الثانوية، وتعلمت بعض دروس الموسيقى التي انضممت بموجبها إلى الفرقة، ثم أتقنت بعض فنونها ومرت الأيام. وتابع: واجهت نفس المشكلة في الجامعة، فقد تخصصت في التربية الرياضية، ولم يكن لدي ما أدفعه للجامعة، ولكني سألت عن أسباب العفو من المصروفات، فوجدت أن هناك سببا واحدا للعفو في هذه الكلية، وهو الحصول على البطولات كل عام.. وفي هذا الوقت كانت مسيرتي مع الجو جيتسو قد تطورت، ولكني مطالب بالألقاب والبطولات كي أتعلم وأعيش، كنت أتدرب وأدرس، لا أعرف شيئا آخر في حياتي، وكانت والدتي تساعدني قدر المستطاع، فتوفر لي تكاليف التنقلات والطعام وأعلم أنها تبذل أقصى ما في وسعها من أجلي، كانت تهاجمني أحلامي مع البطولة، وتراودني تطلعاتي بالنجاح، وكان للنجاح معان كثيرة في حياتي، ولكن أهمها هو التضحيات، ضحيت بالخروج مع الأصدقاء، والسهر في المساء، وأشياء أخرى كثيرة كي أحافظ على نومي وصحتي وتدريباتي ودراستي، وبالفعل كنت أحصل على الميداليات، وكان مطلوباً مني أن أحصل كل 6 أشهر على ميدالية بالمركز الأول، وأنا أرتدي بدلة الجو جيتسو التي تحمل شعار الجامعة في البطولة. وأوضح: كانت والدتي تحدثني كثيرا عن الوالد، وتذكرني ببطولاته، وقوته وشخصيته، ومهاراته وإنسانيته، ومن أحاديتها وبين ثنايا كلماتها كنت أحيك شخصيتي، أبحث عن ثيابه كي أرتديها عندما كبرت، كنت اعشق كل ما تقوله عنه، أحتفظ بصورته في محفظتي دائما، فبرغم أنه رحل، إلا أنه كان يعني لي الأمان، لأنني عندما كنت أواجه أي مشكلة، كنت أذهب إلى أصدقائه فيردوا إلي حقي. وتحدث بيدرو عن أصعب وأقوى النزالات في مسيرته، وقال: في سن الـ 20 واجهت بطل البرازيل في أقوى بطولاتنا المحلية، كان لاعباً قاسياً ومشهوراً، لعبنا في الوزن المفتوح، فكان وزني 94 كجم، فيما كان وزنه 150 كجم، كان مصارعا أيضا، فاز في العام السابق ببطولة أميركا اللاتينية في المصارعة، كانت أول مباراة لي في البطولة أمامه، منظر عضلاته كان مخيفا، الجماهير شجعته، وتركتني، لعبت معه واستخدمت حركات الجو جيتسو، فدفعته للاستسلام في أقل من 3 دقائق، وبعده فزت باستسلام المنافس في النزال الثاني، وكان لاعبا يدعى ويرا بورا من أكاديمية جرايسي بارا، وبرغم أنني خسرت في النهائي بتلك البطولة، إلا أنني وجدت صورتي على غلاف إحدى مجلات البرازيل، ومكتوب عليه «انتظروا هذا البطل». وأضاف: والدتي تزوجت وأنجبت طفلاً من الرجل الثاني، هو صديقي الآن، أذهب كل عام إليهم في البرازيل نقضي وقتاً جميلاً، لكني لا أشعر بقيمة الحياة إلا عندما ارتمي في أحضانها وتروي حكايات والدي البطل، حتى الآن أفعل ذلك، تلعب في شعري، وتتحدث معي عن والدي، وأشتاق إليها دائما، لأنني أعيش بعيدا عنها منذ 9 سنوات، أنا مدرب أشرف على عدة مناطق، وهذه ثقة كبيرة في، ولكني أشعر بحنين كبير إليها، وهذه رسالة مني لها. وكتب بيدرو رسالته إلى والدته ووالده، وقال فيها: «شكراً أمي.. سوف أبقى مجتهدا في حياتي أعطي كل ما لدى لعملي.. سوف أعمل كي أساعدك في البرازيل.. سيبقى والدي في قلبي وعقلي إلى الأبد».
مشاركة :