حتى لو تمكَّن النظام الإيراني من السيطرة على انتفاضة الشعوب والقوميات الإيرانية غير الفارسية فإن علاقة النظام بالشعب وصلت إلى طريق مسدود ، وستستمر الأزمة الخانقة بين النظام وبين الشعوب والقوميات غير الفارسية ، وساهمت سياسات الرئيس الأمريكي ( ترامب ) بمواجهة النظام الإيراني بالعقوبات بسبب دعمه وتمويله وتسليحه للإرهاب العالمي ، وإصرار النظام الإيراني - في الموازنة الجديدة - على رفع تكاليف المعيشة ، والاستقطاع من أموال الشعب لتمويل التنظيمات الإرهابية التي يرعاها ويمولها ويسلحها النظام كل ذلك أغلق باب الأمل أمام الإيرانيين في الحرية والكرامة والعيش الرغيد ، وأقنعتهم بعدم إمكان التعايش مع هذا النظام القمعي المستبد ، والتظاهرات ظاهرها مطالب معيشية اقتصادية وباطنها حالة انفجار على الوضع السياسي العام، فالمواطنون الإيرانيون من غير الفرس مصممون على ثورة ٍكاملة ٍتُسقط النظام الإيراني القمعي المستبد وإن بدا منيعاً .وعمد النظام الإيراني منذ الثورة إلى افتعال حقد قاتل بين القومية الفارسية وثاراتها التاريخية ضد الفتح العربي من ناحية، وبين المذهب الشيعي بنسخته الشعوبية وثاراته التاريخية ضد المذهب السني من ناحية أخرى، فأنتج خليطاً توسعياً حاقداً يقوم على الثأر من السنة بتسليط المذهبية الشيعية المسلَّحة عليهم، وكذلك الثأر من كل العرب سنة وشيعة معاً ودعم حروبٍ عربية - عربية ، و سنية - شيعية، بينما يراقب الشيعة الفرس المشهد ويجمعون الغنائم ، وخلال أربعة عقودٍ لعب النظام الإيراني دور المنتقم في المشرق العربي بأسره مُتحججاً بما أسماه ( المظلومية الحسينية ) فدعم ثورات ٍطائفيةً في العراق والبحرين والكويت والسعودية واليمن ، ودعم أحداث الشغب في مصر وتونس بحجة ، ولكنه انقلب ودعم ما كانوا يصفه بـ ( المظلومية ! ) عندما دعم نظام حكم الأقلية الطائفية العلوية القمعي المستبد المتجبر في سورية الذي دمر دولة فيها حضارة آلاف السنين من دون أن يرف له جفن أو تبكي له عين على ملايين الضحايا من المدنيين من النساء والأطفال .كما عمد النظام الإيراني إلى دغدغة مشاعر الانتقام ( القومي والشعوبي والطائفي ) لدى القومية الفارسية بالتباهي بأن إيران تحتل وتدير خمس عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت والمنامه وصنعاء ، وتمادى النظام الإيراني في زهوه وخيلائه مدعياً أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تستطيع اتخاذ أي قرار دون استشارة إيران ! تلك النزعة الفاشية التوسعية الحاقدة جعلت النظام الإيراني مرشحاً للتآكل والإنهيار من الداخل. وعلى الرغم من حجم القوى المتخاصمة في إيران وتعددها ، وضخامة حجم الحرس الثوري والباسيج وسيطرة انتمائهم العقائدي عليهم ، واستماتتهم في التضحية لحماية النظام من السقوط ، إلا أن على الجانب الآخر ملايين من الشعوب والقوميات غير الفارسية من الجائعين والبائسين ممن تضاءلت آمالهم في الخروج من تلك الحالة من قمع النظام واستبداده ، وبسبب سياسات النظام الإيراني الداعمة والممولة والمُسَلِّحةُ للإرهاب فقد رفض المجتمع الدولي التجاوب مع مطالب رفع العقوبات عن النظام وبالتالي فلا يستطيع النظام الإيراني الاحتجاج على استمرار العقوبات عليه حتى يتخلى عن دعم الإرهاب العالمي ، ويتوقف عن أطماعه التوسعية والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي والشرق الأوسط . عبدالله الهدلق
مشاركة :