يحيى علي: الجار هو من يختار اسم المولود لجاره

  • 4/27/2018
  • 00:00
  • 33
  • 0
  • 0
news-picture

أجرى الحوار جاسم عباس | الحنين إلى الأيام الخوالي يبقى الجامع المشترك بين الرعيل الأول ومن عاش في الكويت، في عصر ما قبل النفط او في مرحلة الاستقلال وما بعدها. في هذا اللقاء رحلة من الذكريات ومع الماضي، نغوص في ثناياه، فنبحث وننقّب عنه، مع الذين عايشوه، تسجل لهم صفحات من عبق التاريخ؛ ففيه رسالة وعبرة للأجيال. كثير من الآباء والأبناء لا ينسون أصالة الأولين من الأجداد، ولا ينسون أصالة فرجانهم وسكيكهم، وهؤلاء هم امتداد لتراثنا ولتاريخنا تجد أحاديثهم عن ستين سنة مضت وما قبلها، حياة الأمس ترفع الهامات، وتزين التاريخ، وتشعرنا بالإحساس عن ماضينا الأصيل، وتغلبهم على الجوع والعطش والأمراض والرحلات الطويلة بين الهيرات والمحيطات. التقينا يحيى عبد الرسول حسن محمد علي (مهدلي) الذي تنقل مع أسرته بين أحياء الكويت (القبلة)، قال: للأسف هناك كثير من ابنائنا لا يعرفون سيرة الأوائل، ولا يعرفون الأحياء القديمة أو حتى القريبة، وفي مرحلة ما قبل النفط بقليل، نريد أن نواصل رسائل الآباء؛ حتى معنى الفريج لا يعرفون. وأضاف: والدي كانوا يسمونه ابن النوخذة (مهدلي)، يعني الاسم «محمد علي» يعتبر مختصراً لاسم مركب «محمد علي»، كان جدي نوخذة على أبوام الصقر، كانت له منزلة كبقية النواخذة لمعرفتهم ودرايتهم وشدتهم في القيادة لمصلحة البحارة والسفينة، وعمل جدي (مهدلي) نوخذة على لنجات يوسف الجوعان. النشأة وأضاف: ولدت في فريج الفهد مقابل المدرسة المباركية بالقرب من قيصرية الفهد وسوق الذهب الحالي، وأولاد الفهد الجيران هم اختاروا اسمي (يحيى) وأهلي وافقوا، وهذه عادة أهل الكويت، وهذه أصالتهم، ان كل أبناء الحي أولادهم، وهم الذين انتسبوا إلى المدرسة «الأحمدية»، في بداية تعليمي، ومن ثم درست في مدرسة خالد بن الوليد، موقعها موقع سوق الذهب الرئيس، ودرست في المدرسة المباركية وفي البداية درست في الروضة القبلية التي استحدثت في بداية الخمسينات، وعرفنا ان الروضة تعني أرضا منخفضة صالحة للرعي، أرض خضراء، وفعلاً كانت روضتنا هكذا، وجيراننا نفوسهم مشبعة بروح الإيمان، مدارسنا وحياتنا لم تطمسها المدنية المادية. فرجاننا القديمة وتحدث أبو زكريا عن الفرجان التي عاش فيها أو التي مر عليها وشاهدها، فقال: كانت تسميات الأحياء (الفرجان) مرتبطة باسم كبير الحي أو لكبر حجم البيت أو لكثرة بيوت العائلة الواحدة، وكل فريج له دور واختصاص بعمله كفريج الحدادة والحياكة أو حسب الموقع، كفريج الشرق والقبلة والمرقاب والصوابر. وقال: انتقلنا من فريج الفهد إلى فريج السليم بالقرب من فريج الخميس، فيه منازل عبداللطيف الخميس، وبراك الخميس، وخالد الخميس، ولهم ديوان مشهور، وبالقرب منا بيت الصانع واللحدان، وبالقرب من عمارة الخرافي العامرة بالأخشاب وما يلزم لصناعة السفن، وبالقرب من بيوتنا كثير من الدكاكين، مثل: دكان حجي ميرزا، وكان بالقرب من بيوتنا حلاق، كنا نسميه «دلاك»، أي محسن. ودكان سيد علي سيد حسين وسيد مندني وحجي لاري، وأغلب المحال كانت مبنية من الطين. وأضاف: ومن ثم انتقلنا إلى فريج «سعود» بالقرب من فريج «غنيم» بالقرب من بيت خالد النصر الله، والبهتية كانت أرضا مرتفعة، وبيت المدير، وبالقرب من وكالة «كريمكنزي» وكيل تفريغ وتنزيل البضائع من البواخر وبالقرب من سلم الوكيل، ومن بعد هذا السلم (الدرج) على اليسار بيوت النصر الله، وبراحة المقهوي، ومن ثم منزل خالي علي النزنكوي الذي كان نوخذة على سفينته الخاصة فيه، وكان يذهب بالقطاعة الى موانئ الخليج العربي، والقطاعة هي سفينة خاصة لنقل البضائع، وبالقرب منا منزل عبدالله الأصمخ سكنا فيه مدة قصيرة، عبارة عن حوش عربي، ومن ثم الى فريج «غنيم» بالقرب من بيت العنزان مقابل البنديرة، وفي هذا الفريج بيت أكبر انكي، وحيدر زنبل والحسيني وبيت بوتقي أشكناني والسمكة والعنجري والعون وملا صالح ومكتبة شماس بالقرب من سفريات «شعاركو» والشركة الهندية، وأتذكر أمام بيوتنا شبرة للخضار والحارس اسمه «بابو»، وبالقرب منا بيوت آل بهمن. الشارع الجديد وتحدث يحيى أبو زكريا عن أول شارع من نوعه في الكويت قال: سمي بالجديد لطرقه وجمال المحال والعمارات فيه، مع وجود مجار لمياه الأمطار التي تمتد من ساحة الصفاة (الجنوب) الى البحر في الشمال، وأخيرا سمي بشارع عبدالله السالم، شارع يمتاز بمميزات كثيرة من الإضاءة ومداخله الى كل الأسواق، وأخذ صيته في بعض الصحف العربية. وأضاف: شارع نموذجي حركي تطل عليه أسواق متعددة مثل: سوق الغربللي، ومحال لصناعة أقفاص الطيور وسوق الحريم، وقبل الوصول إلى هذا الشارع يأتي محل أشكناني للحلويات ومحل نجف في الزاوية لبيع المكسرات، وإذا رجعنا إلى ساحة الصفاة نبدأ من الشرق يميناً بناية أوميغا متعددة الأدوار مقابل هذه العمارة (أوميغا) قهوة عباس أبو تقي أشكناني، ومقابل القهوة جهة أوميغا سكة الصوف تؤدي إلى سوق المقاصيص القديم تباع الأدوات المستعملة ويسمى سوق المفلسين الذين يشترون البضائع القديمة بدلاً من الجديدة. قال: في شمال هذه المنطقة براحة السبعان ومسجد ابن بحر، وبالقرب من البراحة سوق الخضرة الذي يؤدي إلى شارع الغربللي وسوق الأبيض، وفي هذا الشارع بناية حصة المبارك فيها محال خليفة الغانم وسيد حميد بهبهاني ومصنع السينالكو ومعرض وستنجهاوس وبناية البحر في شارع الجديد فيها محال حسين أكبر وحسين علي دشتي، ومخزن بابل لصاحبه غلوم محمد عبدالله أشكناني ومحال العبيدي، ومحل آخر تحت اسم مخزن أشكناني لمراد وعبدالرحمن وحسين أشكناني، ومحل نجف للحلويات. وقال: أتذكر في الشارع الجديد مطعم النيباري، ودرجا يوصلنا إلى فريج سعود وغنيم جهة شمال الشارع بالقرب من البحر والفرضة يوجد محل نجارة لعبدالوهاب السليم، كنا نشتري منه «الدوامة والبلبول والنباطة»، وكان يصنع ويبيع أقفاصا من الخوص.. كان ماهراً في هذه الصناعة، وسكة تؤدي إلى بيوت بوتقي أشكناني والسمكة والعنجري والحمارة والعوضي وفي نهاية السكة منزل قبازرد. وأضاف يحيى: أتذكر فريج العوازم، ومسقف بودي وماكينة بودي لطحن الحبوب أتذكر في منتصف الخمسينات شرقي الشارع الجديد أو السوق الداخلية، ومن ذكرياتي دكان رمضان ودكان جاسم الشطي لبيع المكسرات ودكان السوري ومحلات تاول والمسقطي، ومطعم عبدالاله صاحبه كان أعرج، نقول له: لماذا تركب الدراجة وانت تدفعها بيديك يقول: ان قدر الله وشاء أركبها يصل البيت وهو يدفع الدراجة، وفي شارع الجديد اكتشف مطعماً صاحبه يذبح القطط ويضع لحمها في مفرمة يدوية، وأخيراً أغلقت البلدية المطعم وهرب إلى خارج البلاد. قال: وفي ساحة الصفاة برج كبير من الحديد لتخزين المياه وتبين انه خال من الماء، لأن الدفع كان ضعيفاً إلى الأعلى، كان والدي من الذين عملوا في تركيب صهاريج الماء بناء على طلب من المسؤولين، والمهندس اسمه (مروان) وكان والدي يأخذني كل يوم جمعة ومعه بستوك اللبن. خرافات تخوفنا قال: لكي لا نخرج من بيوتنا في وقت الظهيرة كانوا يقول الأهل لنا: إذا خرجتم من البيت في وقت الكايلة (ظهيرة الصيف الشديد) ستأتي «حمارة الكايلة تأخذكم أو تاكلكم، ولكن لشغفنا باللعب خرجنا ولم نشاهدها». وكانوا ينصحوننا بعدم الخروج بأم حمار، وهي امرأة خرافية تسمى «شاهوة» متوحشة منظرها مرعب لم نكن نخرج خاصة في الفجر، وكذلك الطنطل عبارة عن جسم طويل القامة يسمع له صوت أثناء المشي وفي الليل، والأمهات يخوفن الأبناء بأن الطنطل سيخطف من يخرج في الليل، وحسينة دندل الدلو من الألفاظ التي تؤذينا وتخوفنا، ومكيري شخص خرافي يهددونا به، وأيضاً «صبورة خايسة» (الفاسدة) مجنونة تتجول في سوق السمك والدهن، وسعلو قيل انه غوليأكل الإنسان له شعر كثيف، والأنثى لها ثديان متدليان حتى الركبتين، وهي التي تخطف الأولاد في الليل، وقيل كل من يلقي التحية على السعلو يأمن شره. وكان شخص يسمى (جمالوه) يعرف أخبار العالم وهو غير سوي ينادي معركة جرمن (ألمانيا) في بندر عباس، كنا نجلس عنده من الصباح الى قبل الظهيرة، و(ممد ديوانه) أي محمد المجنون كان يقوم بحركات بفمه وبراطمه (شفتيه) وإذا وجد شيئا لا يعطي لصاحبه محفظة أو ساعة، ونحن نقوم بمداعبته فنأخذها منه. سكك وحفر ومعالم قديمة ــــ حفرة القطامي وحفرة إطبيخ، هناك أكثر من ثلاثين حفرة تجتمع فيها سيول الأمطار، وفي الربيع نصطاد فيها الطيور، ومنا من كان يربي فيها الكلاب في فصل الصيف. ــــ سكة الساعات ما بين سوق واجف وساحة الحراج، أتذكر ساعة الجيب والمنبهة توضع في الروشنة (رف في جدار الغرفة). ــــ أول من افتتح صيدلية خاصة في الكويت مقابل ساحة الصرافين والسوق الداخلي المرحوم عبداللطيف الدهيم وبالقرب منها محل عبدالغفور لبيع الأقمشة والشراشف. ــــ ذهبنا مع فرقة الكشافة البحرية والبرية الى جزيرة أم النمل بواسطة هوري، والى الفنطاس والفنيطيس سيرا على الأقدام تسمى رحلة خلوية. بائع الشاي والجراد ــــ كانت الأم تغسل ملابس أسرتها على البحر تضربها بمضرابة (قطعة خشبية) فوق صخور البحر، وصابونها طين جدران بيوت الجيران. ــــ كنا نصطاد الجراد فجرا، وأنا من الذين اصطادوه وبعته في قدر «جدر» ساخن، خاصة نوع المكن السمين (أنثى الجراد). ــــ المرأة تتجول وعلى رأسها المشموم والرويد تنادي عل&##x200d;ى بضاعتها، وأخرى تبيع زبابيط البحر في قدور تحتوي على الزبابيط على حيوانات صغيرة بداخلها. ــــ جايجي (بائع الشاي) كان يتجول في الأسواق يبيع الشاي على رواد السوق أو إيصاله لأصحاب المحلات مقابل مبلغ يتقاضاه من صاحب المقهى. ــــ والدي كلما اصطاد أو حصل على غزال أهداه للشيخ فهد السالم الصباح.

مشاركة :