نجح وزيرا الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة والخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في استثمار الدعوة التي وجهت إلى مملكة البحرين للمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب الذي انعقد في العاصمة الفرنسية مؤخرا تحت شعار: «لا أموال للإرهاب»، وهو المؤتمر الدولي الكبير الذي حضره فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية والوزراء والخبراء والمختصون بموضوع الإرهاب في العالم. أبلى الوزيران البحرينيان بلاء حسنا في هذه المهمة النوعية الكبيرة، وكان لهما دورا مشهودا في طروحات ومناقشات المؤتمر بجميع مواضيعه وأعماله.. وكان نصيب البحرين لا بأس به في صياغة البيان الختامي للمؤتمر.. هذا البيان المهم الذي أكد ضرورة اتباع نهج شامل لمكافحة الإرهاب وسُبل تمويله وتعزيز المشاركة الوطنية والجماعية في مكافحة تمويل إرهاب تنظيمي داعش والقاعدة والمجموعات المرتبطة بهما، كما تم اعتماد عدد من التدابير من بينها تعزيز الإطار المحلي القانوني والعملياتي لقيام السلطات الوطنية بجمع المعلومات وتحليلها، ومكافحة المعاملات المالية المجهولة المصدر، والتعاون مع القطاع الخاص، وخاصة القطاع التكنولوجي، لمكافحة تمويل الإرهاب. وقد عرف الجميع عن وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أنه المسؤول أو الوزير البحريني الذي عندما يسافر إلى الخارج في أي مهمة فإنه الحريص على استغلال كل ثانية في مهمته.. وهي المهام السابقة التي قام الوزير منذ حمله حقيبة هذه الوزارة السيادية.. وكانت مدد القيام بها ليست بالطويلة.. ولكن نتائجها وثمارها تكون بالكثرة، والشمول والأهمية النافعة لمسيرة الوطن وقضاياه. وقد جاءت كلمة الشيخ راشد بن عبدالله أمام هذا المؤتمر الدولي المهم والهادف على إيجازها متسمةً بالتركيز والشمول، ووضع اليد على أهم ما يجب أن يُقال في مثل هذه الأحوال.. حيث جاء الطرح متطابقا تمام التطابق مع موضوع هذا المؤتمر الدولي النوعي وأهدافه. حرص الوزير -كأول ما حرص- على أن يطلع المؤتمر على الإرهاب الذي تعرضت له البحرين على مدى السنوات الماضية.. معلنا على الملأ.. وإن كان العالم يعلم هذه الحقيقة التي لم تعد قابلة لأي جدل.. أنه كانت وراء هذا الإرهاب -ولا تزال- دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة.. ألا وهي إيران. ثم يدلف الوزير مباشرة إلى ما يتعلق بموضوع هذا المؤتمر الدولي.. ألا وهو «قضية تمول الإرهاب»، مركزا على ما يخص مملكة البحرين في هذه القضية.. حيث أشار الوزير إلى أنه «.. في عام 2015م، لأسباب تتعلق بمخالفات بنكية، وضع مصرف البحرين المركزي (بنك المستقبل) الإيراني الذي كان يعمل في البحرين تحت إدارته، وهو البنك الإيراني الذي ثبت فيما بعد أنه كان بمثابة مركز لتمويل الإرهاب». وأشار الوزير أيضا إلى أن عمليات التحريات وأعمال التفتيش المصرفي على البنك قد أكدت أن البنك قد قام بما يأتي: - غسل مبلغ 4.7 مليارات دولار من خلال عملياتWire Stripping عبر رسائل سويفت. - غسل مبلغ بقيمة 2.7 مليار دولار عبر طريقة قديمة تتمثل في إرسال الرسائل بين البنوك باستخدام شفرات تستخدم لمرة واحدة، حيث كان التسليم يدويا. - منح قروض تجارية دولية وإصدار اعتمادات بنكية وضمانات تمويل تجارية بمبلغ 1.5 مليار دولار بطريقة مخالفة للقوانين الدولية. - صرف مبالغ بطرق غير مشروعة في الداخل بقصد إقامة مشاريع تُمَوِّل الإرهاب وتقوي النفوذ الإيراني داخل البحرين. معنى ذلك -كما أوضح الوزير أيضا- أن مجموع كل هذه الأموال المخالفة التي تم اكتشافها داخل ما يسمى «بنك المستقبل» من خلال عمليات التفتيش المصرفي قد بلغ (9 مليارات دولار).. هذا غير الأموال التي تم ضبطها في نقاط أمنية وهي التي تم إيصالها إلى من تم تكليفهم بتنفيذ عمليات قتل داخل المملكة! وهذا الذي تحدث عنه الوزير في إيجاز من خلال الحقائق والأرقام يشير إلى أن جهود البحرين في مكافحة الإرهاب لا تخص الإرهاب الذي تتعرض له البحرين فحسب، وإنما هي التي تسهم مساعيها بهذا الخصوص في الجهود الدولية لمكافحة التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويلهما.. وهذا هو ما شهد به قيادات ومسؤولو الدول الكبرى مثل أمريكا وغيرها. وقد أضاف الوزير في هذا الخصوص أيضا أن البحرين تدعم إنشاء المركز العالمي لمكافحة تمويل الإرهاب في المملكة العربية السعودية الشقيقة وتتطلع إلى التعاون معه.. ويشير الوزير في هذا الخصوص أيضا إلى أنه حتى تكتمل أجندة البحرين في مكافحة الإرهاب فإنها تحرص على العمل في مسارين أو محورين: - الأول: هو مكافحة تمويل الإرهاب. - الثاني: هو مكافحة التطرف الفكري باعتباره المحور الأول. ومعروف عن وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أنه عندما يسافر إلى الخارج لحضور مؤتمر من المؤتمرات الدولية أو حتى الإقليمية.. فإنه الذي لا تكفيه المشاركة الفاعلة في أعمال المؤتمر.. أو أي فعالية أخرى يسافر من أجلها.. بل تراه الذي ينجز مهاما على هامش المؤتمر توازي الجهد والإنجاز اللذين بُذلا في أعمال المؤتمر إن لم تكن أكبر منهما أو تزيد عليهما. وفي المهمة الأخيرة إلى باريس، وفوق حضور وزير الداخلية أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب.. فإنه قد حرص على التقاء نظيره الفرنسي السيد «جيرار كولومب» وهو وزير الداخلية الفرنسي الذي وجه الدعوة إلى المشاركة في هذا المؤتمر الدولي المهم.. كما التقى الوزير أيضا عددا من أعضاء البرلمان الفرنسي، حيث بحث الوزير معهم جميعا مواضيع تفصيلية تختص بمكافحة الإرهاب وتعاون البلدين في مكافحة الإرهاب والتطرف وقطع الطريق على تمويلهما، والتعاون معًا في تطوير القوانين من أجل التصدي المشترك للتهديدات الإرهابية. وكان من بين الثمرات المهمة لهذه الجهود المخلصة أن أكد أعضاء البرلمان الفرنسي خلال اللقاءات حكمة العاهل المفدى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، منوهين بحرصهم على تدعيم سُبل التعاون في جميع المجالات بين مملكة البحرين والجمهورية الفرنسية.. كما شملت اللقاءات أيضا بحث مجالات التعاون والتنسيق بين البلدين الصديقين، وخاصة في المجال الأمني. هذه مجرد بعض ثمار الجهود التي بُذِلَت من خلال مشاركة وزيري الداخلية والخارجية في أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب وعلى هامشه.. ولكن الحقيقة تؤكد أن الثمار المتحققة هي أينع وأكثر من ذلك بكثير.. وقد وجد أنه من الحكمة والمنفعة عدم الكشف عن كل الثمار اليانعة إلا في الوقت المناسب وفي حينها.. بإذن الله.
مشاركة :