رام الله - أعلن مسؤول فلسطيني، السبت، أن أكثر من مئة عضو في المجلس الوطني الفلسطيني طالبوا الرئيس محمود عباس بتأجيل عقد اجتماع المجلس المقرر الاثنين في رام الله حتى تحقيق الوحدة الفلسطينية. وستكون هذه الجلسة، في حال تم عقدها، الأولى منذ سنوات للمجلس الذي يمثل الفلسطينيين في الداخل والشتات. وقال نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني حسن خريشة، في رسالة بعث بها إلى عباس ووزعها في مؤتمر صحافي السبت، “باسمي وباسم 114 عضوا في المجلس الوطني نؤكد أهمية انعقاد المجلس لكن ذلك لن يكون ذا قيمة إلا بحضور الكل الوطني الفلسطيني”. ووقع 114 عضوا في المجلس الوطني عريضة توجهوا بها إلى رئيسه سليم الزعنون يطالبون فيها بتأجيل الاجتماع المقرر عقده الاثنين في رام الله في الضفة الغربية المحتلة. وجاء في العريضة “درءا للأخطار المحدقة بقضيتنا الفلسطينية، وحرصا منا على لم الشمل الفلسطيني بعيدا عن التمزق والانقسام، فإننا نتوجه إليكم نحن الأعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني بضرورة تأجيل عقد جلسة المجلس في دورته الثالثة والعشرين، والتي تم إرسال دعوات من قبلكم لعقدها في رام الله”. ووقع العريضة 87 نائبا في المجلس التشريعي وشخصيات سياسية مستقلة وأخرى تمثل فصائل فلسطينية مختلفة. وفي السابع من مارس، ذكرت وسائل إعلام رسمية فلسطينية أن المجلس الوطني سيجتمع آخر أبريل وسط مقاطعة فصائل أهمها حركتا حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على أن تعلن الجبهة الديمقراطية موقفها الاثنين. وقال عضو المجلس الوطني راسم عبيات، وهو أحد موقعي العريضة من مدينة القدس، السبت “لا يجوز عقد دورة المجلس بعقلية شاء من شاء وأبى من أبى”. ومن المتوقع أن يتم خلال هذه الجلسة في حال انعقادها انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكانت حركة فتح التي تقود السلطة الفلسطينية قد أعلنت في وقت سابق ترشيح كل من الرئيس محمود عباس وأمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ورئيس كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد لعضوية اللجنة التنفيذية. التصدع داخل منظمة التحرير الفلسطينية يفاقمه غياب التوافق على عقد المجلس الوطني الفلسطيني، وهو أمر يخدم مصلحة حماس وعقد المجلس الوطني آخر جلساته العادية العام 1996 لكنه عقد جلسة طارئة العام 2009. ويعتبر المجلس الذي يضم أكثر من 700 عضو بمثابة برلمان لمنظمة التحرير الفلسطينية. وتفاقم التصدع والتشتت داخل منظمة التحرير الفلسطينية، منذ فترة، في ظل غياب التوافق على عقد المجلس الوطني الفلسطيني. وتستغل هذا الأمر البعض من القوى وعلى رأسها حركة حماس للتشكيك في القرارات التي من الممكن أن يتخذها المجلس وأيضا لضرب السلطة القائمة. ويقول مراقبون إن عقد المجلس الوطني “بمن حضر” أو اعتماد سياسة الإقصاء لشخصيات وقوى وتعويضها بأخرى محسوبة على السلطة التي تتمحور في شخص الرئيس عباس بالتأكيد لا يصب في صالح الإجماع الفلسطيني، وقد يشكل مدخلا لضرب شرعية القرارات التي من الممكن أن يتخذها المجلس وبينها حل المجلس التشريعي الذي تترأسه حماس. وينعقد المجلس الوطني في ظرفية بالغة التعقيد في ظل فشل جهود المصالحة جراء رفض حماس تقديم أي تنازلات ومحاولتها الإبقاء على هيمنتها على قطاع غزة بما يخدم المشروع الإسرائيلي القائم على فصل القطاع عن الضفة الغربية، إلى جانب تبني عباس خيار الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة. كما يأتي انعقاد المجلس مع اقتراب موعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ما يعني تكريس القدس عاصمة لإسرائيل كأمر واقع. ويرى مراقبون أن السلطة التي يترأسها محمود عباس يقع على عاتقها الجزء الأكبر من حالة الانقسام التي تشهدها منظمة التحرير، حيث أنها وبدل السعي إلى تحقيق الوفاق بين مكونات المنظمة تعمد إلى تبني سياسات انفرادية للتحكم في المشهد العام الفلسطيني دون أن تبدي الوعي الكافي بأن ما تقوم به يخصم من رصيدها الكثير على المستوى الشعبي والسياسي. ويشير هؤلاء إلى أن حركة حماس نجحت نسبيا في استغلال أسلوب تعاطي السلطة مع مكونات منظمة التحرير والانقسام الدائر حول المجلس الوطني، لشق صف المنظمة. وتأمل حماس في تكريس هذا الواقع، متطلعة إلى تشكيل جسم مواز لمنظمة التحرير الفلسطينية، بيد أن مراقبين يستبعدون فعليا نجاحها في تحقيق هذا الهدف، وربما المسألة الوحيدة التي قد تحقق فيها نجاحا هي تكريس فصل الضفة عن غزة، وهي تلاقي في ذلك دعما من تركيا وقطر وإيران. وكانت كتلة حماس البرلمانية قد اعتبرت، الخميس، أن اجتماعات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية المقررة الأسبوع المقبل “بلا قيمة قانونية”. وعقدت الكتلة اجتماعا لنوابها في مقر المجلس التشريعي في غزة لبحث انعقاد اجتماعات المجلس الوطني. وخلصت مداخلات نواب حماس إلى أن انعقاد المجلس الوطني في رام الله الاثنين “يشكل خروجا عن الإجماع الوطني وكل ما سيخرج عنها غير شرعي وبلا قيمة قانونية”. وقال رئيس الكتلة القيادي البارز في حماس محمود الزهار، خلال الاجتماع، إن “المجلس الوطني وجلسته القادمة لا شرعية لهما، ولن نلتزم بأي قرارات تصدر عن اجتماعات رام الله”. في الوقت الذي بدأت القضية الفلسطينية تسترجع قدرا من مكانتها العربية وهو ما تُرجم في قمة “الظهران”، تواجه مصر التي تقود جهود وساطة بين الفصائل الفلسطينية أزمة معقدة بتمسك فتح وحماس في السير بعيدا عن المصالحة، فالأولى تركز جهودها على عقد المجلس الوطني في موعده، والثانية تراهن على كسب الوقت كسلطة أمر واقع.
مشاركة :