محمد أحمد مشاط [يحسبون أنهم يعلمون الحياة] m.mashat@gmail.com بعض الناس يُصعّبون ما هو سهل، ويعقدّون ما هو بسيط على أنفسهم وعلى الناس مع أنها أمور ليس فيها في الأصل صعوبة أو تعقيد.. وبعضهم يفسّر ما في أقوال الناس بتصوّرات لم يضمروها في أنفسهم أبداً.. وبعضهم يرى في حركات الناس عند حديثهم وأفعالهم ما لم يقصدوه أبداً أو يعلموا بأن ذلك التصور فيهم أو منهم؛ أولئك المعقدون يظنون خطأ بأنهم يعلمون لغة الجسد. ولكن الحياة بسيطة جداً وبريئة جداً إلا أن بعض البشر همهم الأول وأولوياتهم في أن يعقدوها بأفعالهم، وبتصوراتهم الخاطئة، ويتخذون الشك في تفاعلهم مع الناس.. فيشكّون في البراءة وفي نوايا الذين يعملون بها، ويعتقدون بأن الخط المستقيم ليس هو أقصر مسافة بين نقطتين، ويؤمنون بأن الحياة تحمل من التعقيد والخداع ومكنونات الأنفس والحوادث ما يجعل نظرية الخط المستقيم من فنون الأساطير والزيف. أحسب أن الذين ينتهجون ذلك السلوك قد تلبّستهم حالة مرضية تنبئ عن مركب نقص يدفع صاحبه واهماً لأن يحقق لنفسه مكانة وأهمية.. فالذي يشك في نيات الناس وأعمالهم، ويفسر كل ما يبدر منهم على محمل الشر والعواقب الوخيمة التي يجب عليه الحذر منها.. أو يعتقد بأن الناس فيهم سخافة وبلاهة عليه الفرار من عدواها؛ ذلك لا يملك إلا شخصية جاهلة متكبرة مريضة، مهما كان مؤهله العلمي أو كانت مكانته الاجتماعية. للأسف أننا ألفنا من كثيرين في مجتمعنا الإشارة إلى كل حكيم عرف الحياة وسبر تصرفات الناس، وكل صبور على تجاوزاتهم الفعلية والكلامية، وكل صامت عن السفاسف؛ بأنه تسكنه البلاهة وعدم القدرة على التفكير الصحيح، وأنه لا يفهم بأن الحياة قاسية ومتقلبة.. ولكن الحقيقة هي أن من لا يتصالح مع نفسه، لن يملك السلام بينه وبين نفسه وبينه وبين الناس.
مشاركة :