سبق وأن تحدّثنا في ما مضى عن النجم الموهوب والهدّاف الماهر لنادي بايرن ميونيخ روبيرت ليفاندوفكسي. ذكرنا أن هذا الهدّاف الأول في الدوري الألماني طيلة المواسم الأخيرة ليس بمقدوره أن يكون في مقام أساطير الكرة الذين سيخلّدهم التاريخ، فالأمر ببساطة يتعلق أساسا بـ”الكاريزما” من ناحية وقوة التأثير والتغيير من ناحية ثانية. اليوم جاء التأكيد من قبل عدد كبير من المتابعين والأطراف المؤثرة في محيط النادي البافاري. جاء التأكيد مباشرة بعد مباراة ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال ضد ريال مدريد، حيث تم توجيه اللوم والنقد اللاذع لهذا المهاجم البولندي بما أنه تخلّف مرة أخرى عن الموعد مع التألّق وكان نجما من “ورق” في مواجهة الكتيبة المدريدية. مباشرة إثر تلك المباراة تحدّثت عدة أطراف عن مردود هذا اللاعب في المباريات والمواعيد الكبرى، فأطنب الجميع في التأكيد على أن “ليفا” ليس بمقدوره أن يكون بمثل سحر ميسي أو تأثير رونالدو أو تألّق النجم المصري محمد صلاح. بالأمس القريب لم يفوّت النجم الألماني السابق لبايرن ميونيخ ديتمار هامان الفرصة دون أن يبرز نقائص هدّاف البايرن وعيوبه، لقد عقد مقارنة بين هذا اللاعب ومهاجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو، فقال “أين كان ليفاندوفسكي خلال مواجهة ريال مدريد؟ أعتقد أنه لم يكن موجودا، لكن إذا نظرتم إلى رونالدو فنجده نموذجا للمهاجمين، إنه يسجّل الأهداف أمام الجميع، ليس أمام دورتموند أو بايرن ليفركوزن فقط”. كان كلام هامان واضحا ودقيقا، لقد أشار إلى مكامن الضعف لدى الهدّاف البولندي، حيث أنه ليس بمكانة الهدّافين العباقرة القادرين بجرّة قدم إحداث الفارق والتغلّب على الجميع. فليفاندوفسكي هدّاف قوي، لكن ضدّ الأندية الضعيفة فقط، أما في المواعيد الكبرى، فإنه يفقد كل تلك الهيبة التي تميّز نجوم الصف الأول في العالم. ومع ذلك، فالأكثر أهمية من تصريحات هامان في سياق الحديث عن قائد المنتخب البولندي، هو ما جاء على أعمدة صحيفة “بيلد” الألمانية التي أفردت حيّزا كبيرا للحديث عن إنجازات هذا المهاجم في المواعيد الهامة، وتحديدا في الأدوار المتقدّمة من مسابقة دوري الأبطال والمحصّلة كانت متواضعة. إذ أوضحت الصحيفة أن معدّلات ليفاندوفسكي لا تقارن بالمرة مع ما يقدّمه رونالدو مثلا في دوري الأبطال، فهدّاف البايرن سجّل هذا الموسم خمسة أهداف في عشر مباريات ضمن هذه المسابقة في حين سجل رونالدو 13 هدفا، وزيادة على ذلك فإن “ليفا” لم يقدر على الوصول إلى المرمى في المباريات الأربع الأخيرة أي في مباريات الأدوار الإقصائية، الأمر الذي يؤكّد أن الإضافة المنتظرة من لاعب مؤثّر وهدّاف في الدوري المحلي تظل محدودة وغير مجدية قياسا بما يقدّمه بقية النجوم البارزين في الأندية الأوروبية الكبيرة. الثابت حاليا أن ليفاندوفسكي برهن مجدّدا على فشله في ارتقاء سلّم المجد الذهبي، لن يكون يوما مثل أساطير الكرة الذين خلّدوا أسماءهم في التاريخ، لقد فشل بالفعل حتى وإن تمكّن من التسجيل خلال موعد الإياب في مدريد، فإن ذلك لن يحيله إلى لاعب عبقري واستثنائي. التفرّد في كرة القدم يعني صياغة المستحيل إلى واقع ملموس. لقد نجح في ذلك لاعبون كثر على غرار بيليه ومارادونا وزيدان فرونالدو البرازيلي وصولا إلى ميسي ورونالدو البرتغالي وأيضا الفرعون المصري صلاح إن التفرّد في كرة القدم يعني صياغة المستحيل إلى واقع ملموس. لقد نجح في ذلك لاعبون كثر على غرار بيليه ومارادونا وزيدان فرونالدو البرازيلي وصولا إلى ميسي ورونالدو البرتغالي وأيضا الفرعون المصري صلاح. لكن “ليفا” فشل، وأكّد مرة أخرى فشله في التفاصيل الحاسمة والمواعيد الدقيقة، ليس المهم أن تكون هدّافا شاطرا ضد الفرق المتوسطة، لكن قيمة “الشطارة” تكمن في تطويعها عند الشدائد والمحن. وما عجز عن فعله ليفاندوفسكي في دوري الأبطال خلال السنوات التي لعبها مع بايرن تثبت فعلا مقولة “غلطة الشاطر بألف”، فكل الإنجازات والأرقام التي حقّقها هذا اللاعب على المستوى المحلي قد لا يكون لها أي وزن أمام هدف حاسم في موعد قوي ضمن المسابقة الأوروبية. أنظروا اليوم إلى رونالدو، فهذا اللاعب كفّر عن كل عيوبه في المسابقة المحلية بعد إنجازات مذهلة ضمن المسابقة الأوروبية. رونالدو تخلّف عن ركب ثنائي برشلونة ميسي وسواريز في الدوري المحلي وعوّض ذلك بأهداف رائعة ضد باريس سان جرمان واليوفي، والأهم من روعة هذه الأهداف أنها كانت مؤثّرة للغاية فقرّبت الفريق الملكي من الوصول إلى اللقب الأوروبي الثالث على التوالي. أما ليفاندوفسكي فإنه أصرّ على المضي قدما بجانب الحدث، كان لاعبا تائها في مواجهة الريال لم يقدر على التخلص من دور نجم “الصف الثاني”، وبدا كأنه يصرّ على التعاقد مع “الفشل”. قديما قال أحد الحكماء “إيّاك أن تعزّز الفشل بالفشل”، وقال آخر “الفشل.. ربما يكون أحيانا صديقي وصديقك وصديق الجميع يا صديق.. لكن المهم ألاّ يكون صديقك الوحيد”، بيد أن نجم البايرن لم يدرك كنه الفشل، لم يفهم قيمته ومعناه، لقد أخطأ المرمى عندما توهّم أن تألقه في حصد الألقاب المحلية هو قمة النجاح. ومن حيث لا يدري عزّز فشله في السنوات الماضية بفشل جديد، لقد بدا لنا وكأنه ارتبط بصديق وحيد في المسابقة الأوروبية، فلم يسلم هذه المرة من النقد بعد أن يئس الجماعة من كونه “الشاطر” الذي لا يخطئ.
مشاركة :