تقع قلعة عراد في جزيرة المحرق التي كانت عاصمة لمملكة البحرين بين عامي 1910 و1923م، وتأسست عام 1783م. يطل موقعها الحالي على مختلف الممرات البحرية من شواطئ البحار الضحلة في المحرق. وهي تقع بالتحديد في الجهة الشمالية الغربية من قرية عراد وبمحاذاة خليج عراد. وقد تكون من المعالم الأولى التي يأتي لها القادمون إلى مملكة البحرين من مختلف البلدان العربية والأجنبية نظرًا إلى قربها من المطارتعد من القلاع الاثرية التي تشير إلى تاريخ أرض البحرين العريق، والحضارات الإنسانية التي تعاقبت عليه، ويأتي تسميتها بهذا الاسم نسبة إلى التسمية اليونانية لجزيرة المحرق (أرادوس). لاحقا حرف هذا الاسم إلى عراد، وهي إحدى قرى الجزيرة. القلعة أنشئت كحصن بني خلال الفترة ما بين نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر خلال فترة الاستعمار البرتغالي. وللقلعة أهمية عسكرية كبرى بسبب موقعها الذي وفر لها البحر العميق القريب منها، الذي يعرف اليوم باسم خليج عراد، إضافة إلى موقعها قبالة الواجهة الجنوبية والشرقية من جزيرة البحرين الذي مكنها من حفظ أمن سواحل هذه الواجهة من أي اعتداء خارجي. اتخذت القلعة من النمط النموذجي للحصون الإسلامية شكلا لها قبل الغزو البرتقالي للبحرين عام 1622، لتعكس عبقرية الصانع العربي وجمالية المواد الأصيلة التي استخدمت في البناء، وكذا الغنى الحضاري والتنوع الثقافي لمدينة المحرق، التي لا تزال مآثرها التاريخية تحافظ على طابعها المعماري الإسلامي الأصيل. وتأتي على شكل مربع، وفي كل زاوية هناك برج أسطواني محاط بخندق صغير مملوء بالماء من الآبار التي تم حفرها خصيصًا لهذا الغرض. والبرج الجنوبي الغربي المقابل للبحر أكبر هذه الأبراج التي ترتبط بممرات علوية بها فتحات صغيرة تستخدم للرماية عليها أنوف بارزة للخارج من أجل حماية الرماة. يحيط الخندق المائي بالجدار الخارجي للقلعة، شيد فوقه جسر للعبور ويؤدي إلى الداخل وكان هذا الخندق يملأ بالمياه الجوفية العذبة التي كانت أيضا تزود الحصن بما يحتاج إليه من مياه ويمنع سفن الغزاة من دخول الحصن. ويوجد بالقلعة سرداب يؤدي إلى الباحة الداخلية مزود بتجويفين موجودين في سقفه مما يسمح بتدلي دعامات كبيرة مصنوعة من الخشب أو من سيقان النخيل وإسنادها على بوابة القلعة لمنحها مزيدا من المقاومة، الأمر الذي يجعل من العسير على المهاجمين اقتحام القلعة من خلال تلك البوابة. وتوجد بوابتان للقلعة وأماكن جلوس خلفهما في موقع اختير بعناية بحيث يسمح للتيارات الهوائية التي كانت تحمل نسمات الهواء الباردة القادمة من ناحية البحر للمرور من خلالها. التجديد جدد الحصن على نطاق واسع عبر ترميمه في ثمانينيات القرن السابق من أجل الحفاظ على قيمته التاريخية. استمرت عمليات الترميم ثلاث سنوات، بداية من دراسة أسلوب بنائها والتنقيب الأثري للحصول على فهم شامل لمبنى القلعة واستخداماتها، كما تم إجراء التحاليل على المواد الأصيلة التي استخدمت في بنائها نتيجة لذلك، فقد تم الاعتماد بصورة تامة على مواد البناء التقليدية في عمليات الترميم مثل الأحجار البحرية والرمل الجيري والجبس وأخشاب النخيل، وهي المواد الأصلية التي استخدمت في بناء القلعة ولم يستخدم في ترميمها أي نوع من الاسمنت أو أي مواد لا تتجانس مع الأبنية التاريخية أو التي تقلل من قيمتها. اليوم، تحتضن القلعة المهرجانات الثقافية السنوية على مدار السنة، ترسخ لدى زوراها العرب والأجانب صورة واضحة عن جمالية الهندسة المعمارية في الفن الإسلامي الأصيل خلال القرون الوسطى بالبحرين، بالإضافة إلى أنها تعبر بشكل واضح عن بسالة المحاربين القدامى الذين تصدوا بشجاعة للغزاة. وبفعل امتلاكها للعديد من المقومات التاريخية والعمرانية الجميلة، استطاعت قلعة عراد أن تستفرد بزيارة عدد كبير من السياح الذين يتوجهون إلى مدينة المحرق من أجل الاطلاع على مؤهلاتها الحضارية وزيارة مآثرها التاريخية
مشاركة :