حين نصف أحدهم بكلمة "مسئول" هذا معناه أنه بات صاحب المنصب الذي أصبح وأمسي مسئولا عنه وعن كل الأمور التي تتعلق بمصالح الأفراد من الجمهور، والذي تم اختياره لينجز مهام وطنية في خدمتهم، ويدير شئون الجهة والعمل المنوط به على أكمل وجه ليحقق الهدف المرجو منه تعيينه وتنصيبه لهذا المنصب، هذا معناه أن الأمر تكليف حقيقي وليس تشريفا، ولكن ما نجده الآن وما أكثرهم من مسئول غير مسئول أو مؤهل لما وكل عنه، وللأسف فقد زاد أعدادهم وأماكن تواجدهم في كثيرا من الهيئات والوزارات وغيرها.فكثير من المسئولين لا يعرفون حجم المسئولية المنوطة إليهم ولا قدر أنفسهم التي تقل بكثير عن كونه مسئول عن مصالح وحياة مواطنين وأفراد، حتى في أبسط الأمور، فقد اثبت المسئولون فشلهم الذريع في إدارة الأزمات، بل أبسط الأزمات، وبصرف النظر عن موجة السخرية والاستهجان الذي تعود المصريين اتباعها تعبيرا منهم عن كل كارثة يمرون بها، وسط صوت يهتف بداخلهم "لا حيلة لنا"، واخرهم ما أصيب به أغلبية سكان المحروسة في معظم المحافظات على أثر الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها شوارع بلادي الأيام الماضية، والتي على أثرها رأينا أماكن من القاهرة ينطبق عليها بالفعل مقولة "غرقت في شبر ميه" مجموعة من الأمطار جعلت كلا منا لا يستطيع الذهاب أو الإياب الى أي مكان، وحالة الفوضى التي ضربت شوارع الجمهورية والتي أدت إلى ارتفاع منسوب المياه وغرق السيارات ودخول المياه إلى المنازل، أثبتت فشل هؤلاء المسئولين في التحكم في "شوية ميه"! وكشف عن ضعف البنية التحتية لبعضهم في بعض الهيئات، والفشل الذريع للإدارة المحلية للمحافظات، مما جعلني أتساءل أين الاستعدادات القصوى لمواجهة الأمطار والسيول المتوقعة؟! وأين المسئولين الذي لم نرَ منهم غير "الشو الإعلامى" فقط!، وأين خدمة استغاثة المواطنين "الخط الساخن" الذى أعلن عنه الجهاز لتلقى شكاوى المواطنين، ولكن الحقيقية انه مع أول اختبار للإدارة المحلية فشلت فيه فشلا ذريعا فى التعامل مع الأزمة وفشل جهاز مدينة القاهرة الجديدة فى السيطرة على مياه الأمطار بالمدينة، وأثبت عجز قدرة أجهزة المدن فى التعامل مع هذه الكوارث المحدودة للغاية!حتى رئيس الجمهورية فقد أعلنها صراحة عن وجود تقصير عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وانه متفهم حالة المعاناة التى ألمت ببعض المصريين بسبب الأمطار، ووعد بتكثيف جهود أجهزة الدولة لتلافى حدوث مثل هذه الآثار مرة أخرى، الأمر الذي يجب أن يقف عنه كثيرا بعض الأشخاص غير المتفهمين و"المطبلاتية" لحجم الكارثة التي مرت بها البلاد من "شوية ميه"! والتي علي أثرها تم إقالة رئيس مدينة القاهرة الجديدة.وفي مقالي هذا لا أخص به فقط رئيس مدينة القاهرة الجديدة، فليس هو فقط المتسبب فيما تعرضت له شوارعنا من الأمطار، وان طالبنا بالتحقيق والمحاسبة سنجد أن المسئولية تقع على عاتق الحكومة بأكملها، بل أقصد به كل مسئول غير مسئول في كل جهة أو مصلحة حكومية، وفي كل وزارة، وفي كل قطاع حكومي أو خاص، وفي كل شركة، وفي كل مدرسة، وفي كل مستشفى، وفي كل مؤسسة، في كل منظمة، في كل مكان فيه مسئول يحمل مسئولية شئون الآخرين والآخريات، فلدينا نسخ عديدة مثل رئيس مدينة القاهرة الجديدة في كل قطاع تحتاج إلى استبعادها وآخرين يجب محاسبتهم عن كل تقصير وإهمال، حتى نتخلص من كل مسئول "غارق في شبر ميه"، يغرق البلاد بأكملها.والخلاصة.. فلفظ مسئول هو من السؤال أي أنه سيسئل عن أمانته ومن ثم وجب محاسبته عما كان مسئولا عنه، فإما أن تكون مسئولا أو اترك المسئولية لمن يقدر علي تحملها أو من هو أهلا بها تساعده امكانياته وخبراته على تولي المهام التي سندت إليه، او كما يقال "إدي العيش لخبازه"!وقد حان الوقت للاستغناء عن كل مسئول لا يثمن قيمة الكرسي الذي يعتليه ولا أهمية المسئولية التي يتولاها، فقد أذنت المرحلة الحالية معاقبة كل مسئول والتخلي عن الآخر المتهاون في عمله، وإقالة كل من أدار ظهره للمواطنين؛ والضرب بيد من حديد، فمن لا يكون قدر المسئولية سيغرق مصر في شبر مياه! ليس فقط سيغرقها من الأمطار، ولكن من كم الإهمال في كل قطاع وهيئة تضر بمصلحة الأفراد وتسيء لسمعة مرحلة ولاية جديدة، ولأن كلا منا له من القدرات والإمكانيات البشرية والعقلية والعضلية التي تختلف من شخص لآخر، فكان لزاما على أن يوظف كلا منا على حسب مؤهلاته وإمكانياته، ومن يرى عدم قدرته على تحمل المسئولية فـ"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، ومن الشرف أن يترفع عما وكل إليه من تلقاء نفسه، لذا نقول: «رحم الله امرئ عرف قدر نفسه»!.
مشاركة :