مركز الفيصل للاعتدال يناقش استغلال الجماعات المتطرفة الوقائع التاريخية

  • 5/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أقام مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال بجدة ندوة علمية متخصصة حول استغلال الجماعات المتطرفة الوقائع التاريخية. وأجمع المشاركون على عظم المسؤولية التي تقع على عاتق المفكرين والأكاديميين المتخصصين والمراكز العلمية والبحثية حول ضرورة بيان الوقائع التاريخية التي يستغلها أولئك المتطرفون للاستناد إليها او الاستدلال بها للترويج لأفكارهم المنحرفة ومناهجهم الضالة، وأهمية دعم التنوع الفكري في المجتمعات وبين الحضارات المختلفة، والتعامل مع الاختلاف في الأفكار والمواقف باعتدال كما هو المنهج الشرعي الذي حث عليه الدين الإسلامي الحنيف، وتبناه قادة هذه البلاد المباركة في كل السياسات الداخلية والخارجية. افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من قِبل مدير مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال، الدكتور الحسن آل مناخرة، رحّب فيها بالمشاركين في الندوة والضيوف الحاضرين، وشكر من خلالها إدارة جامعة الملك عبدالعزيز ممثلة في معالي مديرها الأستاذ الدكتور عبدالرحمن اليوبي، وقسم التاريخ بالجامعة تحديدًا، على تعاونهم البناء في إقامة هذه الندوة. ثم تطرق الدكتور آل مناخرة إلى أهمية مناقشة مثل هذه الموضوعات مذكرًا بأن موضوع استغلال المتطرفين الوقائع التاريخية لم يسلَّط عليه الضوء كثيرًا في محاضراتنا وندواتنا العلمية في المجتمع، ولكنه – وللأسف - استُغل كثيرًا من قِبل الجماعات المتطرفة للتلبيس على عامة الناس، وخصوصًا ممن ليس لديهم خلفية علمية كافية عن أبرز الأحداث التاريخية التي مرت بها الأمة الإسلامية في سالف عصورها. ثم تحدث الدكتور أحمد جيلان المستشار بالتوعية الفكرية بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عن أهمية التأصيل العلمي للوقائع التاريخية، مشيرًا إلى أن أولئك المتطرفين يعملون على استدعاء الصراعات التاريخية؛ ليقيسوها على واقع اليوم. موضحًا أن تلك الجماعات المتطرفة تجتزئ النصوص للأحداث التاريخية التي وقعت في العصور الأولى للتأثير على أتباعهم مع غياب تام للفقه بأنواعه كافة، بما فيها فقه الأولويات، وفقه التعامل مع المسلمين وغير المسلمين، وفقه السلم والحرب. وليس لديهم منهجية سليمة للاستدلال الصحيح في تنزيل الأحكام الفقهية على الوقائع والأحداث. وقد استشهد الدكتور جيلان على الخلل المنهجي لديهم بترويجهم للحروب والقتل ومعاداة الآخرين، والتركيز على الحروب الصليبية والمواقف المؤلمة التي مرت على المسلمين مع إغفال متعمد للجانب المشرق من تاريخ الإسلام والمسلمين، والنصوص القرآنية والنبوية التي تدعو إلى التعامل مع المسلمين وغير المسلمين بحكمة وتؤدة وصبر، وقصص النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام في الدعوة والتعايش مع غير المسلمين. مؤكدًا في نهاية مشاركته أن الإسلام دين رحمة ودعوة، وليس دين قتل وإبادة. شاكرًا لمركز الأمير خالد الفيصل عقد مثل هذه الندوات، واستضافة المتخصصين والمهتمين بمثل تلك الموضوعات لمناقشتها مناقشة مستفيضة، تراعي كل الجوانب ذات العلاقة مع بيان السياقات التاريخية التي صاحبت تلك الوقائع بطريقة علمية منهجية. من جانب آخر، تحدث الأستاذ الدكتور مبروك الباهي عن موضوع التلاعب بفكرة التاريخ، مبينًا أن كل حادثة تاريخية محكومة بزمن معين، ولها سياق محدد، لكن أولئك المتطرفين لا يعترفون بالزمن؛ وبالتالي يستلون تلك الأحداث من زمنها وسياقها للتأثير والإقناع. وهذا عمل غير تاريخي، وهو حياد واضح عن الموضوعية في قراءة الأحداث والنظر الصحيح في دراسة التاريخ بشكل علمي ومنهجي سليم. وأشار في هذا الصدد إلى أنهم يحاولون أن يصوروا للناس أن الإسلام في خطر كبير، على الرغم من أن انتشار الفكر الإسلامي في هذا العصر أكبر بكثير من عصور مضت. مؤكدًا أن التلاعب في التاريخ يحصل بالانتقاء للأحداث وتفسيرها بما يخدم أجندة معينة واستراتيجية محددة. وفي سياق متصل، تحدث الأستاذ الدكتور تركي الحارثي عن أهمية النظر في التاريخ للاعتبار، وكيفية الاستفادة من الأحداث التاريخية السابقة. مرجعًا كثيرًا من الإشكاليات المنهجية في التعاطي مع تلك الوقائع التاريخية إلى التمسك بالرأي، وعدم تحديد ومناقشة النقاط التي يدور حولها النزاع مع قصور في أدب الحوار والاختلاف. وركز الدكتور الحارثي على أن تحولات المجتمع من حالة إلى أخرى دائمًا يصاحبها شيء من عدم الاقتناع والخوف من المجهول، وربما التمرد على السلطة. مستشهدًا بمشروع توطين البادية في عهد الملك عبدالعزيزن وكيف استطاع القائد المؤسس لهذا الوطن التعامل بحكمة وبُعد نظر وقوة في بعض الأحداث لفرض هيبة الدولة حينما انتقل المجتمع السعودي من حالة البادية إلى حالة التحضر ومراحل التطور المتعاقبة التي صاحبت ذلك التحول. مختتمًا مشاركته بالحديث عن الإسلام السياسي، مع أخذه جماعة الإخوان المسلمين أنموذجًا. وكانت مشاركة الدكتور عمر يحيى اليماني هي مسك الختام لهذه الندوة، التي أوضح من خلالها أن الإسلام حرم القتل، ودعا إلى الحياة بمفهومها الشامل للاستفادة من الجوانب والفرص المتاحة كافة؛ فهو دين المحبة والسماحة والتواصل مع الآخرين. مستشهدًا بحسن جوار النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهود في المدينة، وتوقيعه وثيقة المدينة معهم. وبنظرة شمولية ذكر الدكتور اليماني أن التاريخ شهد موجات كثيرة من التطرف حتى لدى الحضارات الأخرى كالإغريق والرومان والهنود الحمر، لكن – للأسف - أصبح التركيز العالمي في الوقت الحاضر على الإرهاب الإسلامي كما يسمونه زورًا وبهتانًا، وإلا فالإرهاب لا دين له، وليس خاصًّا بمجتمع معين أو دولة محددة. الجدير بالذكر أن هذه الندوة كانت بإدارة الدكتور عماد طاهر، وهو أحد منسوبي قسم التاريخ بجامعة الملك عبدالعزيز والمهتمين بمناقشة مثل هذه القضايا التي تمس المجتمع بشكل مباشر، وقد أجاد في إدارته الندوة، مختتمًا بأن التطرف وباء عالمي، لكنه ضرب مجتمعاتنا الإسلامية بشكل كبير، وداعيًا في الوقت ذاته إلى أهمية التعاون بين الأقسام الأكاديمية والمراكز العلمية والبحثية لتعرية هذا الفكر الإرهابي المتطرف، وتوعية شرائح المجتمع كافة بطرقهم وأساليبهم التي لا تستند إلى أي منطق علمي أو عقلي سليم. وفي ختام الندوة كرم مدير مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال، الدكتور الحسن آل مناخرة، المشاركين في الندوة، مبينًا أن هذه الندوة لن تكون الأخيرة في مناقشة مثل هذه الموضوعات التاريخية بإذن الله، ومؤكدًا أن مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال ماضٍ في مسيرته منذ أن أخذ على عاتقه مسؤولية نشر وتعزيز ثقافة الاعتدال في المجتمع، ومعالجة قضايا التطرف والإرهاب والعنف والعنصرية بأسلوب علمي مدروس.

مشاركة :