مركز «الاعتدال» ينظم ندوة حول استغلال الجماعات المتطرفة للوقائع التاريخية

  • 4/30/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أقام مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال، أمس ندوة علمية متخصصة في موضوع غاية في الأهمية والتأثير، وقد ناقشت الندوة موضوع استغلال الجماعات المتطرفة للوقائع التاريخية. وأجمع المشاركون على عظم المسؤولية التي تقع على عاتق المفكرين والأكاديميين المتخصصين والمراكز العلمية والبحثية حول ضرورة بيان الوقائع التاريخية التي يستغلها أولئك المتطرفون للاستناد عليها أو الاستدلال بها للترويج لأفكارهم المنحرفة ومناهجهم الضالة، وعلى أهمية دعم التنوع الفكري في المجتمعات وبين الحضارات المختلفة والتعامل مع الاختلاف في الأفكار والمواقف باعتدال كما هو المنهج الشرعي الذي حث عليه الدين الإسلامي الحنيف وتبناه قادة هذه البلاد المباركة في كل السياسات الداخلية والخارجية. وافتتحت الندوة بكلمة ترحيبية من قبل مدير مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال الدكتور الحسن آل مناخرة، الذي تطرق إلى أهمية مناقشة مثل هذه الموضوعات، مذكرا بأن موضوع استغلال المتطرفين للوقائع التاريخية لم يسلط عليه الضوء كثيرا في محاضراتنا وندواتنا العلمية في المجتمع ولكنه - للأسف - استغل كثيرا من قبل الجماعات المتطرفة للتلبيس على عامة الناس خصوصا ممن ليس لديهم خلفية علمية كافية عن أبرز الأحداث التاريخية التي مرت بها الأمة الاسلامية في سالف عصورها. ثم تحدث المستشار بالتوعية الفكرية بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور أحمد جيلان عن أهمية التأصيل العلمي للوقائع التاريخية، مشيرا إلى أن أولئك المتطرفين يعملون على استدعاء الصراعات التاريخية ليقيسوها على واقع اليوم، موضحا أن تلك الجماعات المتطرفة تجتزئ النصوص للأحداث التاريخية التي وقعت في العصور الأولى للتأثير على أتباعهم مع غياب تام للفقه بكافة أنواعه بما فيها فقه الأولويات فقه التعامل مع المسلمين وغير المسلمين وفقه السلم والحرب وليس لديهم منهجية سليمة للاستدلال الصحيح في تنزيل الأحكام الفقهية على الوقائع والأحداث. وقد استشهد الدكتور جيلان بالخلل المنهجي لديهم بترويجهم للحروب والقتل ومعاداة الآخرين والتركيز على الحروب الصليبية والمواقف المؤلمة التي مرت على المسلمين مع إغفال متعمد للجانب المشرق من تاريخ الإسلام والمسلمين والنصوص القرآنية والنبوية التي تدعو إلى التعامل مع المسلمين وغير المسلمين بحكمة وتؤدة وصبر وقصص النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام في الدعوة والتعايش مع غير المسلمين، مؤكدا في نهاية مشاركته أن الإسلام دين رحمة ودعوة وليس دين قتل وإبادة، شاكرا لمركز الأمير خالد الفيصل عقد مثل هذه الندوات واستضافة المتخصصين والمهتمين بمثل تلك الموضوعات لمناقشتها مناقشة مستفيضة تراعي كل الجوانب ذات العلاقة مع بيان السياقات التاريخية التي صاحبت تلك الوقائع بطريقة علمية منهجية. من جانب آخر، تحدث الاستاذ الدكتور مبروك الباهي عن موضوع التلاعب بفكرة التاريخ، مبينا أن كل حادثة تاريخية محكومة بزمن معين ولها سياق محدد لكن أولئك المتطرفين لا يعترفون بالزمن وبالتالي يستلون تلك الأحداث من زمنها وسياقها للتأثير والإقناع وهذا عمل لا تاريخي وهو حياد واضح عن الموضوعية في قراءة الأحداث والنظر الصحيح في دراسة التاريخ بشكل علمي ومنهجي سليم. وأشار في هذا الصدد إلى أنهم يحاولون أن يصوروا للناس أن الإسلام في خطر كبير، على الرغم من أن انتشار الفكر الإسلامي في هذا العصر أكبر بكثير من عصور مضت، مؤكدا أن التلاعب في التاريخ يحصل بالانتقاء للأحداث وتفسيرها بما يخدم أجندة معينة وإستراتيجية محددة. وفِي سياق متصل، تحدث الأستاذ الدكتور تركي الحارثي عن أهمية النظر في التاريخ للاعتبار وكيفية الاستفادة من الأحداث التاريخية السابقة، مرجعا كثيرا من الإشكالات المنهجية في التعاطي مع تلك الوقائع التاريخية إلى التمسك بالرأي وعدم تحديد ومناقشة النقاط التي يدور حولها النزاع مع قصور في أدب الحوار والاختلاف. وركز الدكتور الحارثي على أن تحولات المجتمع من حالة إلى حالة دائما يصاحبها شيء من عدم الاقتناع والخوف من المجهول وربما التمرد على السلطة، مستشهدا بمشروع توطين البادية في عهد الملك عبدالعزيز وكيف استطاع القائد المؤسس لهذا الوطن من التعامل بحكمة وبعد نظر وقوة في بعض الأحداث لفرض هيبة الدولة حينما انتقل المجتمع السعودي من حالة البادية إلى حالة التحضر ومراحل التطور المتعاقبة التي صاحبت ذلك التحول، مختتما مشاركته بالحديث عن الإسلام السياسي مع أخذه لجماعة الإخوان المسلمين أنموذجا. وكانت مشاركة الدكتور عمر يحيى اليماني هي مسك الختام لهذه الندوة، التي أوضح من خلالها بأن الإسلام حرم القتل ودعا إلى الحياة بمفهومها الشامل للاستفادة من كافة الجوانب والفرص المتاحة، فهو دين المحبة والسماحة والتواصل مع الآخرين، مستشهدا بحسن جوار النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في المدينة وتوقيعه لوثيقة المدينة معهم. وبنظرة شمولية ذكر الدكتور اليماني بأن التاريخ شهد موجات كثيرة من التطرّف حتى لدى الحضارات الأخرى كالإغريق والرومان والهنود الحمر، لكن أصبح التركيز العالمي في الوقت الحاضر على «الإرهاب الإسلامي» كما يسمونه زورا وبهتانا، وإلا فالإرهاب لا دين له وليس خاصا بمجتمع معين أو دولة محددة. وفِي ختام الندوة، كرم مدير مركز الأمير خالد الفيصل للاعتدال الدكتور الحسن آل مناخرة المشاركين في الندوة.

مشاركة :