لا يعرف الشوق إلا من يكابدهولا الصبابة إلا من يعانيهالا يعرف معاناة الطبيب وهو يجاهد المرضى، ويعاين الحالات إلا من جرب الطب، أو شاهد بأم عينيه وسمع بكلتا أذنيه ممن هم في الميدان.. ولا يدرك حجم معاناة المدرسين إلا من تلظى بمشاغبات الطلاب، وقاسى لهب “التعليم”، وعانى حرارة التدريس!* مسكين هذا المعلم كم يُجلد من قبل الإعلام ومن قبل المجتمع، حتى وزارته تجلده بالتصريحات المستفزة والغريبة وهي أشد وقعاً عليه من الحسام المهند.نحن في زمن راح فيه “الطيبون” الذين قالوا: قم للمعلم وفه التبجيلا، وحل مكانهم هواة التطفيش وسالكو دروب تضخيم الصغائر إعلامياً واجتماعياً.* أكثر من ينتقد المعلمين اليوم هم واحد من اثنين.. شخص لم يجرب العيش في الفصول، فهو لا يدرك مدى المعاناة في التعامل مع أولاد ليسوا على سواء، ففيهم المراهق والضعيف، والفوضوي والكسلان، والمستهتر غير المبالي.. وشخص ببغاوي يردد ما يقوله الآخرون دون أن يدرك ويجرب، ويعرف، وحتى دون أن يسأل!* مشكلة وزارة التعليم مع منسوبيها تتلخص في:– تصريحات الوزراء تختلف قبل التعيين وبعده عن المدرسين!– اللغة الحادة التي يتحدث بها بعض المسؤولين تجاه المدرسين.. خاصة في القضايا المثارة! – تجاهل القضايا الحقيقية وتسليط الضوء على الهوامش.. فمثلاً التركيز حول الدوام في أيام تعليق الدراسة، وترك قضايا أهم كالمباني المستأجرة، ومقاصف المدارس، ودوام المعلمات في المناطق النائية… إلخ.* في هذه الأيام هناك نقاشات طويلة حول طول إجازة المدرسين، ولولا الحياء لقالوا لا بد من تقصيرها واختصارها إلى ربع هذه المدة..وقد نشر “ملتقى المعلمين والمعلمات” إحصائية بعدد أيام الدراسة في العديد من الدول الأوروبية والآسيوية والأفريقية والعربية وكمثال: عدد أيام الدراسة في هولندا 200 يوم، وفي فرنسا 185 يوماً، أمريكا والسويد 180 يوماً، بلجيكا 175 يوماً، مصر 192 يوماً، الأردن 200 يوم، الإمارات 182 يوماً، الكويت 174 يوماً… وفي السعودية تبلغ أيام الدراسة الفعلية 180 يوماً.. فمتوسط أيام الدراسة عندنا مساوٍ لمعدل الدراسة في دول كثيرة، فالحديث عن طول الإجازة حديث يخالف الواقع والأرقام الإحصائية.* إن الآراء الغريبة التي تتصدر الإعلام لا تقل عن سلبية بث المسلسلات والمشاهد التي تسقط المعلم، وتظهر الاستخفاف به وتستقوي عليه، كل هذه في النهاية ستعمل على إضعاف دوره، وتساهم في ضعف التعليم.. هذه المشاهد الإعلامية والتصريحات العجيبة كالليل الطويل الذي يخيم على حقل التعليم، ويتمنى العاملون فيه كما تمنى امرؤ القيس: إلا أيها الليل الطويل إلا انجلِ بصبح وما الإصباح منك بأمثل!* يقول مؤسس سنغافورة:لم أقم بالمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيّرت مكانة المعلمين من طبقة بائسة إلى أرقى طبقة، وهم من صنعوا المعجزة التي يعيشها المواطنون الآن، وأي مسؤول يحب بلده، ويهتم بشعبه، كان سيفعل مثلي”.وأخيراً..إن المعلم والطبيب كلاهمالا ينصحان إذا هما لم يكرمافاصبر لدائك إن أهنت طبيبهواصبر لجهلك إن جفوت معلماً!ولكم تحياااااتي
مشاركة :