أكد المدير التنفيذي لقطاع الرقابة في بنك الكويت المركزي، وليد العوضي، أن الكويت لعبت دوراً رائداً في صناعة التمويل الإسلامي على المستوى العالمي، وذلك من خلال تأسيس أول بنك إسلامي (بيت التمويل الكويتي) في العام 1977، لافتاً إلى أنها تسهم بنحو 6 في المئة من الأصول المصرفية الإسلامية عالمياً.كلام العوضي جاء خلال المؤتمر المشترك مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية، والذي يستضيف البنك المركزي، والذي يعقد على مدار 3 أيام برعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وبحضور أكثر من 20 متحدثاً من مسؤولين تنفيذيين رفيعي المستوى من مؤسسات دولية، من ضمنها البنك الدولي، ولجنة «بازل» للرقابة المصرفية، ومجلس الخدمات المالية الإسلامية، والمؤسسة الإسلامية الدولية لإدارة السيولة وغيرها، إلى جانب علماء متخصصين في الشريعة الإسلامية، وممثلين من شركات التكنولوجيا المالية، ومن وكالات التصنيف وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة، فضلاً عن عدد من كبار المسؤولين في البنوك المحلية.وقال العوضي خلال أعمال الجلسة الأولى التي جاءت تحت عنوان «السياسة المالية والاستقرار»، إن معايير «بازل 3» تطبق في الكويت على البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية على حد سواء، موضحاً أن البنوك الإسلامية تواجه نفس الصعوبات التي تواجهها الصناعة المالية بشكل عام على مستوى العالم.وشدّد على أن التحديات التي نشأت إثر الأزمة المالية العالمية عام 2008 ولّدت فراغاً تشريعياً في النظام المالي، حاولت بعض التشريعات والنظم سده على غرار معايير «بازل3» والحزمة المتكاملة، والمتعلقة برأس المال والسيولة، وكذلك الرفع المالي، وغير من اختبارات الضغط. وأوضح أن هذه المعايير في الكويت طبّقت بالكامل والبنوك المحلية بشقيها الإسلامية والتقليدية، تقوم على قاعدة متينة وصلبة، ولها القدرة على مواجهة وامتصاص أي صدمات أو تقلبات اقتصادية متوقعة، مؤكداً أن ذلك يعد إنجازاً للصناعة المصرفية الإسلامية في الكويت كونها من أهم الصناعات.وأفاد العوضي بأن «القطاع المصرفي في الكويت متوازن، إذ إنه لدينا 5 بنوك تعمل وفق الشريعة الإسلامية، و5 تقليدية»، مؤكداً أن تعزيز الصناعة الإسلامية أمر مهم بالنسبة لبنك الكويت المركزي.وقال إن البنك المركزي يفخر باستضافة هذا الاجتماع لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، ودعمه في أهدافه النبيلة لتعزيز سلامة واستقرار صناعة التمويل الإسلامي.وأوضح أن «المركزي»، وبصفته جهة تنظيمية، فإنه يحكم البنوك المحلية في الكويت، والمصارف الأجنبية العاملة في البلاد، وشركات التمويل والصرافة، لافتاً إلى أن القطاع المصرفي مهيمن على النظام المالي الكويتي، حيث يمتلك حصة سوقية تبلغ نسبتها 83 في المئة، وهو متنوع بشكل جيد.ولفت إلى أن الكويت توثّق جميع التطورات المتعلقة بالتمويل الإسلامي في تقرير «التمويل الإسلامي في الكويت: توسيع الآفاق»، ما يدل على التزامنا المستمر بدعم نمو وتطور صناعة التمويل الإسلامي.وأوضح أن هذا التقرير، يقدّم لمحة عامة عن تطور الصناعة في الكويت، مع التحليلات، والرؤى، ودراسات الحالة والمقابلات مع البنوك الإسلامية العاملة في البلاد.وأكد العوضي أن الكويت ومن أجل تعزيز التمويل الإسلامي، تعمل بشكل وثيق مع المؤسسات الدولية، بما في ذلك هيئات التمويل الإسلامية الدولية مثل «IFSB»، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، والسوق المالية الإسلامية الدولية (IIFM)، ومؤسسة إدارة السيولة الإسلامية الدولية (IILM).وبيّن أن «المركزي»، باعتباره المنظم الرئيسي للنظام المالي المركزي في الكويت، يولي اهتماماً خاصاً لضمان وجود نظام مالي سليم ومستقر في البلاد.وأفاد بأنه وخلال العام 2010، تم إنشاء مكتب مستقل للاستقرار المالي (FSO) مكلف بدراسة التطورات في القطاع المالي بشكل منتظم، حيث يعتبر تقرير الاستقرار المالي (FSR) أحد منشوراته الرئيسية، والذي يقيّم فيه أداء المكونات المختلفة للنظام المالي، ويعمل كأداة مراقبة رئيسية لبنك الكويت المركزي.وأكد استمرار «المركزي» بتعديل التشريعات الرقابية والتنظيمية نحو الأفضل، إلى جانب تطبيق المعايير التنظيمية الصادرة عن (BCBS)، بما في ذلك مجموعة «بازل 3» من الإصلاحات المالية.وأشار إلى أنه وتماشياً مع أفضل الممارسات الدولية، فإن «المركزي يعمل على تعزيز قدرة القطاع المصرفي والمالي لإدارة المخاطر ومقاومتها، وبالتالي ترسيخ دعائم الاستقرار المالي في البلاد، وذلك من دون التقليل من قدرتها على تطوير أعمالها بشكل مربح وفعال».جودة الأصول وقد أكد العوضي أنه «ومع تطبيق مختلف الإجراءات التنظيمية، فإن بنوكنا تحقق أرباحاً، مع نمو في صافي دخلها، إلى جانب تحسن جودة الأصول بشكل ملحوظ على الرغم من البيئة الاقتصادية المحلية الصعبة التي أثر عليها انخفاض أسعار النفط»، منوهاً إلى تراجع نسبة القروض غير المنتظمة للبنوك إلى 1.95 في المئة، وهو مستوى منخفض تاريخي.وأفاد بأن آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، خلُص إلى أن «النظام المصرفي في الكويت منظم بشكل كبير، وكان بنك الكويت المركزي سباقاً في تعزيز الرقابة على البنوك التي تعمل تحت لوائح (بازل 3) لرأس المال والسيولة والرافعة المالية. ويجري تنفيذ مجموعة شاملة من التدابير التحوطية الكلية للحد من المخاطر الشاملة».كما تطرق العوضي إلى عناصر الإشراف التي تجسّد نهج البنك المركزي تجاه السياسات التحوطية الكلية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي في الكويت، حيث عزز نظام كفاية رأس المال من خلال تحديد رأسمال أعلى جودة وأفضل، مبيناً أنه ومنذ ديسمبر 2017، بلغت نسبة كفاية رأس المال في القطاع المصرفي الكويتي نحو 18.45 في المئة، وهو أعلى بكثير من متطلبات «بازل».وأفاد العوضي بأن «المركزي» وضع أيضاً متطلبات إضافية لرأس المال تصل إلى 2 في المئة، مبيناً أن مطالبته للبنوك بحجز احتياطي إضافي لرأس المال، وحماية متطلبات رأس المال الموقت لمواجهة التقلبات الدورية يهدف إلى مساعدتهم على تعزيز قدرتهم على السداد، والحد من تراكم المخاطر.وأضاف أن نسبة الرافعة المالية لدى البنوك المحلية تصل إلى 10.2 في المئة، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة القياسية العالمية البالغة 3 في المئة.وقال إنه في أعقاب الأزمة المالية التي ضربت الأسواق العالمية والاقتصادات في عام 2008، اعتبر صانعو السياسات والهيئات التنظيمية الاستقرار المالي هدفاً سياسياً مهيمناً، حيث أكدت لجنة «بازل» الحاجة إلى وجود إطار راسخ لتشكيل سياسة الاستقرار المالي.وأضاف أن وجود نظام مالي سليم ومستقر يشكل عنصراً أساسياً للنمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن النظام المالي المستقر هو النظام الذي يقوم فيه الوسطاء الماليون والأسواق والبنية الأساسية بتسهيل التدفق السلس للأموال بين المدخرين والمستثمرين، وبالتالي يساعدون في تعزيز النشاط الاقتصادي.وأكد العوضي أن الاستقرار المالي ليس غاية في حد ذاته، بل يعد شرطاً مسبقاً مهماً للنمو الاقتصادي المتوازن والمستدام، مبيناً أنه ومن هذا المنطلق، فإنه يمكن اعتبار حماية الاستقرار المالي مهمة استشرافية، تسعى إلى تحديد نقاط الضعف داخل النظام المالي، واتخاذ إجراءات مخففة حيثما أمكن.وأشار إلى أن البنوك المركزية تولي الآن اهتماماً أكبر للطريقة التي تربط بها السياسة النقدية مع الاستقرار المالي، مؤكداً في الوقت نفسه الحاجة للسياسات المالية الحصيفة التي تلعب دوراً محورياً لتحقيق الاستقرار المالي في القطاع المصرفي. 10 سنوات من عمر المجلسخلال أعمال الجلسة، شدّد أمين عام مجلس الخدمات المالية الإسلامية، الدكتور بيلو لاوال دانباتا، على إن البنك المركزي الكويتي، ومن خلال ترؤسه المجلس هذا العام يسهم في تعزيز دور صناعة الصيرفية الإسلامية على مستوى دول العالم كافة.ولفت في الوقت ذاته إلى أن مثل هذه المؤتمرات تساعد على تطوير قطاع التمويل الإسلامي وأدواته، كما تؤدي إلى تبادل الأفكار الذي يولد من ناحيته مشاريع وأداوت مبتكرة للتمويل على أن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.وفي هذا السياق، أشار دانباتا إلى أن 10 سنوات من عمر مجلس الخدمات المالية الإسلامية، ساعدت على تطوير أدوات تمويلية إسلامية أكثر فاعلية، وذلك بالتوافق مع مختلف المؤسسات المالية والمصرفية حول العالم. من ناحيته، تناول بروفيسور التمويل الإسلامي في جامعة الدراسات الإسلامية بجامعة «حمد بن خليفة»، الدكتور منذر كهف، أهم العوامل التي تحافظ على استقرار التمويل الإسلامي على المدى القريب والبعيد. ولفت إلى أن التمويل يجب أن يحقق الهدف الذي وضعه من أجله، وإلا فسيكون له تأثير كبير على المؤسسات المالية والمجتمع بشكل عام.وقد أكد أن التمويل الإسلامي يأخذ أهميته من كونه يعتمد على أصول موجودة ويتبع تشريعات راسخة ومحسوبة النتائج، وبالتالي فإن مخاطره قليلة.
مشاركة :