في الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة الصراعات والخلافات بين قادة الميليشيات الحوثية لجهة التنازع على أحقية نهب الموارد المالية في صنعاء والحديدة، هدّد الرئيس الجديد لمجلس حكم الجماعة الانقلابية مهدي المشاط بالتنكيل بزعماء القبائل المحيطة بالعاصمة إذا استشعر منهم أي محاولة «للغدر» بالميليشيات. وفيما أفادت مصادر محلية في محافظة الحديدة بأن الجماعة الحوثية تمنع سكان القرى من النزوح هرباً من الاشتداد المرتقب للمواجهات جنوب المحافظة، كثفت الميليشيات في صنعاء من إصدار أحكام الإعدام بحق المواطنين الذين تتهمهم بالتخابر ضدها لصالح تحالف دعم الشرعية. وقضت محكمة خاضعة للجماعة في صنعاء بإعدام 3 مواطنين، بعد أن أدانتهم بتهمة التخابر مع دول تحالف دعم الشرعية، وبالانتماء لتنظيم «القاعدة»، ليرتفع عدد المحكومين بالإعدام إلى 12 شخصا خلال الأسبوع الأول من تولي صهر زعيم الجماعة، مهدي المشاط، منصب رئيس مجلس حكم الانقلاب، خلفا لسلفه القتيل صالح الصماد. ويرجح مراقبون في صنعاء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية تحاول من خلال تكثيف أحكام الإعدام، تنفيذ السياسية الجديدة للقيادي المشاط، القائمة على مضاعفة البطش والتنكيل، وإثارة الهلع في صفوف المعارضين الموجودين في مناطق سيطرة جماعته، في مسعى لإجبارهم على التوقف عن مناهضتها ولزوم الصمت. وفي سياق متصل، أفادت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» بأن المشاط دعا عدداً من زعماء القبائل المحيطة بصنعاء إلى اجتماع أول من أمس في مكان سري يختبئ فيه خشية استهدافه من طيران تحالف دعم الشرعية، وهدد بالتنكيل بهم إذا لمس منهم «أدنى شعور بمحاولة الانقلاب على جماعته أو الغدر بها لصالح الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها». وذكرت المصادر أن المشاط أمر زعماء القبائل بحشد مزيد من أتباعهم للقتال في صفوف الجماعة للتدليل على ولائهم، كما أمرهم بجمع الأموال وإعداد القوافل الغذائية من أجل تقديمها دعما لمقاتلي الميليشيات في الجبهات. وتضمن وعيد الرئيس الجديد للميليشيات، تحذير الزعماء القبليين من أنه بخلاف سلفه الصماد، لا يجيد سياسة الاستقطاب الناعم، أو التغاضي عن الأخطاء التي تهدد جماعته. وكانت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أشارت إلى لقاء المشاط بزعماء قبائل طوق صنعاء، وقالت إنه حضهم على «تعزيز الاصطفاف وتماسك الجبهة الداخلية وبذل المزيد من الجهود والتعاون لتذليل العقبات وحل الإشكاليات ومساندة الجهود (الرسمية)». في غضون هذا الترهيب الحوثي لزعماء القبائل، تصاعدت حدة الصراع بين قادة الميليشيات على نهب الموارد المالية في صنعاء والحديدة، وهو ما دفعهم أمس إلى الاحتكام لرئيس الميليشيا المشاط للفصل بينهم بشأن أحقية الحصول على القدر الأكبر من الأموال. ففي الوقت الذي يحاول فيه القيادي الحوثي حمود عباد المعين أمينا للعاصمة الاستئثار بأكبر قدر من مواردها المالية مع عدد من قادة الميليشيات الذين يدعمونه في هذا الأمر، يحاول القيادي الحوثي والزعيم القبلي حنين قطينة المعين محافظا لأرياف صنعاء استقطاع جزء من هذه الموارد المالية؛ خصوصا موارد الأحياء الطرفية لصنعاء، التي يعدها مكانا لنفوذه. وذكرت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية أن المشاط ناقش مع قادته عباد وقطينة والقيسي «الجوانب المتصلة بالتداخل الجغرافي بين أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء بما في ذلك التداخل في الإيرادات». كما دفع التنازع على السطو على موارد محافظة الحديدة قيادات الميليشيات الحوثية المعينين في مفاصل المؤسسات بالمحافظة، إلى الاحتكام أيضا للمشاط من أجل تحديد حصة كل قيادي منهم. وأفادت مصادر قريبة من دائرة القرار الحوثي لـ«الشرق الأوسط» بأن رئيس مجلس حكم الميليشيات، شدد على أهمية تحصيل مزيد من أموال المواطنين، في الحديدة، والقيام باستثمارها لإنشاء مشروعات تدر مزيدا من الأرباح لصالح جماعته، كما حدد جزءا معلوما من إيرادات المحافظة للتوزيع على القيادات المحلية من أجل إغراء العاطلين في المحافظة للالتحاق بصفوف الميليشيات. وعلى صعيد متصل بعمليات القمع الحوثية لأبناء المحافظة الساحلية الحديدة، أكدت مصادر محلية أن الميليشيات منعت سكان القرى في مديرية التحيتا الواقعة جنوب المحافظة من مغادرة مناطقهم حيث يحاولون النزوح هربا من المعارك المرتقبة مع تقدم قوات الجيش الوطني لتحرير المديرية في سياق الخطة الحكومية لتحرير الحديدة واستعادة مينائها الحيوي من قبضة الجماعة. وذكر سكان محليون أن عناصر الميليشيات الحوثية تمركزوا مع آلياتهم العسكرية في أوساط القرى المكتظة بالمدنيين، وأصروا على بقاء السكان في منازلهم دروعا بشرية يحتمون بهم من ضربات الطيران. وقالت المصادر إن عددا من المنظمات الإنسانية أبدت استعدادها لتولي إجلاء المدنيين من قراهم في مديرية التحيتا حرصاً على تأمين حياتهم، غير أن هذه المساعي اصطدمت برفض قاطع من قبل عناصر الجماعة الحوثية.
مشاركة :