الاتفاق النووي الإيراني- هل تقنع أوروبا ترامب بأهمية الحفاظ عليه؟

  • 5/2/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

كلما اقترب موعد إنذار الرئيس الأمريكي وتهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، تزداد حدة الجدل حوله والتأكيد الأوروبي على أهمية الحفاظ عليه. فهل تستطيع أوروبا ثني ترامب عن موقفه وتبعد شبح حرب تحذر منها إسرائيل؟ دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على خط النقاش والتصريحات حول الاتفاق النووي الإيراني، ليزيد من تعقيد وحدة الجدل من خلال العرض الذي قدمه مؤخرا، وقال فيه إنه يثبت خرق إيران للاتفاق وعدم التزامها به. عرض نتايناهو يأتي قبل أيام قليلة من اتخاذ ترامب قراره بشأن الاتفاق والذي سيكون في الثاني عشر من شهر مايو/ أيار الجاري. وعلى ما يبدو فإن هدف نتانياهو من اختيار هذا التوقيت لعرضه، هو دعم موقف ترامب المعارض للاتفاق، وهو ما أشار إليه العديد من المراقبين، ومن بينهم السفير الألماني السابق في عدة دول عربية وإيران، بيرند إربل، الذي قال في حواره مع DW عربية، إن ما يسعى إليه نتانياهو هو "ألا يوقع الرئيس الأمريكي على تمديد العمل بالاتفاق النووي مع إيران وبالتالي انسحاب الولايات المتحدة منه. وإعادة العمل بالعقوبات التي كانت مفروضة على إيران قبل الاتفاق". وفي نفس السياق لم يستبعد يورغين هارت، المتحدث باسم لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، فشل الاتفاقية، وقال في تصريح لصحيفة دي فيلت الألمانية "علينا بعد الذي سمعناه مؤخرا من القدس وواشنطن.. أن نتوقع إنهاء تجميد العقوبات..". ورأى السياسي الألماني، أن توقيت تصريحات نتنياهو "ليست صدفة"، وقال إنها تأتي في إطار تكوين كواليس خلفية "من شأنها على الأرجح أن تسهل على ترامب استئناف العقوبات على إيران". التاكيد على أهمية الالتزام بالاتفاق لكن موقف نتانياهو وما عرضه، قوبل بالشك في الأوساط السياسية والدبلوماسية، التي قالت إن ما قدمه يؤكد على أهمية الاتفاق وضرورة الحفاظ عليه. إذ اعتبرت مسؤولة السياسة الخارجية  في الاتحاد الاوروبي، فيديريكا موغيريني أن تصريحات نتانياهو لا تدفع إلى التشكيك باحترام طهران للاتفاق، وقالت إنها لم تر "حججا لرئيس الوزراء نتانياهو حتى الآن على وجود عدم احترام، ما يعني انتهاك ايران التزاماتها النووية". كذلك دافعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن الاتفاق، في مقابلة مع القناة العاشرة الإسرائيلية، قائلة إن اتفاقا معيبا أفضل من عدم وجود اتفاق. وأضافت أن ألمانيا "سوف تراقب الوضع عن كثب" لضمان الالتزام بالاتفاق. وفي نفس السياق اعتبر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون تصريحات نتانياهو تأكيدا على "أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي". وجاء في تغريدة له أن "الاتفاق مع ايران لا يستند إلى الثقة بل إلى عمليات تحقق". مشددا على "أهمية الحفاظ على القيود" التي تضمنها الاتفاق. لكن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أكد على ضرورة أن تنظر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اتهام إسرائيل لإيران بالاستمرار سرا في خططها النووية. وشدد في تصريح لصحيفة "بيلد" الألمانية، على ضرورة أن تطلع الوكالة بأسرع وقت ممكن على المعلومات التي تعتمد إسرائيل عليها في اتهاماتها ضد إيران، وأن تعرف ما إذا كانت هذه المعلومات تتضمن فعلا دلائل على انتهاك إيران الاتفاقية النووية. لكن رغم بعض التباين في الموقف الأوروبي وكيفية التعامل مع مخاوف إسرائيل من برنامج إيران النووي الإيراني وتجاربها للصواريخ البالستية، إلا أن هناك إجماعا على أهمية الاتفاق وضرورة الحفاظ عليه والالتزام به من قبل كل الأطراف. وهذا ما أكد عليه السفير الألماني السابق لدى طهران بيرند إريل، وقال عن تباين الموقف الأوروبي بأنه على بعض التفاصيل "وفيما إذا كان يمكن إضافة أمور أخرى إلى الاتفاق، وهو ما طرحته وأعلنته فرنسا بأنه يمكن الاتفاق مع إيران على أشياء إضافية وعلى رأسها تجارب الصواريخ البالستية وتنامي نفوذ إيران في دول أخرى في الشرق الأوسط". وشدد على ذلك الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون في تصريحات أثناء زيارته إلى استراليا اليوم الأربعاء (الثاني من مايو/ أيار) بأنه يمكن توسيع الاتفاق، لتناول ثلاثة مجالات رئيسية جديدة. وأضاف "الأول، بشأن النشاط النووي، بعد عام 2025 والثاني، لكي تتم السيطرة على النشاط الباليستي للنظام الإيراني ومراقبته بشكل أفضل.. والثالث، من أجل الحصول على احتواء للنشاط الإيراني في المنطقة". إبعاد شبح الحرب عن المنطقة الموقف الأوروبي الداعم للاتفاق النووي والالتزام به، يبعد شبح حرب جديدة يمكن أن تندلع في المنطقة. وقد أكد ذلك إريل، وقال إن هذا كان "هدف الاتفاق النووي. حيث كانت إسرائيل تهدد بشن حرب ضد إيران وضرب منشآتها النووية وتدمير البنية التحتية". وأشاد بالاتفاق معتبرا "إبعاد شبح هذه الحرب بالوسائل الدبلوماسية عبر الاتفاق النووي، حدثا تاريخيا". وحذر الدبلوماسي الألماني السابق من انسحاب واشنطن من الاتفاق وإعادة العمل بالعقوبات التي كانت مفروضة على طهران، "لأن خطر الحرب سيعود من جديد" إلى المنطقة وسيكون "تطورا سلبيا جدا" حسب رأيه. لكن هل يمكن اعتبار الموقف الأوروبي من الاتفاق النووي الإيراني المختلف عن موقف واشنطن، ورقة ضغط أوروبية للمساومة على العقوبات الجمركية التي يهدد بها ترامب حلفاءه الأوروبيين؟ السفير الألماني السابق في طهران، بيرند إريل، يجيب على ذلك بالنفي القاطع ويرفض الربط بين الموضوعين. لأنه وبحسب رأيه "لا توجد أسباب قانونية ولا انتهاك للقانون الدولي يبرر الانسحاب من الاتفاق". ويطرح في حواره مع DW عربية بدل ذلك تقديم شيء إضافي لإيران علاوة على الذي "تم الاتفاق عليه معها في الاتقاق النووي، ومقابل ذلك يمكن الحصول على اعتراف (تنازلات) من إيران في مجالات أخرى، مثلا من خلال انتهاك روح الاتفاق وليس النصوص المكتوبة، تمنع الولايات المتحدة أي تعامل مالي مع إيران وبالتالي منع التأثير الإيجابي لرفع العقوبات". مها يكن وحتى موعد اتخاذ الرئيس الأمريكي قراره بشأن تمديد العمل بالاتفاق أو انسحاب بلاده منه، ستجرى الكثير من المفاوضات والمحادثات العلنية والسرية بين أطراف الاتفاق يمكن أن تؤثر على موقف ترامب.

مشاركة :