الجزائر - صاحبت إطلاق الجزائر حملة لزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية لسد الفجوة الكبيرة في الأمن الغذائي، موجة قلق بين الاقتصاديين، الذين قالوا إن الخطة شبيهة بالخطط، التي أعلنت عنها في قطاعات أخرى. وهناك مساع لتشجيع المزارعين بحوافز مثل قروض بفائدة منخفضة وتطعيمات مجانية للماشية، لتقليص واردات الغذاء التي تستحوذ على خمس فاتورة الواردات السنوية للدولة، العضو في منظمة أوبك. ويختزل خبراء أسباب المشكلة الغذائية بالبلاد في عوامل تتعلق بالاستراتيجيات الحكومية وعدم توفير استثمارات كافية في القطاعين الزراعي والصناعات الغذائية، فضلا عن قضية الاحتباس الحراري. ونسبت وكالة رويترز لأستاذ اقتصاد بجامعة الجزائر، طالب بعدم ذكر اسمه، قوله إن بلاده “تمتلك جميع الأدوات التي تحتاجها لزيادة الإنتاج لكن، وكالمعتاد، سيستغرق التنفيذ وقتا بسبب البيروقراطية”. وعكست تحذيرات المختصين في المؤتمر الدولي للطاقات المتجددة والأمن الطاقي والغذائي المنعقد في الجزائر مطلع الشهر الماضي، عجز السلطات طيلة الأعوام الماضية في توفير أرضية صلبة لتحقيق الأمن الغذائي. أحمد أويحيى: الإنفاق الزراعي، البالغ ملياري دولار هذا العام، لن ينخفض في 2019 أحمد أويحيى: الإنفاق الزراعي، البالغ ملياري دولار هذا العام، لن ينخفض في 2019 ولطالما أهملت الجزائر، مزارعيها وركزت على قطاع النفط والغاز، الذي يمثل نحو 60 بالمئة من موازنة الحكومة. ولكن انهيار أسعار النفط في منتصف عام 2014، جعل الجزائر تواجه صعوبات في تمويل فاتورة وارداتها السنوية البالغة 50 مليار دولار، ودفع الحكومة للبحث عن وسائل لتخفيف الضغوط على المالية العامة. ويقول المزارع حسن ميري وهو يتفقد حقله المزروع بالقمح ويملك أراضي أخرى مزروعة بالحبوب والخضروات في بورقيقة التي تبعد 80 كيلومترا جنوب العاصمة إن الأمور تسير بخطى بطيئة، ولكن على نحو أفضل من السنوات الماضية. كما أبدى تفاؤله بالموسم الزراعي الحالي بعد أسابيع من هطول أمطار غزيرة أعقبت فترة طويلة من الجفاف. في حين قال المزارع أحمد موسوي، “علينا أن نفوز في معركة الأمن الغذائي”. ويؤكد مسؤولون إن الحكومة تتوسع في استخدام الري لتغطية مليوني هكتار العام القادم، ارتفاعا من 1.3 مليون هكتار حاليا، وهو ما يساعد المزارعين الذين يعتمدون على الأمطار التي قد تشح. وحاليا، يتم تشييد 15 سدا جديدا تضاف إلى 80 سدا قائما لري أراض مزروعة بالحبوب تغطي مساحة 600 ألف هكتار، ارتفاعا من 60 ألف هكتار فقط حاليا. وقال محمد جاهد رئيس لجنة الفلاحة والصيد البحري وحماية البيئة بالبرلمان “الآن الجزائر تدعم القطاع الزراعي تدعيما كبيرا، أموال باهظة تقدم للتدعيم من أجل توفير الإنتاج ومن أجل تأمين الغذاء لجميع المواطنين الجزائريين”. ولا تزال البلاد حتى اليوم مرتهنة للأسواق الخارجية لتلبية احتياجاتها الغذائية، وهذا الأمر يشكل دائرة خطر على الدولة التي تعاني من تراجع غير مسبوق في عوائد الطاقة، وذلك للعام الرابع على التوالي. وتأمل الحكومة في زيادة إنتاج القمح، أحد المكونات الرئيسية في فاتورة واردات الغذاء، إلى 5.3 مليون طن بحلول 2022 من 3.5 مليون طن تم إنتاجها العام الماضي. محمد جاهد: الآن بدأت الجزائر تدعم القطاع الزراعي لتأمين الغذاء للجزائريين محمد جاهد: الآن بدأت الجزائر تدعم القطاع الزراعي لتأمين الغذاء للجزائريين وتتوقع إدارة الخدمات الزراعية الدولية بوزارة الزراعة الأميركية أن تستهلك الجزائر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، 10.55 مليون طن من القمح في موسم 2019-2018. وتريد الحكومة مضاعفة إنتاج منتجات أخرى مثل البطاطس والحليب واللحوم على مدى السنوات الأربع المقبلة. كما وضعت قائمة تضم 851 سلعة محظورا استيرادها الآن، من بينها بعض المنتجات الغذائية. لكن مبادرات الحكومة تستغرق وقتا كي تؤتي ثمارها. فالأرقام الرسمية تظهر أن إجمالي قيمة واردات الغذاء تراجع 0.2 بالمئة فقط في الربع الأول من 2018، بمقارنة سنوية، بينما ارتفعت قيمة واردات الحبوب والحليب. ورغم ذلك، يستجيب المزارعون لمساعي الحكومة. وقال محمد أمين عبيد، مربي ماشية “لقد استفدت من قطعة الأرض التي حصلنا عليها في 2013، ثم قمت بالاستثمار، وساعدتنا الدولة في الحصول على التراخيص”. وأضاف “ابتدأنا بأربعين بقرة ولدينا اليوم 70 بقرة بعد أربع سنوات من العمل وهدفنا تطوير الإنتاج بالبلاد، فنحن نريد أبقارا مولودة وناشئة هنا لتتعود على مناخ البلاد وللاستغناء عن الاستيراد في كل مرة”. وتواجه المالية العامة ضغوطا شديدة رغم تعافي أسعار النفط، حيث تم إلغاء مبادرات عديدة، لكن رئيس الوزراء أحمد أويحيى قال إن “الإنفاق الزراعي، الذي يقدر بملياري دولار هذا العام، لن ينخفض في 2019”. ورغم ذلك، يقول محللون إن تقديم مساعدات ليس كافيا لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في زيادة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من معدلاته الحالية البالغة 12 بالمئة طالما أن الشباب غير مهتمين بالقطاع ويبحثون عن وظائف في مجالات أخرى.
مشاركة :