صنعاء - وكالات: لا يبدو أن هناك أملاً لنهاية مأساة سكان اليمن، هذا البلد الذي كان يعتبر حتى قبل التدخل السعودي فيه من أفقر بلدان المنطقة، حتى جاءت الحرب قبل ثلاث سنوات لتحوله إلى سجل حافل بأنواع من الانتهاكات تتصدرها صور الجوع الذي فتك بالأطفال والنساء. وبحسب تقرير موسع لوكالة «أسوشيتد برس» يرزح أكثر من سكان البلاد تحت غول الجوع، دون أن يكون هناك أمل لنهاية قريبة لهذه المأساة الإنسانية. «أم ميسرة» سيدة يمنية عندما وقفت على الميزان لم تكن تتجاوز الـ 38 كيلوجراماً فقط، هذا مع طفلها البالغ من العمر 14 شهراً، «إنها تجوِّع نفسها من أجل طفلها، هذه صورة تلخص واقع الحياة هناك في ظل الحرب». علامات سوء التغذية بادية على وجوه النساء اليمنيات، بحسب الوكالة، وهي أخطر مراحل الجوع، حيث يعاني 2.9 مليون امرأة وطفل سوء التغذية الحاد، في حين يقاتل أكثر من 400 ألف طفل آخرين للبقاء على قيد الحياة. قرابة ثلث سكان اليمن، 8.4 مليون نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم 29 مليون نسمة، يعتمدون اعتماداً كلياً على المعونات الغذائية، ومن دونها فإنهم يموتون جوعاً، وهذا الرقم ارتفع خلال العام الماضي بمقدار الربع. وكالات الإغاثة الدولية حذرت من أن أجزاء من اليمن قد تكون قريبة من الموت جوعاً، خاصة أنها تعتمد اعتماداً كاملاً على المساعدات التي فشلت الوكالات في إيصالها بسبب الحرب. ولا يبدو أن هناك أفقاً لنهاية هذه الحرب، بعد ثلاث سنوات من انطلاقتها بسبب انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في سبتمبر عام 2014، الأمر الذي أدى، في مارس 2015، إلى حرب قادتها السعودية تحت راية «التحالف العربي» الذي شكلته من دول عربية وخليجية. فالحوثيون ما زالوا يسيطرون على شمال اليمن، في حين ما زال التحالف الذي تقوده السعودية يحاول وضع حد للانقلاب دعماً للحكومة اليمنية الشرعية. حتى هذه اللحظة لا تُعرف أعداد الوفيات من جراء الأزمة الإنسانية، فالسلطات غير قادرة على إجراء إحصاء دقيق لذلك، في وقت سابق أعلنت منظمة «أنقذوا الطفولة»، أواخر العام الماضي، أن نحو 50 ألف طفل يمني يمكن أن يكونوا ماتوا خلال العام 2017 بسبب الجوع. يقول ستيفن أندرسون، مدير برنامج الغذاء العالمي في اليمن، إن البلاد تعتبر الآن أكبر حالة طارئة في العالم، فهناك نحو 18 مليون شخص لا يعرفون متى يمكن أن تصلهم وجبتهم القادمة. ويضيف البرنامج: «حتى قبل الحرب، كانت اليمن لا تزرع سوى 2% إلى 4% من مساحة أراضيها الصالحة للزراعة، وكانت تستورد جميع الإمدادات الغذائية تقريباً». لقد حطمت الحرب كل ما تبقى من اليمن، وفوق ذلك زادت من مجاعة سكانه، إذ يؤكد البرنامج أن «طائرات التحالف تقوم بتفجير المستشفيات والمدارس والمزارع»، في وقت تفرض فيه حظراً برياً وبحرياً وجوياً على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ومن ضمن ذلك ميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر، الذي كان ذات يوم منفذاً لدخول قرابة 70% من احتياجات اليمن. في العديد من المناطق يوجد طعام في الأسواق، لكن الناس ببساطة لا يملكون القدرة على الشراء، فالرواتب لا تسدد، والعمل غير موجود، والعملة منهارة. حتى في المناطق التي تمت استعادتها من سيطرة الحوثيين، يستمر الجوع ويزداد سوءاً، ففي أواخر فبراير الماضي هاجمت أمهات منطقة الخوخة على البحر الأحمر مركز التغذية الرئيسي في المنطقة، بحثاً عن حليب الأطفال والمواد الغذائية، بعد أن نفد ما لديهن، كما لم يكن لدى المركز ما يمنحه لهم بعد أن نفدت كل الكميات التي كانت متوفرة لديه. ويبدو أن المأساة اليمنية لم تعد تقتصر على الحرب بين الطرفين، وإنما باتت مضاعفة بعد أن أصبح الجوع «غولاً» يكاد يلتهم الجائعين من سكان اليمن.
مشاركة :