ارتفع معدل الإدمان على المخدرات في إيران بشكل كبير جدا، وضجت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة بالصور والمقاطع التي تصور الواقع المؤلم لشوارع وأزقة المدن الإيرانية المزدحمة بالمتعاطين، دفعهم للقذف بأنفسهم إلى دائرة الهلاك "المخدرات" اليأس والإحباط من الفقر والجوع والبطالة التي فرضتها عليهم الحكومة الإيرانية، ووفق آخر الإحصائيات الرسمية المُعدة من قِبل لجنة مكافحة المخدرات الإيرانية، فإن عدد المدمنين الذين يتعاطون المخدرات بشكل يومي يصل إلى ثلاثة ملايين مدمن، تشكل النساء المدمنات 10 في المئة من هذا الرقم، غير أن المراقبين للشأن الإيراني يرون أن الرقم الحقيقي لعدد المدمنين في إيران يفوق الرقم المعلن من قبل الحكومة، وقد يصل إلى ستة ملايين. كما تشير إحدى الدراسات إلى ميول 28 في المئة من الإيرانيين إلى تعاطي المخدرات، وأن نظرتهم إيجابية حيال تعاطيها، ويضيف الخبراء أن فشل الحكومات الإيرانية في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وفي مكافحة المخدرات يقف وراء عدم الإعلان عن الأرقام الحقيقية لعدد المدمنين في إيران. وفي مقابلة سابقة مع صحيفة تايمز البريطانية، قال الدبلوماسي الإيراني السابق أبو الفضل إسلامي، إن الحرس الثوري الإيراني دخل سوق تجارة المخدرات عام 1982، وكان ذلك بالتزامن مع هبوط أسعار النفط؛ حيث سمحت القيادة الإيرانية للحرس الثوري بأن يدخل في تجارة الممنوعات وعمليات التهريب وغسل الأموال لتغطية تكاليف حروبه، والاكتفاء الذاتي، ولضرب المجتمعات والدول التي يعاديها النظام الإيراني ويتربص بها الشر. وحسب تقرير صحيفة تايمز فإن الحرس الثوري يجني سنويا مليارات الدولارات من تجارة المخدرات وحدها، وكان ضابط المخابرات الإيراني المنشق سجاد حق بناه، قد سبق الدبلوماسي أبوالفضل إسلامي في فضح دور الحرس الثوري في الإشراف على مزارع الأفيون في أفغانستان وصناعة المخدرات، وقال إن الحرس الثوري يقوم بنقل المواد الخام من أفغانستان إلى إيران وإنتاج الهيروين والمورفين في مصانع خاصة لهذا الغرض، ومن ثم يقوم بتوزيعه من خلال شبكات داخلية وخارجية واسعة، وكشف حق بناه الذي عمل أكثر من عشر سنوات برتبة ضابط في الجهاز الأمني الإيراني عن الدور المباشر لقيادات الحرس الثوري في تجارة المخدرات، وذكر أن الحرس الثوري يستغل الخطوط الجوية والمواصلات العامة والسفن التجارية لنقل حمولات المخدرات وتوصيلها إلى وكلائه في داخل إيران وخارجها. وقال الناشط الحقوقي ناصر كاظم العبيات في حديث لــ "الرياض"، إن السلطات الإيرانية التي تعتبر العرب عدوها الأول والأخطر، استخدمت المخدرات سلاحا لتدمير الشعوب العربية في كل من العراق واليمن وبعض الدول الخليجية، بعدما استطاعت وبحجة الدفاع عن المذهب الشيعي أن تجد لمشاريعها جماعات مرتزقة في تلك الدول، ينفذون مخططاتها العدوانية والخبيثة، مشيرا إلى أن تجربة العراق، وتصدير المخدرات إلى هذا البلد العربي عبر المعارضة العراقية قبل عام 2003 وبعده، خير دليل على ذلك. وذكر العبيات أن السلطات الإيرانية وعلى الرغم من ادعاءاتها الكاذبة في محاربة تهريب المخدرات عبر الحدود الباكستانية والأفغانية، إلا أنها في حقيقة الأمر تستخدم المخدرات سلاحا قاتلا لتخدير شعبها وتدميره؛ خوفا من أي تصعيد شعبي سينهي هيمنتها، مؤكدا أنها بذلك تضمن عدة أمور، منها أمنها القومي الذي يحمي استمراريتها في سدة الحكم، وتدريب عدد كبير من رجال الحرس الثوري الإيراني على الاتجار بالمخدرات سرا، وتوزيعها، وكسب المليارات من الدولارات عبر هذا المشروع، إضافة إلى العمل على تفقير الأسر غير الفارسية، بل حتى القومية الفارسية في جغرافيتها وتدمير مستقبلهم، والعمل على اتساع ظاهرة الجهل بينهم، عن طريق استنزاف المال الشعبي لشراء المخدرات، وهي بذلك تتبع سياسة إجرامية مقيتة ضد الشعوب، تصنف قانونيا بأنها جرائم ضد الإنسانية. من جانبه، قال الصحفي والمختص في الشأن الإيراني علي قاطع الأحوازي لــ "الرياض"، إذا نظرنا إلى ازدياد إنتاج المخدرات في مصدرها الرئيس أفغانستان، خاصة حسب إحصائيات وأرقام المراكز المرموقة عالمياً، فسنجد أن الأراضي التي تتم فيها زراعة المخدرات في أفغانستان فقط قد اتسعت من نحو سبعة آلاف هكتار قبل عام 2001م إلى أكثر من 330 ألف هكتار في 2017م، وبالتأكيد فإن هذه الإضافة دليل على ارتفاع الطلب وسهولة الانتقال، كما أنه من المؤكد أن السوق الرئيس الذي يدفع لهذه المخدرات بسخاء يوجد في الأسواق الخليجية وكذلك الأوروبية وأميركا الشمالية، موضحا أن إيران تؤدي الدور الرئيس في تخزين وتطوير ونقل أكبر الكميات من هذا الإنتاج، وأن الإيرانيين يحتلون أعلى نسبة عالمياً في استعمال المخدرات؛ بسبب أسعارها المنخفضة وسهولة الحصول عليها إلى الحد الذي جعل المخدرات توجد داخل السجون الإيرانية، التي تعد حسب عرف الأمن من أهم أماكن تطبيق القانون. أما بالنسبة لعملية التجارة فقال إن إيران تلعب دور الترانزيت الذي يطور المخدرات من الترياق إلى أنواع مختلفة كالهيروين والمورفين وغيرهما، وينقلها عبر الحدود البرية من أفغانستان في الشرق إلى تركيا وبعد أوروبا في الغرب، وتصديرها إلى دول الخليج العربي عبر أساليب منظمة ومتطورة من الصعب اعتبار أطراف غير حكومية في إيران تديرها، خاصة أنها يتم تصديرها عبر القنوات الرسمية مخبأة ضمن المحمولات التجارية الرسمية التي تصادر عبر الجمارك، وأكد الدور الرئيس، الذي يلعبه حزب الله اللبناني في نقل وتصدير المخدرات، إضافة إلى فيلق القدس وحرس الثورة الإيراني، فقال إن حزب الله اللبناني يؤدي أهم دور في تجارة المخدرات عبر إيران بين أفغانستان والعالم، والسبب الخبرة الطويلة والواسعة لهذا الحزب في إدارة مافيا المخدرات دولياً، ولكشف دور حزب الله في هذا الجانب علينا أن نتذكر طلب إيران من الولايات المتحدة في مباحثاتها مع مجموعة 5+1 حول الاتفاق النووي عام 2008 إيقاف مشروع "كاساندرا"، الذي قامت به إدارة أوباما حينها لكشف دور حزب الله في تجارة وتوزيع المخدرات في الولايات المتحدة والعالم. ناصر العبيات علي قاطع
مشاركة :