كان أمراً معيباً ذلك البيان الرسمي الصادر عن هيئة الهلال الأحمر السعودي أخيراً رداً على خبر «عكاظ» الذي نشر الأسبوع الماضي بعنوان: (بلاغ «عكاظ» يفضح «الهلال الأحمر».. «بلايستيشن» ولا أثر للمسعفين!)، حول واقعة سوء الخدمات الإسعافية المقدمة لأحد الزملاء المحررين بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة داخل مقر الصحيفة، إذ احتوى البيان على تفنيد ممجوج وغير منطقي جملة وتفصيلاً، إضافة إلى افتقار محتواه لأدنى درجات المهنية بما حمله من دحض وإنكار للمعلومات التي أوردتها الصحيفة في الخبر، عدا أيضاً نبرة التهديد والوعيد بالمقاضاة لأن الزملاء في «عكاظ» دخلوا مقر الهلال الأحمر بحي الرحاب المفتوح والخالي تماماً من أي موظفٍ أو حراسة أمنية على المقر وتصوير ما شاهدوه. ودون أي تعقيدات حول تفاصيل الواقعة، سأشرحها باختصار وبلغة مباشرة وسهلة.. «قمنا بالاتصال على الهلال الأحمر، لم يرد أحد.. أجرينا بلاغاً إلكترونياً، ولم يستجب أحد.. انتظرنا كثيراً، ولم يأتِ أحد.. ذهبنا للموقع، ولم نجد أحداً».. والأدهى من ذلك أن سيارة الإسعاف التي كانت متجهة لمقر الصحيفة ضلت الطريق لأكثر من نصف ساعة -على حد قول المسعفين أنفسهم- وذلك بعد أن شاهد الزملاء مركبة الإسعاف تجول بأحد الشوارع المجاورة لمقر الصحيفة واستوقفوها. هكذا كانت الواقعة، وأتمنى أن تصل إلى القائمين على الهلال الأحمر والجهات المسؤولة وذات العلاقة لمباشرة علاج الخلل في إطاره الصحيح بدلاً من إصدار بيانات لا تعدو كونها ردَّ فعلٍ سريعاً وسلبياً لا هدف منه سوى إقحامنا في مهاترات تبعدنا عن صلب القضية. ويجب أن يتفهم الإخوة العاملون في الهلال الأحمر أننا لا ننكر جهودهم وأي قطرة عرق تصب من أجل إنقاذ حياة المرضى ونشكرهم عليها، ولكن عليهم أن يدركوا أن هذا هو واجبهم والدور الملزمون بتقديمه على أكمل وجه ودون منّة على المرضى ومن يكون بحاجة لخدماتهم الإسعافية. وفي اعتقادي أن المشكلات التي تعاني منها خدمات الهلال الأحمر مرتبطة بضعف وخلل في جودة المعايير، وإن وجدت هذه المعايير فيوجد خلل في التطبيق ومؤشر الأداء، إضافة إلى عدم وجود تنسيق ميداني وعملي بين الهلال الأحمر وأجهزة المرور والأمن، وإن كانت هناك منهجية للتواصل والتنسيق بين هذه الجهات، فالتطبيق أيضاً سيئ أو غائب تماماً، كما أن هناك شكاوى من منسوبي الهلال الأحمر الذين أوضحوا أن لديهم نقصاً في التجهيزات وفي أعداد المنسوبين مما يعيق تأدية الخدمات على الوجه المطلوب والمأمول، إضافة إلى إشكالات أخرى مرتبطة بوعي الجمهور وظاهرة التجمهر وتعطيل الحركة المرورية، والمحصلة من كل هذا هي أن الخدمة «سيئة»، والشواهد على ذلك كثيرة، وتم طرح الكثير من الوقائع على صفحات الجرائد منذ سنوات ولا شيء يتغير إيجاباً ويقاربنا إلى مستوى الخدمات الإسعافية السريعة في دول العالم الأول. السؤال الآن، وقبل أن يصدر الهلال الأحمر بياناً إلحاقياً يدين رأينا هذا ويصلنا قبل وصول خدماته.. ماذا قدم الهلال الأحمر حيال تردي مستوى الخدمات؟ وإن أقدم على بعض الخطوات، لماذا لم تتحسن الخدمة؟!.. وكل ما أخشاه أنهم مقتنعون مسبقاً بجودة الأداء، وما طرحنا هذا إلا كذب وافتراء! نقلا عن عكاظ
مشاركة :