انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي

  • 5/4/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

السناتور مارك وارنر… ديمقراطي من ولاية فرجينيا وعضو مجلس إدارة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ يتحدث خلال مؤتمر صحافي يستعرض نتائج اللجنة بشأن التدخل في الانتخابات الأميركية بمبنى «الكابيتول» بواشنطن العاصمة في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 20 مارس 2018 (غيتي) واشنطن – جوزيف براودي* من المتوقع أن يعتمد الجمهوريون على المسيحيين الإنجيليين، الذين يبلغ عددهم عشرات الملايين ويملكون شبكة هائلة من المؤسسات الدينية والمدنية. * نتيجة هذه الانتخابات المشحونة تفوق قدرة المحللين السياسيين على التوقع. تحظى انتخابات التجديد النصفي الأميركية المقبلة باهتمام كبير في الولايات المتحدة قبل موعد بدء الاقتراع المقرر في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) بستة أشهر. في ظل قيادة الجمهوريين لكل من مجلسي الكونغرس والبيت الأبيض، تتجه جميع الأنظار صوب الحزب الديمقراطي المعارض الذي يجاهد من أجل استعادة السلطة التشريعية. ويتعلق الأمل الأكبر في تحقيق فوز ديمقراطي كاسح على مجلس النواب: إذ سيُطرح أكثر من ثلاثين مقعداً يسيطر عليها الجمهوريون في الانتخابات بسبب تقاعدات النواب الحاليين، ويمكن أن يحقق الديمقراطيون أغلبية إذا فازوا بـ24 مقعداً منها. وسوف يكون مجلس الشيوخ أصعب على المعارضة، نظراً لأن ثلث أعضاء مجلس الشيوخ سيخوضون الانتخابات، والغالبية العظمى منهم ديمقراطيون، بينما يظل أغلب الجمهوريين في «مقاعد آمنة». الجمهوريون: تركيز على الاقتصاد والاعتماد على المحافظين المسيحيين أحد الأركان الأساسية في استراتيجية الجمهوريين في 2018 هي التركيز على الاقتصاد، وهو مجال يمتلك فيه الحزب الجمهوري قوة تقليدية، ويسير حالياً في صالح الحزب بناءً على استطلاع أُجري مؤخراً بالتعاون بين «إن بي سي»، و«وول ستريت جورنال». ومن خلال تقديم استراتيجيتهم بناء على أساس اقتصادي، تسنح الفرصة أمام الجمهوريين للحديث عن انخفاض غير معتاد لمعدلات البطالة في ظل سلطة تشريعية وتنفيذية جمهورية، وقوة سوق الأسهم، والتمرير الأخير لتخفيضات الضرائب. ولكن كما قال الخبير الاستراتيجي الجمهوري مايك دوهايم في لقاء مع مجلة «التايم»: «الرسائل الاقتصادية التي تتسم بالإيجابية، يطغى عليها الخلاف اليومي المتبادل حول أحدث سلسلة تغريدات والجدل المثار، وتعد تلك مشكلة في الوقت الحالي». وفي هذا التصريح تلميح إلى ميل الرئيس ترمب إلى نشر تغريدات غاضبة، والتي أحياناً ما تتعلق بمسائل فاضحة مثل ما يتردد عن لقاءاته الجنسية مع ممثلات وعارضات مجلات إباحية، والتي غالباً ما تتصدر عناوين الأخبار. كذلك ليس من المفيد لأعضاء الكونغرس الجمهوريين أن يعاني حامل لوائهم في البيت الأبيض من تدني شعبيته إلى مستويات أقل من رؤساء آخرين في فترات رئاستهم الأولى في لحظة مماثلة من مسار أعوامهم الأربعة. أضف إلى ذلك انتشار كراهية ترمب في أغلب وسائل الإعلام، والمزاعم المستمرة بتواطئه مع روسيا، وبالتالي يبدو أن مرشحي مجلسي الشيوخ والنواب الجمهوريين يواجهون مهمة شاقة. كذلك ليس من المفيد في تاريخ أميركا الانتخابي الحديث أن يعمل الحزب الذي يتمتع بسيطرة كاملة على السلطتين التنفيذية والتشريعية بصفة عامة في ظروف واضح أنها غير مواتية أثناء انتخابات التجديد النصفي.آلاف المتظاهرين يتجمعون في وسط مدينة لوس أنجليس بكاليفورنيا خلال مسيرة لدعم المرأة يوم 20 مارس 2018… سعى المتظاهرون لتقديم توبيخ قوي لسياسات الرئيس دونالد ترامب وحشد حراك حاسم لـ«انتخابات منتصف العام» لهذا العام (غيتي) ومع ذلك من المتوقع أن يتمكن الجمهوريون من الاعتماد على مجموعة أساسية من الناخبين، مثل المسيحيين الإنجيليين، الذين يبلغ عددهم عشرات الملايين ويملكون شبكة هائلة من المؤسسات الدينية والمدنية يمكنها أن تساعد على «حث الناس على التصويت». في الظاهر قد يكون من الغريب أن يجتمع ناخبون محافظون دينياً مع رئيس يواجه فضائح جنسية متتالية. ولكن في قضايا سياسية رئيسية ذات أهمية قصوى للإنجيليين، ترمب يحقق المطلوب. تتضمن تلك القضايا موقفه الصارم ضد حق الإجهاض، ومقاومته لحركة حقوق المتحولين جنسياً الصاعدة، وتأييده القوي لتشريع يقدم تمكيناً سياسياً للمنظمات الدينية، وقراره التاريخي بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس.الديمقراطيون: بين اليسار والوسط من جانبهم يواجه مرشحو الحزب الديمقراطي سؤالاً استراتيجياً مهماً: فإما أن يزداد ميلهم تجاه اليسار من أجل حشد مجموعة صاعدة من الناخبين التقدميين الديمقراطيين، وإما أن يتبنوا موقفاً وسطياً في محاولة لجذب المحافظين المستائين الذين كانوا يؤيديون ترمب في السابق. تزداد المخاطر على نحو غير معتاد في هذا المأزق: فكما أشرنا في السابق، قرر أكثر من ثلاثين عضواً في مجلس النواب التقاعد قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، مما أتاح المنافسة على مقاعد احتفظ بها الجمهوريون على مدار أعوام. وفي أثناء سعيهم إلى الفوز بهذه الفرص، يعي الديمقراطيون التحولات الديموغرافية التي حدثت في عدة مناطق حضرية وضواحيها، ومنها هيوستن ودالاس بتكساس، وساوث بيتش بميامي، وميلواكي، وسينسيناتي. وكما هو الحال دائماً، سوف يسعى الحزب إلى الاستفادة من تأثيره على الجماعات العرقية التي تمثل أقلية والأميركيين البيض من خريجي الجامعات. وسوف يتمتع كل مرشح بحرية ضبط المسافة التي تفصله عن الوسط السياسي على أساس ساحات العمل المحلية. إذا كانت هناك فكرة حملة مركزية من المحتمل أن تحشد الديمقراطيين على مستوى وطني، فسوف تكون بالطبع معارضتهم الشديدة لترمب، والرغبة في جعل انتخابات التجديد النصفي استفتاء على مدى أهلية الرئيس للمنصب. يساندهم في ذلك استطلاع رأي جديد أجراه مركز غالوب، إذ أشار إلى أن 59 في المائة من الناخبين يعتقدون أن ترمب ليس جديراً بإعادة الانتخاب. وتشير تقارير سياسية كثيرة على المستوى المحلي وعلى مستوى الولايات إلى أن الغضب من ترمب أثار موجة من النشاط السياسي بين الديمقراطيين قد يظهر في اقتراع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.مخاوف من التدخل الروسي في الوقت ذاته، أثارت قيادات بارزة في كلا الحزبين القلق بشأن احتمالية سعي عناصر أجنبية إلى التدخل في انتخابات الكونغرس، حيث يسري اعتقاد واسع بأن الحكومة الروسية شنت حملة قوية للسيطرة على نتائج الانتخابات الأميركية في عام 2016. تضمنت الحملة زرعاً استراتيجياً لمعلومات مغلوطة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي. كما تضمنت أيضاً القرصنة على حسابات بريد إلكتروني خاصة بالحزب الديمقراطي، كانت من بينها حسابات مسؤولين كبار في حملة كلينتون الانتخابية، بالإضافة إلى تسريب استراتيجي لمحتواها عبر مواقع وسيطة. كذلك يزعم كثيرون أن حملة ترمب ذاتها تواطأت مع روسيا ضد حملة كلينتون، وهي المزاعم التي تنظر فيها حالياً لجنة تحقيق خاصة برئاسة مدير «سي آي إيه» السابق روبرت مولر. بالتالي يميل الأميركيون إلى الشعور بالقلق من أن انتخابات التجديد النصفي المقبلة سوف تتعرض لـ«القرصنة» أيضاً. ووفقاً للكثير من الولايات القضائية، أصبحت أنظمة تسجيل الناخبين بالية ومعرضة لخطر الاختراق عبر الإنترنت، مما يفتح الباب أمام احتمالية قيام القراصنة بحذف أو فبركة قوائم الناخبين. وفي بعض الدوائر، تعاني ماكينات الاقتراع من القصور نفسه. وفي فبراير (شباط)، قال مدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس لمجتمع الاستخبارات في مجلس الشيوخ: «يجب أن لا يكون هناك شك في أن روسيا تدرك نجاح جهودها السابقة وترى أن انتخابات التجديد النصفي الأميركية في 2018 هدفاً محتملاً لعمليات تجديد نصفي روسية». وفي مطلع أبريل (نيسان)، حذر مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالية ونظراؤهم في بريطانيا من حملات تشويه روسية محتملة تستهدف مرشحي انتخابات التجديد النصفي الأميركية، ضمن تهديدات أخرى مصدرها موسكو. ولكن في 24 أبريل (نيسان)، أعربت جانيت مانفرا مسؤولة أمن الإنترنت رفيعة المستوى في وزارة الأمن الداخلي عن وجهة نظر مختلفة أثناء إدلائها بشهادتها أمام لجنة الأمن الداخلي والإصلاح الحكومي بمجلس الشيوخ. رداً على سؤال من أحد أعضاء مجلس الشيوخ حول ما إذا كانت الحكومة قد رأت «أي نشاط» من جهة موسكو «للقرصنة على الانتخابات المقبلة» في السادس من نوفمبر، قالت مانفرا: «لم نر ذلك في هذه المرة». وأشارت مانفرا إلى أنها تشعر بقلق أكبر من تهديدات إلكترونية روسية تستهدف البنية التحتية الأميركية للطاقة والمياه والطيران والتصنيع. وعلى أي حال، إن نتيجة هذه الانتخابات المشحونة تفوق قدرة المحللين السياسيين على التوقع. وكما ذكر رئيس مجلس النواب الديمقراطي الشهير سام رايبرن في مقولته المعروفة: «في عالم السياسة، ستة أشهر تساوي عمراً».الممثل الانتخابي كونور لامب… ديمقراطي من ولاية بنسلفانيا (يمين) يقف مع رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان وهو جمهوري من ولاية ويسكونسن خلال عملية محاكاة وهمية في «الكابيتول» الأميركي بواشنطن العاصمة بالولايات المتحدة يوم الخميس 12 أبريل 2018

مشاركة :