حرب من أخطر أنواع الحروب المعاصرة، يدرك ذلك كل من وقف في الميدان واقترب من المعترك، سواء من رجال الأمن، أو من العاملين في الجمعيات الخيرية أو أطباء المستشفيات، بل يشعر بضراوة تلك الحرب وشراستها كل من يسمع بهذه الكميات الهائلة، والأنواع الكثيرة التي تحبط عمليات إدخالها إلى بلادنا، فضلا عن تلك التي تروج وتنتشر، ويقع ضحيتها فئات من المجتمع هم أغلى من فيه وهم شبابه وفتياته، إنها باختصار «حرب المخدرات».ومع ما سنته هذه البلاد من عقوبات رادعة وجزاءات زاجرة، فإن هذا الطوفان المدمر لا زال مستمرا في زحفه، يقتحم البيوتات والمدارس والجامعات، مما يستدعي من الجميع - مواطنين ومسؤولين، وأولياء ومربين - أن يكونوا على وعي كامل بحقائقه وإدراك لحجم خطره.إنها أخطر حرب ضد هذه البلاد، حرب قذرة فتاكة، عواقبها وخيمة، نتائجها أليمة، ضحاياها أعز ما تملكه الأمة، شباب وفتيات، فيصبح المتعاطي عالة يثقل كاهل المجتمع، ونتائج هذه الحرب تخريب العقول، وضياع البيوت وتشتيت الأسر، ودمار المستقبل، فملايين الحبوب المخدرة الملغمة على شكل أقراص، وآلاف الأطنان من الحشيش والمخدرات حرب تستهدف مقدراتنا البشرية في عقولها ومستقبلها.ومواسم الاختبارات - التي ستنطلق غدا في جميع مراحل التعليم، وقد سبقتها الجامعات الأسبوع الماضي - مواسم لها أهمية بالغة؛ ليس لما تحويه من امتحانات ونتائج فحسب، ولكن لأنها مواسم يستغلها المتربصون المجرمون، حيث يجدون فيها فرصتهم التي ينفثون فيها سموهم، ويتهيأ لهم فيها ما لا يتهيأ لهم في غيرها من الأوقات، لحساسيتها والحاجة لكل ما من شأنه زيادة القدرة على الاستذكار ومواصلة السهر، وغير ذلك من الحاجيات لطلابنا وطالباتنا.وأول أصحاب المقاصد الإجرامية وأكثرهم غنيمة في هذا الموسم هم مروجو المخدرات، فهم ينتشرون في أيام الاختبارات لتصيد الطلاب والطالبات من أجل إغرائهم بتناول الحبوب المنشطة بدعوى أنها تقوي الذاكرة وتفتح الذهن وتضاعف النشاط وتساعد على المذاكرة، وقد ثبت طبيا أن نتائجها وآثارها على العكس من ذلك تماما والواقع يصدق هذا ويؤكده، والعجيب أن هذا المروج قد يكون صديقا أو صديقة من حيث لا يعرف ولا يكشف عن حقيقته؛ فالجميع على نياته وبراءته في مصاحبته، بينما الطرف الآخر يضمر الخبث ويتحين الفرصة للانقضاض على الفريسة.ونسمع بين فينة وأخرى أنباء عن ضبط الأجهزة الأمنية لمهربين، والإيقاع بشبكة مروجين، كانوا يعدون عدتهم لدخول هذه البلاد بأبشع أنواع المخدرات، وبكميات هائلة، ملايين الحبوب وأطنان من الحشيش وملايين العبوات من المسكرات والمخدرات، لتجتمع على هذه البلاد الأيدي الخفية وتحاول النيل منها، وتفسد عقول شبابها وفتياتها، فتأسر ألبابهم بشيء لا يستطيعون الانفكاك عنه، ويستحيل التخلص منه، ويستخدمون شتى الأساليب، لترويج بضاعتهم النتنة، ويستعملون أسهل الطرق للوصول إلى المجتمعات، للتأثير على اتجاهاتهم، وتغيير قناعاتهم، فتختل العقول، وتزيغ الأفهام، ليرضخ الفرد لهم!إننا بحاجة لتوعية الجيل ، والحذر من هذه الحرب التي لا يفتأ هؤلاء المجرمون يخوضون غمارها، وإدخال سمومهم وبكميات مهولة، وهو مؤشر خطير على أنه يوجد أرضية خصبة لهم، وإلا لما غامروا بها.وعلى الأسر أن تحذر فتتابع أبناءها وبناتها، وألا يتركوهم ويغفلوا عنهم؛ فيصبحوا فريسة سهلة لأولئك العابثين، وكذلك المدارس والجامعات عليها واجب التوعية والتثقيف، لتثمر الجهود عن تحصين شامل لثروتنا البشرية.أما إعلامنا فالواجب عليه أكبر، والمفترض ألا تنقطع البرامج التوعوية والتثقيفية على مدار العام، وبأساليب حديثة وبمهنية عالية.وهي دعوة لشبابنا وفتياتنا - بعد جهاتنا ومسؤولينا وأسرنا ومجتمعنا - للحذر وأخذ كامل الحيطة تحسبا لهذه الحرب الضروس، فهلا استجاب الجميع؟!
مشاركة :