مليحة.. ترفيه وسط تاريخ عُمره 130 ألف عام

  • 5/5/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحتضن إمارة الشارقة مناطق سياحية طبيعية متميزة، لايزال بعضها يحتفظ بأسرار التاريخ منذ آلاف الأعوام، ولعل أبرزها منطقة مليحة، التي شهدت أول نشاط بشري منذ ما يزيد على 130 ألف عام. ما إن يدخل الزائر مليحة، الواقعة في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، حتى يشعر بحنين إلى الماضي، ورغبة في عيش لحظاته الخالدة، وما هي سوى لحظات حتى يصل إلى مركز مليحة للآثار؛ أحد أبرز مرافق مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، التابع لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، الذي يقدم نبذة وافية عن حياة الأوائل الذين عاشوا يوماً هنا. مركز مليحة للآثار خمسة أزمنة شهدتها هذه الأرض في مواقع أثرية مهمة عديدة، وهي موقع مليحة الأثري وموقع جبل فاية وموقع جبل البحيص وموقع جبل اميلح وموقع الثقيبة وموقع سهيلة، كانت كفيلة بأن تحفظ إرثاً غنياً من العصور الحجرية وآخر العصور البرونزية، ورابع حديدي، وصولاً إلى عصر ما قبل الإسلام، ترك كل منها بصمته وكنوزه الأثرية، لتبقى ماثلة للعيان وشاهدة على حضارات سادت وبادت، وممالك قامت وأخرى اندثرت، فيستمر التاريخ معها يروي الحكاية. يحفل مركز مليحة للآثار بلُقىً تاريخية وأثرية، مستعرضاً إياها بطريقة مبتكرة، تحاكي دورة الحياة التي عاشتها المنطقة؛ فالبداية فيه تنطلق من العصر الحجري القديم، الذي اتخذ البشر فيه أدوات كبيرة من الحجارة لمساعدتهم على العيش واصطياد الحيوانات، والتي يمكن مشاهدتها، أو حتى استعراضها، بتقنية الهولوغرام للتعرف إليها عن كثب. وما هي إلا خطوات قليلة حتى يجد الزائر نفسه يدخل العصر الحجري الحديث، الذي تطورت فيه أدوات البشر الحجرية، لتصبح أصغر وأدق صنعاً، وأكثر تنوعاً في الاستخدام، مثل أدوات التقطيع والشفرات ورؤوس الأسهم والسكاكين وغيرها. بمتابعة الجولة، يمر الزائر بالعصر البرونزي، ليشهد تطور الأدوات أكثر فأكثر، واستخدام الإنسان معدنَي النحاس والقصدير لينتج مادة البرونز للمرة الأولى في أدواته، سواء لصنع أنصال السكاكين أو الأسهم أو الخناجر، أو حتى السلاسل البسيطة، وبعض الحُلي، كما يستعرض مجموعة من الفخاريات والأواني المصنوعة من الحجر الناعم والمجوهرات التي صنعت بإتقان. وتنتهي جولة الزائر عبر التاريخ عند آخر العصور الخمسة التي شهدتها المنطقة، عصر ما قبل الإسلام، الذي يعتبر إحدى أهم المراحل القديمة من عمر مليحة، التي تمثلت بظهور مملكة مليحة؛ تلك المملكة القوية التي تمتعت بعلاقات تجارية واسعة مع مختلف مناطق العالم القديم، مثل جنوب شرق بلاد فارس ومصر واليونان والهند واليمن ومدن بلاد البحر المتوسط، وتميزت بسك العملة، في دلالة على مكانتها الاقتصادية والتجارية الكبيرة. ومن أبرز اللقى الأثرية في هذه المرحلة، عملات مسكوكة، وجرّات فخارية ورخامية، إضافة إلى الكنز التاريخي الكبير الذي يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والمتمثل بالنقش الجنائزي المكتوب باللغة الآرامية واللغة العربية الجنوبية لكاهن ملك عُمان عمد بن جر بن علي. معالم أثرية يُعد حصن مليحة أحد أبرز معالم المدينة القديمة، إذ اكتشفت مصادفة في بداية التسعينات خلال عمليات حفر لإنشاء خنادق لتركيب خطوط أنابيب المياه، وفي عام 2004، رممت جدرانها، وتمت حمايتها بطبقات جديدة من ألواح الطين لمنع حدوث أي تحلل أو تدهور فيها. وبُني القصر الأصلي، في المرحلة الأخيرة في مدينة مليحة القديمة، في وقتٍ ما بين منتصف القرن الثاني ونهاية القرن الثالث بعد الميلاد، ومن المرجح أنها كانت تستخدم مكانَ إقامة لحاكم أو قائد مهم، وذلك بالنظر إلى تصميمها الهندسي المتميز. وتدعم هذه النظرية اكتشاف العديد من الموجودات في الموقع، التي تشير إلى تمتع سكان هذا القصر بقوة مهمةٍ وثروة ضخمة من خلال التجارة مع المناطق البعيدة، إضافة إلى الإنتاج المحلي. أما حصن مليحة، فيقع على بعد 500 متر شرق قصر مليحة، وتشير الأدلة إلى أن هذا المكان يعود إلى حقبة ما بين القرن الأول وأواسط القرن الثالث بعد الميلاد، ويتألف الحصن من بناءٍ مركزي محصن مبني حول فناء داخلي، ومن المحتمل أنه كان قصراً لحاكم أو رئيس. على مقربة من الحصن، وإلى الجهة الجنوبية من القصر، تقع المقبرة الكبيرة التي دفن فيها عددٌ كبيرٌ من الناس، حيث اكتشف فيها أكثر من 120 قبراً من مختلف الأنواع، بما في ذلك قبور جنائزية تذكارية كبيرة، وقبور أقل تعقيداً، وقبور بسيطة. وهناك الكثير من الفعاليات التي يمكن لزائري مليحة أن يقضوا أوقاتهم فيها، مثل الاستمتاع بمراقبة النجوم والكواكب من خلال التلسكوب الفلكي، أو خوض جولة على الأقدام أو باستخدام الدراجات الهوائية الصحراوية للتعرف إلى المنطقة ومعالمها.

مشاركة :