أعلن المجلس الوطني الفلسطيني، في ختام اجتماعاته في رام الله فجر أمس، إنهاء المرحلة الانتقالية والشروع في تجسيد دولة فلسطين على الأرض، واختتم أعماله بانتخاب 15 عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من أصل 18، أعادوا بدورهم انتخاب الرئيس محمود عباس رئيساً للمنظمة بالإجماع. وكلف المجلس اللجنة التنفيذية العمل على تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى أن تعترف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتلغي ضم القدس وتوقف الاستيطان. وأكد أن «علاقة شعبنا ودولته بإسرائيل، هي علاقة تقوم على الصراع بين شعبنا ودولته الواقعة تحت الاحتلال، وبين قوة الاحتلال»، داعياً إلى «إعادة النظر في الالتزامات كافة المتعارضة مع ذلك». وأعلن «رفض الحلول المرحلية، والدولة ذات الحدود الموقتة، ودولة غزة، ورفض إسقاط ملف القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود وغيرها تحت أي مسمى، بما في ذلك ما يروَّج له كصفقة القرن وغيرها من الطروح الهادفة إلى تغيير مرجعيات عملية السلام، والالتفاف على القانون الدولي والشرعية الدولية». وأفاد بيان المجلس بأنه «أخذاً في عين الاعتبار تنصُّل دولة الاحتلال من التزاماتها كافة بموجب الاتفاقات المبرمة، وإنهاءها لها بالممارسة والأمر الواقع، فإن المجلس الوطني يعلن أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات، لم تعد قائمة». وكانت منظمة التحرير وإسرائيل اتفقتا على تأسيس السلطة الفلسطينية لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات، انتهت عام 1999، يُصار خلالها إلى الاتفاق على الحل النهائي. لكن المفاوضات بين الجانبين انهارت وبقيت السلطة من دون أن تتحول إلى دولة أو أن تعود إلى ما كانت عليه قبل إنشائها. وأكد المجلس الوطني في قراراته، أن «الهدف المباشر هو استقلال دولة فلسطين، ما يتطلب الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة التي تناضل من أجل استقلالها، وبدء تجسيد سيادة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وذلك تنفيذاً لقرارات المجالس الوطنية السابقة، بما فيها إعلان الاستقلال عام 1988، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها قرار الجمعية العامة 19/67 بتاريخ 29/11/2012 باعتباره الأساس السياسي والقانوني للتعاطي مع الواقع القائم وعلى قاعدة التمسك بوحدة أرض فلسطين ورفض أي تقسيمات أو وقائع مفروضة تتعارض مع ذلك». ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، من أجل إنهاء الاحتلال وتمكين دولة فلسطين من إنجاز استقلالها وممارسة سيادتها الكاملة على أرضها، بما فيها القدس العاصمة على حدود الرابع من حزيران 1967. وأكد وجوب تنفيذ قرار المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين، والقاضي بوقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرّسها «بروتوكول باريس»، بما في ذلك المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال، بما يدعم استقلال الاقتصاد الوطني ونموه، وشدد على ضرورة التزام اللجنة التنفيذية ومؤسسات دولة فلسطين بالمباشرة في تنفيذ ذلك. ودان المجلس المخططات الاستيطانية الاستعمارية الإسرائيلية التي يجري تنفيذها بوتيرة متسارعة في أرض دولة فلسطين المحتلة، وخصوصاً في العاصمة الفلسطينية القدس الشرقية ومنطقة الأغوار الفلسطينية، في مخالفة للقانون الدولي، وبما يشمل مشاريع القوانين المعروضة أمام الكنيست لتطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات الاستعمارية غير الشرعية. ودعا دول العالم إلى تنفيذ الفقرة الخامسة من قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016، واعتماد قرار البرلمان الدنماركي كمثال على ذلك، وتوسيع نطاق مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وذلك بتوفير بدائل لها من المنتجات الوطنية ومنتجات الدول العربية والصديقة. كما دعا إلى تبني حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ودعوة دول العالم إلى فرض عقوبات على إسرائيل لردع انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، ولجم عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني. وأعرب المجلس عن «إدانة ورفض القرار غير القانوني للرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، والعمل على إسقاطه»، معتبراً أن الإدارة الأميركية «فقدت بهذا القرار أهليتها كوسيط وراعٍ لعملية السلام ولن تكون شريكةً فيها إلا بعد إلغائه». وأكد «رفض سياسة ترامب الهادفة إلى طرح مشروع أو أفكار لحل الصراع تخالف قرارات الشرعية الدولية، والتي ظهر جوهرها من خلال إعلان القدس». وشدد على «ضرورة إلغاء قرار الكونغرس اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية منظمة إرهابية منذ عام 1987، وقرار الإدارة الأميركية إغلاق مكتب مفوضية المنظمة في واشنطن في 17 تشرين الأول (نوفمبر) 2017». وقرر المجلس الوطني ضرورة تكثيف العمل بسياسة مبادرة على الصعيد الدولي من أجل تعزيز المكانة الدولية لدولة فلسطين، من خلال مواصلة العمل بخطة منهجية لتوسيع دائرة الاعتراف بها من قبل الدول التي لم تعترف بها بعد، وخصوصاً تلك المؤثرة في القرار الدولي. وأكد «مواصلة العمل المثابر من أجل نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وتقديم طلبات الانضمام إلى الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، بما يشمل على سبيل المثال منظمة حماية الملكية الفكرية ومنظمة التنمية الصناعية الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية». وشدد على «اللجوء إلى أدوات القانون الدولي كافة من أجل محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، وخصوصاً التنفيذ الفوري لقرار إحالة جرائم الحرب الإسرائيلية على المحكمة الجنائية الدولية وتعجيل فتح تحقيق قضائي لمحاسبة المسؤولين عنها ومعاقبتهم، واستمرار العمل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال عملاً بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتصدي لمحاولة سلطة الاحتلال (إسرائيل) الحصول على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن». كما طالب المجلس الوطني «بتفعيل قرار القمة العربية التي عُقدت في عمان عام 1980، الذي يلزم الدول العربية بقطع علاقاتها الديبلوماسية مع أي دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتنقل سفارتها إليها والذي أعيد تأكيده في عدد من القمم العربية، مع الطلب من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي القيام بالمثل». وأعلن التمسك بمبادرة السلام العربية والاحتفاظ بأولوياتها ورفض أي محاولات لتغييرها أو تحريفها، وثمّن قرارات قمة الظهران العربية، كما ثمن الإجماع الشامل الذي تبلور أخيراً على انتهاج سبيل المقاومة الشعبية، مع تأكيد أنها ليست بديلاً عن سائر أشكال النضال التي يشرعها القانون الدولي لشعب واقع تحت الاحتلال». وعلى رغم هذه القرارات، تمسّكت حركة «حماس» برفضها مخرجات ما أسمته «مجلس الانفصال والإقصاء» و «المسرحية»، مؤكدة أنها ستسعى إلى «حماية المشروع الوطني وتحصين القضية الفلسطينية». وكتب الناطق باسم الحركة فوزي برهوم على حسابه في «تويتر» أمس، أن «مخرجات مجلس الانفصال الذي عقده عباس، لا نعترف بها ولا تمثل شعبنا وافتقرت البعد القانوني وغابت عنها أدنى معاني الديموقراطية، وسنسعى بكل قوة مع القوى والفصائل، وهي أكثر عدداً وقوة وحضوراً ممن شاركوا في هذه المسرحية، إلى حماية المشروع الوطني وتحصين القضية الفلسطينية من عبثهم». وأضاف أن «مجلس الانفصال والإقصاء الذي عقده أبو مازن وفريقه، غامر وقامر فيه بمنظمة التحرير الفلسطينية من أجل حماية مصالحه الشخصية ورؤيته السياسية الهابطة التي ثبت فشلها ودمرت القضية الفلسطينية، وأطلق فيه الرصاصة القاتلة على عملية الوحدة وإنهاء الانقسام». وقال إن عباس «بعد إفشاله كل جهود تحقيق الوحدة، جلب عدداً ممن يجيدون التصفيق، وشكل لجنة تنفيذية على هواه ومزاجه جاهزة لتمرير أي مشاريع تصفوية، بما فيها صفقة القرن، والتي بدأها بحصار غزة ومحاربة المقاومة واستمرار التنسيق الأمني (مع إسرائيل) ومنع شعبنا من الخروج في الضفة لمواجهة قرارات ترامب».
مشاركة :