«على ورق الفل دلّعني... أنا محملش الذُل ده يعني». هذا مطلع إحدى أشهر أغنيات جمالات شيحة، إحدى رائدات الغناء الشعبي التي عرفها الجمهور بزي الفلاحة المصرية، وبصوت قوي. شيحة المولودة في إحدى قرى محافظة الشرقية في العام 1933، غيبها الموت مساء أول من أمس، وشيع جثمانها إلى مقابر أسرتها في القاهرة. لم تكن تجيد القراءة والكتابة لكن تمتعت بموهبة فطرية لم يشابهها فيها أحد. بدأت الغناء في سن الثانية عشرة، وكان صوتها من فرط عذوبته ينضح بالحياة، وقد ورثت صوتها القوي والعذب عن والدها الذي كان يغني في الأفراح، وسارت على دربه، واشتهرت حين اكتشفها زكريا الحجاوي وأقنع أسرتها بالانتقال إلى القاهرة. بدأت رحلة الاحتراف على مسرح «الصوت والضوء» في قلعة صلاح الدين الأيوبي الأثرية، وكان صوتها القوي يدوي من دون استخدام الميكروفون. وأحيت شيحة حفلات في كثير من الدول العربية وكذلك في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية واليابان. كما أحيت حفلات شهدها رؤساء مصر ولم تتوقف عن الغناء حتى رحيلها، وحظيت بجمهور من مختلف الفئات والأعمار فلم تخل حفلاتها الأخيرة من حشود الشباب. وعلى رغم تقلص جمهور الموال الشعبي في مصر فإن جمالات شيحة ظلت ضمن حالات استثنائية تحظى باحتفاء ملحوظ أينما حلّت، وحتى على موقع الفيديوات الشهير «يوتيوب»، وغيره من الوسائط على «الإنترنت». وتركت الراحلة تراثاً من الغناء والموال سيظل أثراً ودليلاً على موهبة عظيمة، وحصلت على جوائز وتكريمات من أهم المؤسسات الثقافية المصرية، منها المجلس الأعلى للثقافة، صندوق التنمية الثقافية، وهيئة قصور الثقافة، ونجحت في تكوين قاعدة عريضة من محبي الغناء الشعبي. ونعتها وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم بقولها: «عدت شيحة رائدة الغناء الشعبي جمالات شيحة رمزاً مبدعاً نجح في تشكيل جزء من ملامحه».
مشاركة :