ترجمة- كريم المالكي: أكّدت صحيفة الجارديان البريطانية أنّ قطر تقدّم رؤية جديدة وجريئة وغير متوقّعة للعالم في كيفيّة هزيمة الحصار بالعزيمة والإصرار، وتحويل التحديات إلى حافز لاستكمال مسيرة النّهضة الشاملة. وقالت الصحيفة البريطانيّة في تقرير موسع أمس إن هذا الحصار الجائر لم يفت في عضد القطريّين بل منحَهم الثقة والإصرارَ في مواصلة نهضتها في البناء السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ الذي بدأوه منذ أعوام في بلدهم. وأشارت الصحيفة البريطانيّة إلى أنّ الدّافع وراء تلك الإرادة والتصميم هو ما حدث في يونيو من العام الماضي عندما صعّدت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر، من موقفها غير المنطقي عبر الإعلان بشكل رسميّ عن فرض حصار بريّ وجويّ كامل على ذلك البلد الآمن. وقالت الصحيفة البريطانيّة: خلال ليلة واحدة فقط، قامت دول الحصار الأربع بتحويل مسار الطائرات وسفن الشحن المتجّهة إلى قطر، وقطع جميع العلاقات الدبلوماسيّة وإغلاق الحدود البريّة الوحيدة لقطر مع المملكة العربية السعودية.. ولم تكن حتى الإبل بمنأى عن حصارهم، فقد تم ترحيل حوالي 12 ألف رأس من الإبل التي يملكها قطريون بالقوة إلى قطر. روح وطنيّة ونوّهت الصحيفة البريطانيّة بأنّ الهدف المعلن لدول الحصار - جاء بالتّزامن مع إنذار نهائيّ مدته 10 أيام لتنفيذ 13 طلباً مجحفاً غير قابلة للتطبيق - بذريعة الاحتجاج على مزاعم تمويل قطر للإرهاب». وقالت الصحيفة: «كان ذلك هو الطُّعم السعوديّ الذي ابتلعه الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب في أول الأمر.. وقد بدا واضحاً على الصعيد السياسيّ أنها محاولة لمصادرة سيادة دولة قطر وتركيع إرادتها، وفي هذا السياق تكشّف الغرض الذي تسعى إليه دول الحصار وهو على العكس من المزاعم التي تروّج لها. وأكّدت «الجارديان» أن إنذار ومهلة دول الحصار لم يزيدان الجبهة الداخلية لدولة قطر إلا قوةً وإصراراً وعزيمة.. وقالت: «التفّ الشعب القطريّ حول قيادته الشابّة، وتكون حسٌّ وطنيٌّ قويٌّ داخل نفوس الشعب القطريّ، وقد انتشرت صور الأمير الشاب، حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في كل مكان بما فيها الواجهات الزجاجية والفولاذية للأبراج وناطحات السحاب التي تطلّ على الخليج في الدّوحة، كما تزيّنت بها نوافذ السيارات ومن ضمنها سيّارات الدّفع الرباعي الخاصة التي تقطع كورنيش العاصمة الجميل والمكون من 6 مسارات. عاملٌ محفّز وشدّدت الصحيفة البريطانيّة على أنّ الحصار كان عاملاً محفزاً لتحقيق رؤية قطر طويلة الأمد.. وقالت: إن قطر، صاحبة الموارد الطبيعيّة والغاز ويصنّف مواطنوها كأصحاب أعلى دخل على وجه الأرض، وقد أعلن سمو الأمير ضرورة خلق اقتصاد معرفيّ متنوع ليبقى يخدم الشعب القطري بعيداً عن احتياطيات الغاز. ونقلت صحيفة الجارديان عن سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع خلال المقابلة التي أجرتها معها الصحيفة في الدوحة الأسبوع الماضي، قولها: إن المال وحافز المشاريع العملاقة المنفذة كمشاريع كأس العالم 2022 لا يحل سوى جزء بسيط من هذه المهارات التي نفتقرها. وقالت سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني: ليس سراً أنّنا مجتمع غنيّ.. لكن معرفة أنه بإمكانك المساهمة في تطوير بلدك، وتعزيز مكانته الإقليميّة والدوليّة، هو أمر يجعل الجميع يشعرون بالفخر. وإذا ما كان هنا شيء، فهو أن الحصار ساعد في ذلك، ونحن نرى أن هناك فرصة كبيرة لتحقيق الاستدامة الذاتية. المدينة التعليمية وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن التعبير عن طموحات قطر لبناء الدولة الحديثة قد بدأه صاحب السمو الأمير الوالد عبر الاستثمار الناجح والصحيح لحقول الغاز الطبيعي.. إضافة إلى الدور الرئيسيّ لصاحبة السموّ الشيخة موزا بنت ناصر في دعم رؤية قطر الوطنية التي تعتبر أجندة وطنية تهدف إلى تحويل دولة قطر على المدى البعيد إلى مجتمع ينعم بالازدهار والمعرفة بحلول عام 2030.. ولأكثر من 15 عاماً ظلت الشيخة موزا القوة الدافعة وراء مجموعة من الإصلاحات في التعليم والمجالات الأخرى. وتشيد الصحيفة البريطانية بالصرح العلميّ للمدينة التعليميّة، حيث تقول بأنه يمكن مشاهدة هذا الطموح في الحرم الجامعي الذي يستقبل عشرات «الجامعات الشريكة» والذي يشع معرفة إلى الخارج. وقالت: استطاع القطريون أن يُقنِعُوا كلاً من هذه الجامعات العالمية المرموقة أن يستغلوا خبراتهم الخاصة في بناء القدرات التي يحتاج إليها القطريون ومن بينها جامعات جورجتاون، وفيرجينيا كومنولث، وتكساس إي آند إم للهندسة، ووايل كورنيل للطب، وما إلى ذلك من الأسماء الكبيرة. مكتبة قطر الوطنية وقالت الصحيفة البريطانيّة إن أحدث الإضافات لحرم المدينة التعليميّة هو ذلك المعلم الأيقوني الجديد، مكتبة قطر الوطنية المذهلة، التي صمّمها المهندس المعماريّ الهولنديّ ريم كولهاس.. وهو مبنى ضخم رحب ترتفع فيه رفوف الكُتب حول منطقة مركزيّة تضم مسرحاً مفتوحاً ومقهى، تشبه إلى حد كبير الشرفات على سفوح التلال. وأضافت الصحيفة: لم تكن هناك تقاليد مكتبيّة في الخليج، لذلك كانت فكرة كولهاس وهي خلق مساحة يمكن فهمها على الفور.. وقد حصل 51% من القطريين على العضوية بالفعل، وقد أثبتت مكتبة الأطفال نجاحها بشكل خاص، ففي الأشهر القليلة التي تلت الافتتاح، تم استعارة كل الكتب الموجودة على أرففها مرة واحدة على الأقل والتي عددها 150 ألف كتاب.. كما تمثّل المكتبة التراثية، التي تقع في منتصف المبنى، قلب مكتبة قطر الوطنية، وبتصميم معماري متميز، يجعلها تشبه المواقع الأثرية؛ حيث تحتوي على عشرات النّصوص والمخطوطات النادرة المرتبطة بتاريخ الحضارة العربيّة والإسلامية. قناة الجزيرة وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه قبل 22 عاماً أنشأ صاحب السمو الأمير الوالد قناة الجزيرة الفضائيّة والتي كانت الإضاءة الحقيقيّة التي تبثها المحطة التلفزيونيّة على السياسة الداخليّة للدول العربيّة الأخرى والتي استطاعت أن تغيّر قواعد الإعلام في العالم العربيّ. لذا كان أحد المطالب الثلاثة عشر التي تقدمت بها دول الحصار، هو إغلاق قناة الجزيرة الفضائيّة وخاصة بعد تغطية القناة لثورات الربيع العربيّ في عام 2011، والتي دعّمت فيها القناة مطالب الشعوب العربية الثائرة، وهو الأمر الذي أغضب السعودية». ونقل صحفي الجارديان عن سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني قولها: «تخيّل لو أن دولة أخرى تطلب من بريطانيا إغلاق هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) - بالتأكيد أنك سوف تُصاب بصدمة.. وأعتقد بأنّه عندما نتحدث عن المكان الذي نريد أن تكون منطقتنا فيه، فإن الجزيرة جزءٌ مهمٌّ من ذلك. ربّما لا يشعر الكثير من الناس بالرضا عن الأشياء التي خرجت من الظلام، ولكن إذا كنت ترغب في بناء مجتمع مدنيّ والسماح للناس بالتفكير من أجل أنفسهم ولكي يكونوا أكثر أهمية، يجب أن تظهر كل قصّة». وتحدثت سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني مشيرة عن آثار الحصار قائلة: لقد كان لدينا هنا طلاب تأثروا بشدّة، وتمزّقت عائلات بأكملها، إنها حالة مُحزِنة نعيشها نحن بسبب الحصار». وختمت حديثها: «إذا كان هناك أيّ شيء، فإن الدّفع الذي كنّا نحصل عليه دائماً هنا من أجل الاستدامة الذاتيّة أخذ يتفجّر الآن... ولم تتغير ثوابتنا وأهدافنا، لكنّنا الآن نركض نحوها بدلاً من السّير».
مشاركة :