لندن – شكل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي صدمة كبيرة لإيران، التي تبخر حلمها في تجديد أسطول طائراتها المتهالك، إذ تفرض خطوة الرئيس دونالد ترامب على عملاقي صناعة الطيران في العالم بوينغ وايرباص، تعليق كل صفقاتها التجارية مع طهران. ألقى قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم قبل ثلاثة أعوام مع إيران والقوى العظمى بظلال قاتمة على خطط طهران الرامية إلى تطوير أسطول طائراتها التجارية القديم. ويؤكد المحللون أن طموحات إيران لشراء نحو 500 طائرة جديدة على مدار العقد المقبل، قد تبددت نهائيا على ما يبدو، ومن المحتمل أن تعود إلى نظام الارتجال في إصلاح الطائرات والقيام بمشتريات سرية، كما كانت العقوبات الغربية مفروضة عليها. وأكد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في أعقاب خطاب ترامب الثلاثاء، أنه من المقرر إلغاء التراخيص الممنوحة لعملاقي صناعة الطيران، بوينغ الأميركية وايرباص الأوروبية لبيع طائرات ركاب إلى إيران. وقال منوتشين في مؤتمر صحافي “سيتم إلغاء تراخيص بوينغ وايرباص… فبموجب الاتفاق الأصلي كانت هناك إعفاءات للطائرات التجارية والمكونات والخدمات، وستُلغى التراخيص القائمة”. ويبدو أن الشركتين كانتا المستفيد الأكبر من الاتفاق النووي في 2015 مع إيران، التي أقرت مرارا بحاجة البلاد لطائرات جديدة، مع حصول بيونغ وايرباص على تراخيص من الخزانة الأميركية لبدء إجراء التعاملات التجارية مع طهران تحت إشراف صارم. ولطالما أكدت بيونغ وايرباص أن العقود المبرمة مع الحكومة الإيرانية، ستشكل دعما لعشرات الآلاف من الوظائف في مصانعها المنتشرة حول العالم، ولكن الأمر سيختلف كثيرا مع دخول القرار حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر. وقالت وزارة الخزانة، التي تنظم تراخيص الصادرات، في بيان إن “الولايات المتحدة لن تسمح بتصدير طائرات الركاب التجارية والمكونات والخدمات إلى إيران بعد فترة 90 يوما من إعلان قرار الرئيس ترامب”. وتتوقف جميع تلك الصفقات على تراخيص من الولايات المتحدة نظرا للاستخدام الكثيف للمكونات الأميركية في الطائرات التجارية، التي تشتريها شركات الطيران العالمية في العادة. ويقول محللون إن إعادة فرض عقوبات أميركية على طهران ستضع الاقتصاد الإيراني في زاوية حرجة للغاية، لأن الأمر لا يرتبط بصفقات الحصول على طائرات تجارية فقط، بل يمتد إلى استثمارات شركات النفط وشركات صناعة السيارات وغيرها. جوردون جوندروي: كما كانت بيونغ طوال سنوات، ستظل تتبع الحكومة الأميركية جوردون جوندروي: كما كانت بيونغ طوال سنوات، ستظل تتبع الحكومة الأميركية وكانت شركة الخطوط الجوية الإيرانية (إيران أير)، قد طلبت 200 طائرة ركاب، من بينها 100 طائرة من ايرباص و80 من بوينغ، إلى جانب 20 طائرة من شركة إيه.تي.آر الفرنسية الإيطالية لصناعة المحركات المروحية. واتفقت بوينغ في شهر ديسمبر 2016، على بيع 80 طائرة بقيمة تقدر بحوالي 17 مليار دولار بالأسعار المعلنة، إلى شركة الخطوط الجوية الإيرانية المملوكة للدولة. كما أعلنت الشركة الأميركية في أبريل الماضي، عن صفقة لبيع 30 طائرة من طراز بوينغ 737 ماكس بقيمة ثلاثة مليارات دولار لشركة طيران آسمان الإيرانية مع حقوق شراء 30 أخرى. وكانت منافستها الأوروبية، ايرباص، قد أبرمت كذلك عقودا مع ناقلتين إيرانيتين هما “إيران أيرتور” و“طيران زاغروس” لبيع مئة طائرة في المجمل في صفقة تقدر قيمتها بنحو عشرة مليارات دولار. وستلغي وزارة الخزانة بعد فترة التسعين يوما، التي تنتهي في السادس من أغسطس المقبل، أيضا ترخيصا يسمح للشركات الأميركية بالتفاوض على صفقات تجارية مع إيران، التي ستجد نفسها مجبرة لعلى مجارة الوضع الجديد. وقال مصدر مطلع على صفقة بيونغ إنه كان من المفترض أن يسري ترخيص الشركة الأاميركية العملاقة لصناعة الطائرات حتى سبتمبر 2020. وقبل تصريحات منوتشين، قال جوردون جوندروي المتحدث باسم بوينغ “كما كنا طوال هذه العملية، سنظل نتبع الحكومة الأميركية”، وأكدت ايرباص أنها ستدرس قرار ترامب، مشيرة إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويتوقع خبراء في قطاع الطيران امتثال ايرباص، التي تمتلك مصانع في الولايات المتحدة، للعقوبات الأميركية. وأوضح منوتشين أن من المحتمل أن تسعى بعض الشركات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة للحصول على إعفاءات من العقوبات أو على تراخيص جديدة لإجراء أنشطة مع إيران، لكنه لم يحدد تلك الشركات. وقال في تصريحاته إن “هذا أمر سندرسه بعناية وفي كل حالة على حدة، ولكن بصفة عامة، أقول إن الغرض هو تطبيق العقوبات على نطاق شامل”، مشيرا إلى أن هدف الإدارة الأميركية هو إغلاق النظام المالي الأميركي أمام إيران. ويقول الخبراء إن شركات الطيران الإيرانية تمكنت بالخداع والحيل من الاستمرار بالتحليق خلال سنوات العقوبات قبل الاتفاق النووي، وأنها استخدمت شركات مشبوهة لشراء قطع غيار الطائرات بل وطائرات كاملة. وحتى في الوقت الذي خففت الولايات المتحدة القيود، أبقت واشنطن الحظر المفروض على تعامل المواطنين الأميركيين مع إيران ومنعت الكيانات الإيرانية من استخدام نظام الولايات المتحدة المالي. وسيتعين على كل من شركتي طيران بريتيش أيرويز ولوفتهانزا الاختيار بين الإبقاء على رحلاتهما المستأنفة إلى طهران أو المحافظة على رحلاتهما الدولية إلى الولايات المتحدة. وتلقت إيران صفعة غير متوقعة الأسبوع الماضي، عندما قررت مجموعة الطيران الفرنسية “أير فرانس” وقف رحلاتها الجوية المباشرة بين باريس وطهران، بسبب ضعف مردودية الخطط المالية، وهو بدد فرص انعاش قطاع السياحة بالبلاد.
مشاركة :