إلى أي مدى يمكن وصف التغيير الذي تمر به المملكة العربية السعودية؟ كان هذا السؤال قائما ومتصلا بما يحدث في السعودية اليوم. والحقيقة أن سؤالا كهذا لم يعد يتسع لحجم المسافة القائمة بين معنى التغيير، ومعنى حدوثه كطريقة حياة لدى السعوديين على اتساع المملكة بأكملها. إن السعودية تمتلك مقومات كبيرة وجديدة لخلق بيئة مختلفة تنطلق من الأبعاد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي يتحرك من خلالها المجتمع السعودي، ومن هنا أطلقت الدولة أكبر وأهم مشروع يُعنى بالتغيير وبتحسين نمط حياة الإنسان السعودي منطلقا من هذه المعطيات فكان إطلاق مشروع “جودة الحياة” بمثابة منعطف هام ومصيري على مستوى الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وكانت الدولة قد مهدت اقتصاديا لمشروع جودة الحياة بإنفاق إجمالي بلغَ 130 مليار ريال، والذي تم إطلاقه فعليا عبر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وأقره مجلس الوزراء. وهو أحد أهم مشاريع التغيير الجذري بالسعودية وردا على تساؤل: هل سيستغرق التغيير وقتا طويلا. الإجابة ليست “ربما” أو “نعم”، بل الإجابة هنا تخبرنا أننا في قلب التغيير وماضون به وله كل مقومات النجاح والقوة فهذا وقته وهذا أوانه. تتطلع السعودية، بالإضافة إلى تجسيد رؤية 2030، إلى إدراج عدد من المدن السعودية ضمن قائمة أفضل مئة مدينة للعيش في العالم خلال السنوات القريبة القادمة، ويأتي مشروع جودة الحياة بمثابة طموح محقق يتطلع له السعوديون كونه يعمل على رفع جودة البنية التحتية وعلى تحسين شكل ونمط الحياة لدى كل إنسان يعيش على أرض السعودية بما فيها حياة المقيمين. وفي الأيام الماضية من الشهر الجاري وعبر ترند عالمي جرى تداول هاشتاغ حمل عبارة “السعودية الجديدة” عبر فيه المواطن السعودي عن ترحيبه بالمعنى العميق المتداول عما عرف بالسعودية الجديدة، وأظهر تباينا كبيرا في الآراء لمرحلة التغيير الحالية. جودة الحياة لم تعد مجرد كلمة تقال في مقال أو تقرير خبري، بل هي تعني اليوم واقعا حقيقيا بدأ يتجسّد على أرض الواقع، ويهدفُ لخلق أنماط جديدة تعزز معنى جودة الحياة وتتضمن تحسين حياة الأسرة السعودية وتهيئة بيئة مختلفة تتضمن الفرص الوظيفية والأنشطة واستحداث حياة عصرية ملائمة. ثمة مسار شق طريقه إلى حيث توجد حياة مختلفة وأهداف جديدة. متفائلون بشأن سعودیة قادرة على تجاوز التحدیات وتأكيد أن التغيير ليس مجرد قرار بل هو إرادة دولة وواقع قائم لا تتحقق جودة الحياة بإلقاء المسؤولية النوعية فقط وتتجاهل النصف الثاني من المجتمع وأعني النساء، فهناك تغيير في تفكيك هذه المركزية وفي التعاطي مع الحراك المجتمعي من خلال تمكين المرأة في الكثير من المجالات من أجل المشاركة المجتمعية، وفي صناعة القرار والمناصب العملية. فحظيت المرأة في هذا العهد الجديد للتغيير بحقوق متفردة من هنا وهناك، إلا أن هناك مطالبات صريحة للنساء ما زالت قائمة مثل “إسقاط الولاية” عن المرأة الراشدة ونيلها حقوقها المدنية كقرار السفر والتنقل والدراسة، حيث تتجه القرارات العليا السيادية اليوم إلى التغيير الفعلي في ما يخص الاستثمار في الشباب، رجـالا أو نساء، وتعزيز مساعي الدولة في ما يحقق أهدافها بما يتعلق بتحسين حياة الشباب السعودي من أبناء المملكة، وهو ما عُدَّ أولوية وطنية عبّر عنها مشروع جودة الحياة والعديد من القرارات والأوامر الملكية السابقة والتي ستحقق أهدافها من خلال مواطنيها الذين يمثل الشبـاب فيهم ما نسبته أكثر من 70 بالمئة وطموحهم لا سقف له. صدرت الآن قرارات داخلية وأخرى خارجية تمثل خطوات واثقة تقود البلاد إلى تحقيق هيكلة جذرية على المستـوى السياسي والاقتصادي. إرادة ملكية جادة وشجاعة غيرت وبقوة الصورة النمطية عن السعودية في الخارج ولدى السعوديين أنفسهم، ولم يعد كافيا التطلع فقط لاستشراف المستقبل، بل تحملت الدولة مسؤولية ملفات غير عادية رغم كل ما يحيط بها من أعداء وأحداث تجاوزتها مثيرة اهتمام العالم أجمع. السعودية الجديدة اليوم تعمل من منطلق مبادرات تاريخية ذات أبعاد خارجية وداخلية هدفها حماية الإنسان السعودي والوطن السعودي، فحملت الملفات الداخلية والخارجية ومضت نحو تغيير كل ما يمكن أن يعود في مجمله لصالح الحياة والوطن، بدءا من الحرب على الفساد ومكافحة الإرهاب، وصولا إلى اتفاقيات النفط والعلاقات الخارجية، وتعزيز الأمن الاقتصادي بكل أبعاده. إن الإصلاح والتحديث وإرساء نمط عيش وحياة عصرية وتعزيز الدولة المدنية هي أهداف تتطلب هذه الإرادة الحقيقية التي تحظى بها السعودية اليوم، في تحول غير مسبوق واستثنائي حازم ومختلف، يمكن القول إن مسارا ممهدا شق طريقه إلى حيث توجد حياة مختلفة وأهداف جديدة. متفائلون بشأن سعودیة قادرة على تجاوز التحدیات وتأكيد أن التغيير ليس مجرد قرار بل هو إرادة دولة وواقع قائم.
مشاركة :