إمام المسجد النبوي: الضرورة ملحة لكل مسلم أن يتشبع قلبه بتدبر معاني الأسماء الحسنى لربه

  • 5/11/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أكد الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي اليوم، أن الإيمان بأسماء الله الحسنى، وصفاته، أحد أقسام التوحيد، وهو من مقتضيات الإيمان بالله جل وعلا، العلم بها ومعرفتها والتعبد لله بها له منزلة عظيمة، ومكانة عالية. وقال خطيب الجمعة: المؤمن يثبت لله ما أخبر به سبحانه عن نفسه وما أخبر به عنه رسول من الأسماء الحسنى والصفات العلا إيمانًا بكل ذلك بلا تشبيه بصفات خلقه ولا تكييف لها ولا تكييف المشبهة، وبدون تحريف للكلم عن موضعه، والمؤمن كذلك ينزه الله ويقدسه تنزيهاً عن النقائص والعيوب بلا تعطيل، بل نفي ما نفاه عن نفسه النفي المتضمن لكمال صفاته النفي المجمل المتضمن ثبوت ضد الصفات المنفية ففي قوله تعالى: (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ) فهم يثبتون كمال علمه، وفي مثل قوله تعالى: (وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) يثبتون كمال قدرته . وأضاف: المؤمن إيمانه وفق ما نطقت به النصوص الشرعية من غير تحريف ولا تكييف، ولا تعطيل ولا تشبيه وتمثيل، فليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله بل هو الكامل الكمال المطلق في أوصافه وأسمائه وأفعاله قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وأردف: قال ابن عبدالبر: (أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن الكريم والسن، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئًا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة)، وسئل مالك رحمه الله عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) كيف استوى فقال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة)، وهو مروي عن أم سلمه وعن شيخه ربيعه . وتابع: أسماؤه الحسنى وصفاته العليا هي أساس عبادة الله على الوجه الأكمل وتنزيهه وحمده والثناء عليه، قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ): وقوله تعالى: (فَادْعُوهُ بِهَا) شامل لدعاء العبادة، ولدعاء المسألة بأن يدعي في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب فيقول الداعي مثلاً اللهم اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم وتب عليّ يا تواب وارزقني يا رزاق وألطف بي يا لطيف وهكذا. وقال "آل الشيخ": إذا حاصرتك الحاجات، وداهمتك الخطوب، والتفت من حولك الهموم فالجأ إلى الأحد الصمد فهو المقصود في الرخاء والشدائد، وهو وحده الذي يقصد ويلجأ إليه عند الكروب والرغائب. وأضاف: هو المستغاث به عند المصائب والمفزوع إليه وقت النوائب... نحن في كل لحظة في ضرورة عظمى إلى ربنا العظيم الأحد الصمد وإلى أن نعمد إليه دعاء وتضرعاً محبة وإخلاصاً، وخوفاً وطمعاً، كم نحن في ضرورة قصوى إلى أن ندعوه في الرخاء والشدة، وأن نرجوه في النعماء والضراء نتضرع إليه ونفزع إلى جنابه لننعم بالمقاصد العليا والمطالب الجزيلة في الدنيا والأخرى. وأردف: كم نحن في حاجةٍ ماسة إلى نفرغ قلوبنا من غيره سبحانه لنلجأ إليه وحده بأسمائه الحسنى وصفاته العلى قال تعالى: (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، قال ابن تيمية: (والمقصود هنا أن الخليلين محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام هما أكمل خاصةٍ الخاصة توحيداً... وكمال توحيدهما بتحقيق إفراد الألوهية وهو أن لا يبقى في القلب شيء لغير الله أصلاً) . وتابع: كم يشعر الإنسان في هذه الحياة بحالات يكون فيها في خطر عظيم، فلا مفر من تلك الأخطار إلا بالحفيظ المتين الصمد العظيم، فهو وحده من يحفظ مصالحك وهو الذي بيده دفع الضرر والخطر عنك، فهو الذي يحفظ أولياءه من الهلكات ويلطف بهم في جميع الحركات والسكنات الله هو الأحد الصمد الذي يصمد إليه في الحوائج والمسائل ويقصد الخلائق كلها، في جميع حاجاتها، وأحوالها وضروراتها، لما له سبحانه من الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. وقال "آل الشيخ": كيف يشقى المسلم وربنا الأحد الصمد المتصف بكل كمال هو السيد الذي كمل سؤوده والشريف الذي كمل في شرفه والغني الذي كمل في غناه والجبار الذي قد كمل في جبروته والعالم الذي كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في جميع صفات الشرف والسؤدد والكرم والجود وسائر أوصاف العظمة والكبرياء، والمجد والجلال والعزة والقهر والقدرة والجبروت والرحمة والبر. وأضاف: إليه أيها العبد فارغب وأخلص له العبادة والتوكل والرجاء والخوف والحب والإنابة والإخبات والخشية والتذلل والخضوع: (فَإِذَا فَرَغْت فَانْصَبْ وَإِلَى رَبّك فَارْغَبْ)، ويا من ضاقت عليه السبل، وصعبت عليه الحيل، اقصد باب ربك، وانطرح بين يديه، فإذا ضاقت بك الأحوال يومًا فثق بالواحد الفرد العلي. وأردف: هو سبحانه اللطيف بعباده الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا وأدرك البواطن والخبايا: (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)، (إِنَّ رَ‌بِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ) فهو اللطيف الذي إذا أراد شيئًا هيأ أسبابه بكامل اللطف وتمام الخفاء حتى إنه ليقع ما يستحيل في العادة وقوعه. وتابع: هو ذو الكرم المتناهي فمتى تواطأت ضدك الكروب وتكالبت عليك الأزمات فالجأ إلى الصمد الجبار الذي يجبر الكسير وينجي المكروب ويكشف الضراء والبأساء فما من أسى إلا وهو رافعه وما من مرض إلا وهو شافيه وما من بلاء إلا وهو كاشفه فهو ذو القدرة الكاملة بقدرته والمشيئة النافذة يرفع الكروب ويكشف الخطوب (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ) ، (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ)، فالجأ أيها المسلم إلى المسّلم إلى ربك الذي بالقرب منه تجد أنساً وسروراً وصلاحاً وزكاءً وفلاحاً ونجاحاً وسكينةً واستقراراً. وقال "آل الشيخ": روى أهل السنن عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا رجل يصلي، يدعو، يقول: "اللهم إني أسالك، بأني أشهد ألا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. وأضاف: الضرورة ملحة لكل مسلم أن يتشبع قلبه بتدبر معاني الأسماء الحسنى لربه وماله من لفوت الجلال وصفات الكمال، حينئذ يثمر ذلك له عجائب الإيمان وكمال اليقين فتجده لا ينزل حاجاته إلا بالله متبرئاً قلبه من الحول والقوة إلا بالله فقلبه معلق بالله وبمعرفته ومحبته وإجلاله وحياته كلها لله على حد قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) .

مشاركة :